ملخّص كتاب "خوارق اللاشعور أو أسرار الشخصيّة الناجحة"

نسعى إلى تطوير ذواتنا باستخدام ما يتوفر لنا من أدوات للتعلّم والمعرفة وبذل للجهد اللازم بهدف تحسين مراكزنا المهنيّة والاجتماعية، ولكن يصاب البعض أو الكثير منّا بخيبة الأمل، فما نحقّقه لا يصل لمستوى توقعاتنا وطموحاتنا. نحن نعرف أن تحقيق النّجاح المطلوب يتطلّب تضامن الجهد الذّهنيّ والجسديّ وتكريس الوقت لذلك، ولكن هناك جانب مهم منّا لا نوليه ذات الأهميّة...  ألا وهو...الجانب اللاشعوري.                           

يتطرّق الدكتور عليّ الوردي في كتابه "خوارق اللاشعور أو أسرار الشخصيّة النّاجحة" لأثر الحوافز اللاشعورية في تحقيق النّجاح والإنجازات العظيمة مستعرضًا بذلك أمثلة عدّة من هذه الخوارق محاولًا تفسيرها من الناحية الفلسفيّة والعلميّة بلغة واضحة ومفهومة وأسلوب ممتع. ويتألف هذا الكتاب من خمسة فصول:

1. في الفصل الأوّل "الإطار الفكري":  يوضح المؤلف أن هناك قيود تقيّد عقل الإنسان في نظرته إلى الحقيقة تجعله يرى الأمور من منظار معين، وهذه القيود هي الَّتي يتألف منها الإطار الفكري (اللاشعوري) للإنسان وهي القيود النفسيّة والاجتماعيّة والحضاريّة الَّتي تنتج من علاقة الإنسان ببيئته وتأثره بها. ويضيف المؤلف أن هذا الإطار اللاشعوري لا يستطيع الإنسان التخلّص منه تماماً، فهو إطار لا شعوري؛ الإنسان لا يستطيع التخلّص من شيء لا يشعر به. ويضيف المؤلف أن الإنسان المبدع هو من يدرك وجود هذا الإطار ويدرك أنه متحيّز في تفكيره ولا ينكر ذلك.

2. بينما ينتقد عليّ الوردي في فصله الثّاني "المنطق الأرسطوطاليسي" مبينًا أن هذا المنطق يهدف إلى جعل التّفكير يسير وفق منهج ثابت يعصمه من الخطأ في حين أن الواقع متغيّر. ويعتقد أتباع هذا المنطق أن الحقيقة ثابتة وليست نسبية وهذا ما يجعل النّاس ينظرون للحقيقة من منظور واحد ويعتبرونها مطلقة. ويذكر الوردي أن هذا المنطق قد تغلغل في أعماق عقولنا بحيث أصبحنا متأثرين فيه لا شعوريًا، ثمّ انتقد عليّ الوردي القوانين الثلاثة الَّتي وضعها المناطقة القدماء وهي قوانين "الذاتيّة"، و"عدم التناقض"، و"الوسط المرفوع"؛ حيث يوضّح الكاتب أن الحركة هي أساس الكون وأن الحقيقة المطلقة غير موجودة في الحياة الاجتماعية وإن هي وجدت فالعقل البشريّ لا يستطيع فهمها لأنه مقيد بالإطار الفكري. ويضيف المؤلف أن العلم قد أثبت أن المادة ليست موجودة في مكان معين بل هي موجودة هنا وهناك في نفس الوقت فهي مؤلفة من طاقة كهربائيّة، وفي حين أن المجال الكهربائي المغناطيسي يشمل الكون كله.

3. وفي الفصل الثّالث "الإرادة والنّجاح" يبيّن لنا عليّ الوردي أن الإرادة وحدها لا تكفي لتحقيق النّجاح والإنجاز المطلوب وأن عبارة "من جد وجد ومن سار على الدرب وصل" هي في الحقيقة عبارة خاطئة، فلا بد من توفر القدرة لدى الفرد للوصول إلى أهدافه. وتحدّث المؤلف عن نظرية الجهد المعكوس موضحًا أن الإنسان الناجح هو من يتخيّل النّجاح، فإن تخيّل عكس ذلك فلن يحقق النّجاح المطلوب بالرّغم من جهده وسعيه... فمثلًا لو كان هناك شخص يسير على حافة جبل فإنه ما يكاد يتخيّل أنه سيسقط حتَّى يسقط فعلاً.... كما أن على الإنسان أن يقوم بالعمل بشيء من الهدوء، والاسترسال، والارتجال، وعدم التقيّد بالدقة الشديدة أو التكلّف في العمل، بل والسّماح لومضات اللاشعور بالانبعاث..

