إذا كنت تسمع كثيرًا عن مصطلح الذكاء الاصطناعي ولا تفهم فهمًا جيدًا ماذا يعني هذا المصطلح، أو كيف يعمل الذكاء الاصطناعي؟ فإن الكاتب الأمريكي ريموند كورزويل في كتابه (كيف تصنع عقلًا) يوضح لك كيف يعمل الذكاء الاصطناعي بواسطة شرحه لعمل العقل البشري أولًا، والانتقال إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي بطريقة ممتعة.
وفي هذا المقال نقدم لك ملخص كتاب (كيف تصنع عقلًا) في تجربة سريعة وممتعة وثرية في السطور التالية.
عن الكتاب
يعد الكاتب راي كورزويل من أبرز الأسماء التي يمكنها أن تكتب عن الذكاء الاصطناعي؛ لأنه يعمل في مجال التكنولوجيا منذ سنوات طويلة، إضافة إلى كونه مخترعًا وعضو في الجمعية الأمريكية للفنون والعلوم، ثم له نشاط كبير في مجال الكتابة والخيال العلمي، ويعد كتابه (كيف تصنع عقلًا) من الكتب التي حققت نجاحًا واسعًا في المدة الأخيرة، وتُرجم إلى لغات عدة منها اللغة العربية.
ـ يتناول الكتاب أسرار العقل البشري وفي يشرح الكاتب الذي يملك خبرات واسعة في مجال التكنولوجيا إمكانات الذكاء الاصطناعي، فنفهم عمل الآلات الذكية بواسطة فهمنا لعمل الدماغ البشرية، وذلك بتحليل الآليات العصبية وتبسيط بعض النظريات التي يقدمها الكاتب مثل نمط التعرف على نظرية العقل، وبذلك الوصول إلى محاكاة الآلات للعقل البشري، وهو ما قد تتجاوزه الآلات بعد مدة.
التعرف على الأنماط
تعد نظرية التعرف على الأنماط وسيلة لمعرفة كيف يعمل الدماغ كونه شبكة عصبية معقدة، فيقول الكاتب إنه منذ ولادة الإنسان يبدأ الدماغ في جمع المدخلات الحسية، ويتعرف على الأنماط، وهو ما يعد صميم عملية الذكاء والتفكير.
فيتعرف الطفل على ملامح أمه في رد فعل قد يبدو بسيط لكنه معقد، فيعد وجه الأم للطفل نمطًا متكررًا؛ وعلى هذا يعمل الدماغ مع كل المدخلات الأخرى سواء كانت بصرية أو حسية أو سمعية ويضعها في نظام هرمي، ويدمجها ويجردها من نمطها المعقد؛ وبذلك تمثل هذه الأنماط فهم الشخص للعالم من حوله
يشير الكاتب بعد ذلك إلى نظرية الأنماط بكونها وسيلة لتطوير الذكاء الاصطناعي التي تسمح للآلات بتحليل البيانات بكميات هائلة، والتعرف بعد ذلك على أنماط عدة لا يمكن للإنسان إدراكها بالعين المجردة؛ وعلى هذا يمكن تطوير قدرة الآلات على الاستنتاج كما يفعل الدماغ البشري، وبذلك يتطور الأمر من مرحلة الإدراك الأساسية إلى مرحلة الابتكار غير المحدودة.
كيفية معالجة الدماغ للمعلومات
يوضح الكاتب راي كورزويل كيفية معالجة الدماغ للمعلومات بما يسميه هرم الأنماط المعرفية الموجود في الدماغ، فيعد كل مستوى من الهرم مستوى صعوبة أو تعقيد مختلف عن الآخر، ويعتمد كل مستوى على المستوى الأقل تعقيدًا منه في تفسير الأمور والتطور والاستنتاج في حالة ديناميكية متطورة تغذيها المعارف والتجارب والخبرات التي يتعرض لها الإنسان.
ـ يقدم الكاتب مثالًا بسيطًا على هذا الأمر عندما يتعرف الدماغ البشري على الأصوات الأساسية، ثم يتقدم في الهرم المعرفي، فتظهر الكلمات ثم العبارات وبعدها الجمل المعقدة والمعاني؛ ليبدو الأمر على شكل هرمي تتجمع فيه العناصر البسيطة وتصل إلى قمة معقدة، وكلما ازدادت خبرات الإنسان ومعارفه في هذه الناحية؛ ازداد الهرم زخما وديناميكية من أبسط مستوياته إلى أكثرها تعقيدًا، وهو ما يمكن تطبيقه على كل المعارف والمدخلات التي يتعامل معها الدماغ البشري يوميًّا.
بهذه الطريقة يبدأ الإنسان في تطوير الذكاء الاصطناعي، فيصنع بنية هرمية من المعلومات والأنماط وكيفية معالجة المعلومات، لذا تبدأ الآلات في التصرف بأسلوب أقرب إلى البشر في قدرتها على المعالجة والتطور كلما زادت المدخلات، وهو ما أصبح يحدث بسرعة غير محدودة نتيجة اتصال الآلات بالإنترنت، وهو ما يجعل قدرتها على تطوير الأنماط غير محدود نظريًّا في الفترات القادمة.
ربط الدماغ البشري بالذكاء الاصطناعي
يوضح الكاتب في هذا الجزء كيفية الاستفادة من كفاءة وتعقيد الدماغ البشري في عملية تطوير الذكاء الاصطناعي وتقدم الآلات، فيشبه شبكات الدماغ العصبية الموجودة لدى الإنسان بالخوارزميات لدى الآلات في مسألة معالجة المعلومات التي تعتمد في الأساس على الهياكل الهرمية والأنماط.
ويضرب مثالًا بالكمبيوتر الذي يلعب الشطرنج الذي يعتمد على نظام أولي في الذكاء الاصطناعي، وصع فيه المتخصصون مجموعة من الأنماط الخاصة بلعبة الشطرنج، وكيفية تطوير هذا الكمبيوتر مع تطور الذكاء الاصطناعي واعتماده على منهج الدماغ البشري الذي يتحدث عنه الكاتب ويصفه بنظرية الأنماط الهرمية.
يوضح الكاتب كيف تطور أداء الذكاء الاصطناعي كثيرًا بعد ربطه بآلية عمل الدماغ البشرية، والأكثر من ذلك هو القفزة الكبيرة التي يتوقعها الكاتب في أنظمة الذكاء الاصطناعي بعد التجارب التي تجري حاليًّا من أجل إكساب أنظمة الذكاء الاصطناعي صفة مهمة من صفات الدماغ البشري، وهي قدرته على التعلم من خبراته وتجاربه السابقة، وكذلك التكيف مع الأحداث والظروف والمتغيرات، وبذلك يستطيع الذكاء الاصطناعي في الأيام القادمة أن يعيد تنظيم هياكله تنظيمًا مستمرًا.
الذكاء الاصطناعي مقابل الذكاء البشري
لم يفوت الكاتب فرصة المقارنة بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي بوجود التشابهات والاختلافات بين البشر والآلات والحديث عن إمكانية تفوق الذكاء الاصطناعي في مرحلة من المراحل، وهو ما حدث فعلًا في عدد من المهام على سبيل المثال تمكنت بعض الأجهزة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي من هزيمة أبطال العالم في الشطرنج؛ على الرغم من أنها اعتمدت في الأساس على مجموعة معارف وأنماط تتعلق بهؤلاء الأبطال؛ فإنها تجاوزتهم واستطاعت هزيمتهم.
وهنا يشير الكاتب إلى قدرة الإنسان على تجاوز القيود وقدرته على الإبداع غير المحدود في سياقات مختلفة، وهو ما لا يتوافر للذكاء الاصطناعي، إضافة إلى قدرة الدماغ البشري على التكيف والتعلم والتفاعل، لكن الأمر لا يضمن للإنسان التفوق خصوصًا مع تطور ما يعرف بالذكاء الاصطناعي الفائق الذي يستهدف الوصول إلى تجاوز أفضل ما وصلت إليه العقول البشرية في كل المجالات مع اكتساب مهارات اجتماعية، وقدرة على الإبداع والتعامل مع المعضلات الأخلاقية، وهو ما قد يؤدي إلى مستوى مرعب يتجاوز العقل البشري في مرحلة من المراحل.
كيف يستفيد الذكاء البشري من الذكاء الاصطناعي؟
أحد الأسئلة الغريبة التي يطرحها الكاتب عن إمكانية استفادة العقل البشري من الذكاء الاصطناعي بتحسين وظائف الدماغ البشري مثل الذاكرة والمعرفة والقدرة على التعلم والقدرة أيضًا على حل المشكلات، فيستطيع الإنسان بعد ذلك التعامل مع كمية كبيرة من المعلومات والقدرة على معالجة البيانات بطريقة أكثر كفاءة وفاعلية، لكن الكاتب لم يوضح آلية معينة لحدوث هذه الاستفادة ويتركها في خانة التوقعات المستقبلية.
ومن ناحية أخرى يتحدث الكاتب عن إمكانية الذكاء الاصطناعي الكبيرة التي يمكن استغلالها في التغلب على بعض المشكلات مثل الاضطرابات العصبية وعلاج بعض الأمراض مثل السكتة الدماغية وألزهايمر، وهو ما يعد نوعًا من أنواع الطب والعلاج القائم على الآلات الذكية التي تستطيع التشخيص واتخاذ القرارات والقيام بالإجراءات العلاجية.
وفي الأخير يترك الكاتب بعض الأسئلة دون إجابات تتعلق بالحدود التي تفصل بين الإنسان والآلة والتداخل بين الذكاء الاصطناعي والذكاء البيولوجي، وكذلك يتساءل عن مستقبل تطور البشرية مع دمج الآلات في معظم نواحي الحياة، ويدعو القراء للتفكير في الطريقة التي يمكن للإنسان أن يتعامل بها مع الواقع الجديد.
وفي نهاية هذا المقال الذي تضمن ملخص كتاب (كيف تصنع عقلًا) للكاتب والمخترع الأميركي ريموند كورزويل نرجو أن نكون قدمنا لك المتعة والإضافة، ويسعدنا أن تشاركنا رأيك في التعليقات ومقترحاتك عن مقالات أخرى ترغب في قراءتها على جوك.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.