ملخص كتاب «عار الجوع» لديفيد ريف

في العصر الذي تقفز فيه البشرية قفزات واسعة على مستوى التطور التكنولوجي والرفاهية الرقمية إلى حد مذهل، يتوازى ذلك مع سهولة كبيرة في الاتصال والتفاعل بين أطراف المعمورة، فإنه من العار الكبير أن يعاني ملايين البشر من الجوع. هذه هي الفكرة الرئيسة التي يقوم عليها كتاب عار الجوع الذي نتناوله في هذا المقال، ونقدمه ملخصًا للكتاب يتضمن طرح أهم الأفكار والمقترحات التي يقدمها الكاتب لتجاوز هذه المأساة الإنسانية.

عن الكتاب

يأتي كتاب عار الجوع للكاتب الأمريكي والمحلل السياسي ديفيد ريف، الذي عمل محررًا ومحاضرًا، إضافة إلى عمله في معهد نيويورك للعلوم الإنسانية وقسم الأسلحة في مؤسسة هيومن رايتس ووتش ومعهد السياسة العالمية، وكان ناقدًا لسياسات أمريكا في حرب العراق. إضافة إلى ذلك، كانت كتبه دائمًا محل اهتمام كبير على المستوى العالمي، ومنها هذا الكتاب الذي صدر عام 2015 وحقق نجاحات كبيرة، وتُرجم إلى عدد من اللغات، ومنها اللغة العربية.

الكاتب الأمريكي والمحلل السياسي ديفيد ريف مؤلف كتاب "عار الجوع"

يحمل الكتاب اسمًا ثقيلًا وهو "عار الجوع: الغذاء والعدالة والمال في القرن الحادي والعشرين"، ويتناول أزمة الجوع التي تواجه الإنسانية في زمن يغرق فيه العالم في الثراء، ويوضح الكاتب هذا التناقض الرهيب في توضيح الأسباب التي أدت إلى هذه القضية، ويشرح كيف أن الحلول الجارية لم تعد كافية، لذا يقدم الكاتب ديفيد ريف مجموعة من الاستراتيجيات والحلول التي يرى من وجهة نظره أنها قد تساعد كثيرًا في القضاء على مشكلة الجوع.

كيف تطورت مشكلة الجوع في العصر الحديث؟

يُشير الكاتب إلى الجهود غير الكافية التي تستهدف القضاء على الجوع، وكذلك التوزيع غير العادل للموارد، إذ يقول ديفيد ريف إن الغذاء الموجود في العالم يكفي للجميع، لكن الخيارات السياسية الدولية، إضافة إلى الأنظمة الاقتصادية، تُعبر عن الفشل العالمي في التعامل مع مشكلة الجوع، إن لم تكن سببًا رئيسًا في المشكلة.

الغذاء يكفي الجميع في العالم لكن الخيارات السياسية والأنظمة فشلت في مواجهة مشكلة الجوع

ومن ذلك ينطلق الكاتب في الإشارة إلى التكنولوجيا بكونها إحدى الوسائل المهمة التي تستطيع مواجهة مشكلة الجوع، عن طريق إنتاج المحاصيل التي لا تعتمد على المبيدات التي يمكن تطويرها بفضل المنظمات المعدلة وراثيًّا، وهذا ما يمكن معه تحويل الإنتاج الزراعي المنخفض والتقليدي في بعض الأماكن إلى إنتاج قادر على إشباع متطلبات السكان، وهو ما يفتح الباب أيضًا للحديث عن الشركات التي تتحكم في تلك التكنولوجيا، إضافة إلى براءات الاختراع، لذا فالأمر له بعد أخلاقي كبير بجانب التكنولوجيا والعلم والقدرة على إنتاج الغذاء.

التناقضات الاقتصادية في الأمن الغذائي

في هذا الجزء، يشير الكاتب ديفيد ريف إلى التفاوتات الكبيرة في الأمن الغذائي والثروة الاقتصادية التي يمكن معها رؤية جماعة صغيرة من السكان تتمتع بثروات هائلة، في حين يكافح عدد كبير من البشر من أجل الحصول على الطعام وبعض الحاجات الأساسية، وهو ما يؤثر مباشرة في فكرة الأمن الغذائي العالمي.

وهنا يوضح الكاتب أن هذه التناقضات الاقتصادية والتفاوتات الكبيرة ليست مجرد فكرة امتلاك الثروة، وإنما أيضًا من يتحكم في الأمور، ومن يدير ويتخذ القرارات، إذ توجد دول عدة غنية يعاني بعض سكانها من مشكلة الجوع وسوء التغذية، وهو ما يمكن ملاحظته أيضًا في النظام العالمي، وتحدد النظم من يستطيع الحصول على المساعدات ومن لا يستطيع، حتى في أوقات الأزمات والمجاعات شديدة الخطر، فإن لهذه النظم حسابات أخرى غير إنسانية.