4. يقدّم لنا عليّ الوردي في الفصل الرّابع "خوارق اللاشعور" أمثلة واقعية عن هذه الخوارق مستعرضًا في ذلك مختلف الفرضيات العلميّة الَّتي فسّرت مثل هذه الظواهر ومنها فرضية سينل الَّتي تعتقد بوجود حاسة سادسة في الإنسان تمكّنه من إدراك أشياء لا يمكن إدراكها بواسطة الحواس الخمس المعروفة. كما أنه يعتقد بأن كل مادة في الكون تبعث ذبذبات... ويرى أن الحاسة السادسة هي ناتجة عن نتوء صنوبري صغير موجود في أسفل دماغ الإنسان... وعن طريق هذا النتوء يستطيع الإنسان استقبال الذبذبات من الخارج والتأثر بها. مال كثير من الباحثين إلى تفسير الإحساس الخارق إلى وجود أمواج أو ذبذبات خفية يتأثّر بها الإنسان من حيث لا يشعر..

ويذكر الدكتور عليّ الوردي أن العقل الباطن هو عقل الإيمان والعقيدة الرّاسخة بينما العقل الظاهر هو عقل التّفكير والشكّ والتفلّسف، فإذا أردت استخدام عقلك الباطن استخدامًا صحيحًا في النّوم أو غيره، فعليك أن تبتعد عن كل ما يدعو إلى التّفكير والتدليل والتفلّسف. وفي حين شدّد المؤلف على أهميّة قوّة العقيدة وليس صحّتها في التّأثير على العقل اللاشعوري.

5. ويبيّن الفصل الخامس "النّفس والمادة " العلاقة بين المادة والفكر، فالفكر يؤثر على الجسد فما يكاد الإنسان يخجل حتَّى تحمرّ وجنتاه... والفكر يتأثر بالمادة فحينما يشرب الإنسان مشروباً مسكراً يفقد عقله... كما أكد المؤلف على أهميّة مسألة الإيحاء؛ فالإنسان حينما يوحي لنفسه مثلًا بأنه ليس مريضاً فإنه يُشفى... ويشير الوردي إلى أن الإنسان كلّما تعقدت حضارته المادية وزادت ثقافته العقلية ضعفت بذلك قواه النفسيّة، كأنما النّفس والمادة على طرفي نقيض، فلا تنمو إحداهما إلا على حساب قوّة الأخرى.

 "إن العظمة مزيج غريب بين مواهب الشعور واللاشعور؛ فالعظيم يسعى ويكدّ، ويدقّق ويحقّق، حتَّى إذا دنت ساعة الحسم يضرب ضربته القاصمة الَّتي لا تخضع لتدقيق ولا تحقيق."  د. علي الوردي

مترجمة وكاتبة، أصدرت مؤخرا مجموعتها القصصية"لحظات نايضة". عملت في القطاع المصرفي لسنوات عديدة ثم اتجهت للترجمة والكتابة مؤخرا. حاصلة على شهادة الماجستير في ترجمة اللغة الإنجليزية وبكالوريس إدارة أعمال وإقتصاد وشهادة مهنية متخصصة أمريكية في المحاسبة الإدارية والمالية.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

نبذة عن الكاتب

مترجمة وكاتبة، أصدرت مؤخرا مجموعتها القصصية"لحظات نايضة". عملت في القطاع المصرفي لسنوات عديدة ثم اتجهت للترجمة والكتابة مؤخرا. حاصلة على شهادة الماجستير في ترجمة اللغة الإنجليزية وبكالوريس إدارة أعمال وإقتصاد وشهادة مهنية متخصصة أمريكية في المحاسبة الإدارية والمالية.