إضافة إلى ذلك، يوجد احتكار لإنتاج الغذاء بغرض الربح وتكوين الثروات، وهو ما يعود إلى عدد قليل من المؤسسات والشركات التي تضخ هذا الغذاء في المجتمعات الغنية القادرة على دفع ثمنه، وبذلك يُهدر كميات كبيرة من الغذاء دون أن يستفيد منها الأغلبية التي تعاني الجوع وقلة الغذاء.

المساعدات الدولية ومشكلة الجوع

يتحدث الكاتب ديفيد ريف عن فعالية المساعدات الدولية في مواجهة مشكلة الجوع العالمي التي يمكن عدها أملًا بسيطًا، خاصة لتلك الدول التي تواجه الأخطار والمجاعات التي ساعدت كثيرًا على تحسين حياة كثير من الأشخاص، مع ذلك توجد كثير من التعقيدات والآليات التي تحكم هذه المساعدات على مستوى السياسة والجغرافيا والبيروقراطية.

تؤدي المساعدات الدولية أحيانًا إلى حدوث مشكلات داخلية في المناطق التي تتجه إليها

يشير الكاتب أيضًا إلى أن المساعدات الدولية قد تؤدي إلى حدوث مشكلات داخلية في المناطق التي تتجه إليها، فقد يؤدي الأمر إلى مشكلات في دورة الإنتاج والتسويق، فعندما يجد المزارعون والمنتجون أن الغذاء قد توفر مجانًا أو في الأقل بأسعار منخفضة، فيؤدي الأمر إلى التوقف عن الزراعة والإنتاج، وهنا ينصح الكاتب بأن تكون المساعدات في صورة مجموعة من النظم الدائمة، وليس فقط في صورة الإغاثة الفورية، لتساعد المجتمع على الإنتاج والنهوض الدائم والمستمر، ولا تقتصر فقط على إطعامه في مدة محددة.

تناقضات الجوع والوفرة

تُعد هذه الجزئية من كتاب عار الجوع للكاتب الأمريكي ديفيد ريف من أهم الجزئيات، إذ تتناول فكرة الجوع في زمن الوفرة والثراء، وهو ما يحيله الكاتب إلى مجموعة من النقاط التي تؤدي إلى هذه الحالة الغريبة، ومنها عدم المساواة التي تمنح الثروة للقليلين نتيجة الأنظمة الاقتصادية المائلة، إضافة إلى عدم الاضطلاع بالمسؤولية الأخلاقية كأفراد ومجتمعات، وهو ما يشير إلى غياب مفهوم العدالة والضمانات، لذا فإنّ الأمر يتطلب التصدي لهذه المشكلة بمبادرات جذرية وإصلاحات سياسية واقتصادية وأخلاقية أيضًا.

لمواجهة الجوع لا بد من الابتكار الزراعي الذي يوفر المحاصيل القادرة على النمو رغم الجفاف والمناخ

كيف يواجه العالم مشكلة الجوع؟

يقدم الكاتب ديفيد ريف مجموعة من الرؤى والحلول التي يظن أنها قادرة على التعامل مع مشكلة الجوع في العالم، ومنها:

  • الابتكار الزراعي الذي يوفر المحاصيل القادرة على النمو على الرغم الجفاف والظروف المناخية الصعبة.
  • توزيع الغذاء بطريقة عادلة وتخزينه بكفاءة وفعالية تقلل من الهدر.
  • المبادرات الشعبية في مواجهة مشكلة الجوع، إضافة إلى التعاون العالمي.
  • تشجيع دور التجارة العادلة التي تضمن للفلاحين والمنتجين المحليين حصصًا عادلة من الأرباح.

يتحدث الكاتب أيضًا عن إعادة هيكلة توجيه الدعم والمساعدات لتسهم في حل مشكلة الجوع دون الإضرار بمسار العملية الإنتاجية المحلية، ويؤكد الكاتب على الاعتبارات الأخلاقية التي تؤثر كثيرًا في ظهور المشكلة وحلها، مثل اعتبارات الهدر والاستهلاك، وهو أمر لا يمكن أن يخضع للقوانين بقدر ما يخضع للتوجيه الذاتي والأخلاقي، إذ يجب أن يشعر الإنسان من تلقاء نفسه بالمسؤولية تجاه الآخر، ولا بد أن تتجاوز الإنسانية هذا العار الذي لا يتناسب أبدًا مع هذه الموارد الهائلة والتقدم الرهيب والقدرة الكبيرة على حل مشكلة الجوع في مدة قياسية.

وفي الأخير نرجو أن يكون مقالنا الذي تضمن ملخص كتاب عار الجوع للكاتب الأمريكي ديفيد ريف، قد قدم لك المتعة والإضافة، وندعوك لقراءة الكتاب الأصلي للحصول على كامل الفائدة، ويُسعدنا كثيرًا أن تشاركنا رأيك في التعليقات، ومشاركة المقالة على مواقع التواصل لتعم الفائدة على الجميع.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة