صَدَرَ هذا الكتاب عام 1951م ويتحدث كاتبه عارف باشا العارف، عن تاريخ القدس باختصار منذ عهد اليبوسيين في سنة 3000 ق.م حتى أواخر عهد الانتداب البريطاني عام 1947م، وقد استقى كاتبنا بكتابة كتابه هذا عشرات الكتب والمراجع العربية والأجنبية.
القدس في عهد اليونان (332 ق.م)
في عام 332 ق.م، احتل الإسكندر الثالث إبن فيليب المقدوني يروشاليم، وذلك بعد انسحاب الفرس منها، فدخلها دون أن يسفك الدماء. ومع أنه كان ينوي تدميرها، لكن اليهود استقبلوه هم وشيوخهم وكهنتهم طالبين العفو منه؛ فعفا عنهم وأعفاهم من دفع الجزية، وأمرهم بالانخراط في جيشه.
بعد ما مات الإسكندر في عام 323 ق.م، اقتسم قُوَّاده المُلك؛ فأخذ (سلوقس) (سوريا) وأسس هناك دولة السلوقيين، في حين أخذ (بطليموس) (مصر) و(يروشاليم/هيروسليما) وأسَّس هناك دولة البطالسة.
وقد أسر (بطليموس) من اليهود مئة ألف وأرسلهم إلى (مصر) في عام 320 ق.م. لكن (هيروسليما) لم تدم لهم طويلًا؛ ففي عام 168 ق.م، انتقلت (هيروسليما) إلى حكم السلوقيين عندما احتلها (أبيفانس)، فدمر حصونها ونهب هيكلها وقتل من اليهود ثمانين ألفًا في ثلاثة أيام، وذلك بدعمٍ من (منلاوس) رئيس أحبار اليهود الذي خان قومه.
كان (أنطيوخس الخامس) ما زال صغيرًا حينما تولى الحكم بعد وفاة والده الملك (أنطيوخس الرابع) في عام 164 ق.م، لذلك أصبح (لسياس) في عام 162 ق.م وصيًّا على العرش. وتآمر على اليهود مع سكان (يافا)، فأغرق عددًا كبيرًا منهم في البحر، وأرسل جيشًا كبيرًا لمحاصرة (هيروسليما)، لكنه تراجع بعد ذلك؛ بسبب اندلاع الثورة في (سوريا)، والتي كان من نتائجها انتصار خصمه (ديمتريوس الأول).
حينما تولى (ديمتريوس) الحكم، عيَّن (بكيديس) على رأس إدارة (هيروسليما)، فأقدم (بكيديس) على تنصيب (الكيمس) رئيسًا للأحبار. (وبكيديس هذا يهودي من بني هارون الذين لا يستحقون الرئاسة، وكان اسمه يواقيم، لكن بكيديس سماه بهذا الاسم تشبهًا باليونان)، كما وضع (ديمتريوس) تحت تصرفهما جيشًا كبيرًا، وقد قامت بين الفريقين حروب سالت فيها دماء كثيرة.
تولى (نكانور) الإدارة بعد (بكيديس)، وفي عهده نشبت حرب بين اليونانيين والمكابيين، قُتِل على إثرها (نكانور). فأقدم (ديمتريوس) على تعيين (بكيديس) مجددًا على إدارة (هيروسليما)، وبالطبع عاد (الكيمس) هو الآخر، فتجددت الحروب مرة أخرى، وقُتل المكابي (يهوذا) في عام 160 ق.م.
بعد ذلك، حدث خلاف شديد بين (ديمتريوس) ومنافسه الإسكندر بن أنطيوخس بن أبيفانس؛ فاستغل المكابيون هذا الخلاف، فاعترف (الإسكندر) بـ(يوناثان) الذي قاد المكابيين بعد مقتل أخيه (يهوذا) رئيسًا للأحبار، في حين وعد (ديمتريوس) سكان (هيروسليما) بإعفائهم من دفع الجزية. ومع ذلك، فقد انتصر (الإسكندر) على خصمه (ديمتريوس) في عام 150 ق.م، وبذلك كانت الغلبة للمكابيين.
القدس في عهد الرومان (63 ق.م)
في عام 167 ق.م، استولى المكابيون على أورشليم، وكان رؤساؤهم وملوكهم (متاتياس)، وخلفه ولده (يهوذا)، ثم خلفه أخوه (يوناثان)، ثم أخوه (سيمون)، ثم (جون هركانس الأول)، ثم ولده (أرسطوبولس)، ثم أخوه (ألكسندر)، ثم زوجته (ألكسندرا)، ثم (هركانس بن ألكسندر). ثم أخذ (أرسطوبولس بن ألكسندر) التاج عنوة من أخيه (هركانس) في عام 70 ق.م، ثم عاد (هركانس بن ألكسندر) مرة أخرى.
تنازع الأخوان (أرسطوبولس بن ألكسندر) و(هركانس بن ألكسندر) على الحكم، واستنجد كل منهما بزعماء الدول المجاورة، فاستنجد (هركانس) بملك العرب (أريطاس)، في حين طلب (أرسطوبولس) المدد من (روما).
وطالبت جموع الشعب من إمبراطور الرومان (بومبي) أن يتدخل لإنقاذهم من شرور الأخوين المتصارعين، فانتهز (بومبي) الفرصة واحتل (هيروسليما) في عام 63 ق.م، بعد أن حاصرها لثلاثة أشهر.
وعيَّن (أسكورس) حاكمًا على المدينة، فانصاع له اليهود في بادئ الأمر، لكنهم انقلبوا عليه بعد ذلك، فهدم (أسكورس) السور، وأمرهم أن يقدموا ذبيحة أمام الهيكل يوميًّا تكريمًا لقيصر روما. وهكذا، قُضي على استقلال اليهود، وعاشوا مع الشعوب والأمم الأخرى.
القدس في عهد (يوليوس قيصر) وتحديدًا في عام 49 ق.م
في عام 49 ق.م، تحسَّنت حال اليهود على نحوٍ طفيف، فقد عيَّن (يوليوس قيصر) (أنتيباتر) الأدومي واليًا عليهم، وكان ذلك في عام 46 ق.م، كما عيَّن (هركانوس) الحشموني حاكمًا عليهم.
وعندما مات (أنتيباتر) خلفه ولده (فصايل)، فاقتتل كل من الأدوميين بقيادة (فصايل) والحشمونيين بقيادة (هركانوس). ولوقف ذلك الاقتتال، أقنع (هيردوس) قيصر روما في عام 37 ق.م بأن يُعيَّن ملكًا على اليهود لوقف القتال، فلبت روما طلبه.
وبما أنه كان أدوميًّا، فقد أخذ بثأر أبيه من المكابيين، وذلك بعد أن أمدَّه (أنطونيوس) بالجند، فقضى (هيردوس) على المكابيين، وقتل آخر ملوكهم، ألا وهو (أنتيكانوس بن أرسطوبولس بن ألكسندر).
ومع أنَّ (هيردوس) رمَّم الهيكل في عام 18 ق.م، لكنه لم يلقَ حب اليهود له، فقد عدُّوه أجنبيًّا عنهم، ولأنه قضى على المكابيين. وفي عهده حل بالبلاد قحط شديد، فوزَّع الحبوب على السكان. وفي عهده أيضًا، قامت نهضة عمرانية كبيرة؛ فقد شيَّد قلعة عند باب الخليل، وبنى بجوارها قصرًا كبيرًا، وبنى حصن (أنطونيا)، بالإضافة إلى عدد من الحصون والأبراج والهياكل والتماثيل.
كما أنه قد قام بتوصيل المياه للقناة الواقعة بين برك سليمان و(هيروساليما) في عام 30 ق.م. وفي آخر سنة من سنوات حكمه، وُلِد السيد المسيح في (بيت لحم)، وكان (هيردوس) قد أمر بقتل كل طفلٍ يولد هناك، لذلك هربت والدة السيد المسيح بولدها إلى (مصر). وفي العام التالي، أي في عام 4 ق.م، مات (هيردوس) بعد أن اعتلى العرش لأربعين عامًا.
بعد ما مات (هيردوس)، عيَّن الرومان ولده (أرخيلاوس) ، لكنه لم يستطع إدارة البلاد بسبب إندلاع الثورات، كما أن رؤساء الأحزاب قد انقسموا، وأعلن كل واحد منهم نفسه ملكًا، فاستنجد (أرخيلاوس) بـ(فاروس) حاكم سوريا، وبملك العرب (الحارث)، فبعث كل منهما بعشرين ألف فارس.
وبذلك أُخمِدت الثورة، وأسر الرومان ألف يهودي وقتلوهم، فطلب اليهود من روما أن تجعل بلادهم إقليمًا رومانيًا، فاحتلَّ (أغسطس قيصر) البلاد مرة أخرى، وجعل (قيسارية) عاصمةً لها بدلًا من (هيروساليما).
بعد ذلك، تعاقب ولاة الرومان على الحكم من جديد، فقد حكم (كوبونيوس)، ثم خلفه (ماريوس أمبيفيوس)، ثم (إينوس روفوس)، ثم (فاليريوس غراتوس)، ثم (بيلاتوس بونتيوس) في الفترة من 26 م إلى 36 م، والذي قد "صُلِبَ" السيد المسيح في عهده.
أنشأ (بيلاتوس) طريقًا يربط بين (هيروساليما) والساحل، وطريقًا آخر يربط بين (أريحا) وغور الأردن، وذلك لما كان لـ(أريحا) من أهمية تجارية في ذلك الوقت.
خلف (مارسلوس) (بيلاتوس) في الحكم، وخلفه بعد ذلك حفيد (هيردوس) الكبير، ألا وهو (هيردوس أغريبا). وقد أنشئ في عهده حي (بيزيتا) (وهو المكون حاليًا من باب حطة وباب العمود والسعدية).
وقد نشبت حرب بينه وبين (الحارث) ملك العرب، وعندما هُزم فيها، أقالته روما ونفته، وأرسلت (كوسبيوس فادوس) واليًا جديدًا للبلاد، وقد حدثت في عهده اضطرابات أمنية عديدة، كالوقائع التي حدثت بين اليهود وخصومهم العرب والأدوميين، فانتصر (كوسبيوس) للعرب حينما عَلِم أنهم على حق. وقد خلفه (طيباريوس إسكندر) في الحكم عام 46 م، وهو من اليهود المرتدين، وكان أول ما قام به هو قتل اثنين من زعماء اليهود لأنهما قاما بتحريض اليهود على الثورة.
في عام 48 م، عُيِّن (فنتديوس فومانوس) حاكمًا على (هيروساليما)، وفي عهده تفوه أحد جنود الرومان بكلمات أغضبت اليهود، فحاول (فنتديوس) إقناعهم أنه لم يكن المتسبب في ذلك، لكنهم لم ينصاعوا لذلك. فأمر (فنتديوس) جنوده بأن يكونوا على أهبة الاستعداد، فظن اليهود أن الجنود سيهاجمونهم، فولوا مُدبرين، وداس بعضهم على بعض، فمات منهم الكثير.
تولى (قلوديوس فيلكس) الحكم بعد (فنتديوس فومانوس)، وفي عهده سادت البلاد اضطرابات شديدة، إذ انتشرت أعمال النهب والسلب وقطع الطرق، فقتل جنوده حينها قرابة أربعمئة شخص، كما أنه قد وقعت خصومات بين اليهود وحاخاماتهم؛ وذلك لأن الحاخامات قاموا بجمع الأعشار واحتفظوا بها لأنفسهم، ولم يبالوا بحال الفقراء والمساكين.
في عام 60 م تولى (فستوس) الحكم بعد (قلوديوس فيلكس)، وقد تمكن (فستوس) من السيطرة على اليهود الثائرين، ونصح الملك (نيرون) بأن يعتقل رئيس الكهنة وعددًا من كهنته، إضافة إلى خازن الهيكل. فعمل (نيرون) بنصيحته، وأُرسلوا إلى (روما).
تولى (البينوس) الحكم بعد وفاة (فستوس)، وقد تعاون مع الحاخام الأكبر (حنان). ولسوء حظه (بحسب المؤرخ بالمر) أن مجموعة من اليهود قامت باختطاف (العازر)، وهو ابن الحاخام الأكبر؛ فاضطر (البينوس) أن يوافق على إطلاق سراح عشرة من الإرهابيين مقابل تحرير (العازر). وفي عهده امتلأت الشوارع بالعمال العاطلين والعصابات المسلحة، وعمت البلاد حالةٌ من الفوضى.
في عام 65 م تولى (جيسيوس فلورس) الحكم بعد (البينوس)، وفي عهده حدثت اضطرابات دامية، وانتشرت الفوضى في معظم أرجاء البلاد. فقد اقتتل فريق من اليهود وفريق من السوريين في (قيسارية) على قطعة أرض يمتلكها أحد السوريين، وكان اليهود يرغبون في تملكها كونها واقعة أمام كنيسهم؛ لذلك حاولوا رشوة (جيسيوس)، لكنه رفض التدخل في هذه المسألة، فلجأ الفريقان المتقاتلان إلى السلاح.
لكن اليهود انهزموا في معركتهم تلك، فانسحبوا من المدينة وراحوا يتأهبون للثورة، أما (جيسيوس) فقد تمكن من قمع ثورتهم، وقتل منهم (بحسب المطران دبس) ثلاثة آلاف وستمائة رجل، واستمرت أعمال النهب والسلب في (قيسارية)، وقامت مذابح قُتل فيها من اليهود عشرون ألفًا في يوم واحد.
بسبب كره اليهود للرومان اندلعت عدة ثورات، فقرر الرومان أن يقضوا عليهم نهائيًّا؛ لذلك أرسل (نيرون) القائد (فلافيوس فسباسيان) على رأس جيشٍ قوامه ستين ألف مقاتل. وقبل أن تطأ أقدامه (هيروساليما)، عاد أدراجه إلى حيث أتى، وذلك ليعتلي العرش بعد أن عَلِمَ بوفاة (نيرون). وتولى ابنه (تيطس) القيادة في عام 70 م، وحاصر أسوار (هيروساليما/ سوليموس).
فقتل بالاشتراك مع متطوعين من العرب الأقباط عددًا كبيرًا من السكان، فامتلأت الشوارع بجثث القتلى، وأكل الناس الكلاب والجرذان والحشرات، بل إن بعضهم ذبحوا أبناءهم وتناولوا لحومهم. وحرق الجنود الهيكل، وأسروا من أهلها ما أسروا، وباعوا الباقي في سوق الرقيق، وقد راح ضحية هذا الحصار مليون نسمة (بحسب المؤرخ اليهودي يوسيفوس، الذي كان شاهدًا على الدمار).
لم يتبقَّ أحد في (سوليموس) بعد أن احتلها (تيطس) سوى الجنود الرومان. وفي عام 80 م عاد إليها المسيحيون بعد أن نزحوا منها، في حين مُنع اليهود من العودة إليها. لكنهم تمكنوا من العودة إليها مجددًا في عهد الإمبراطور (تراجان)، وتحديدًا في عام 106 م.
حينما اعتلى (أدريانوس) العرش، قرر القضاء على اليهود بسبب أعمال الشغب التي كانوا يقومون بها باستمرار، فعقد العزم على أن تكون المدينة مستعمرة رومانية، وأرسل أخا زوجته (أكيلا) حاكمًا عليها.
فأقدم (أكيلا) على اضطهاد اليهود، فثار عليه اليهود بقيادة (بارقوخيا)، وعمت الاضطرابات والفوضى البلاد من جديد. فاستبدلت روما حاكم المدينة، وأرسلت (تورنوس روفوس)، ثم أرسلت (يوليوس سيفيروس)، الذي قام بذبح (بارقوخيا)، وقتل من اليهود خمسمائة وثمانين ألفًا، ناهيك عن الذين ماتوا حرقًا أو جوعًا. ومن تبقى منهم طُرِدَ من المدينة، وبذلك تشتت اليهود في أرجاء المعمورة. ودمَّر (سوليموس/ سوليما) كي ينساها اليهود، وشيَّد مكانها مدينة (إيليا كابيتولينا).
لم يكن اليهود وحدهم الذين تعرضوا للاضطهاد من قِبل (أدريانوس)، فقد تعرض المسيحيون أيضًا للاضطهاد، فأمرهم في عام 135 م بإجلاء الكنيسة، وردمها بالتراب والحجارة، وشيَّد فوقها هيكلين وثنيين.
القدس البيزنطية (330 م)
عندما اعتلى (قسطنطين) عرش الأباطرة في عام 313 م، تخلص المسيحيون أخيرًا من الاضطهاد، ولِمَ لا؟ فقد اعتنق (قسطنطين) نفسه المسيحية، وقد فرضها على اليهود، ومن لم يدخل منهم المسيحية قُتِلَ أو غادر البلاد.
وبتغلبه على خصمه (ليسينيوس)، أصبح القائد الأوحد للمملكة الرومانية بشقيها الشرقي والغربي (وهنا ننوه بأن مملكة الرومان قد انقسمت لقسمين: القسم الشرقي وعاصمته روما، والقسم الغربي وعاصمته بيزانس).
وفي عام 330 م أقام (قسطنطين) مدينة (القسطنطينية) على أنقاض مدينة (بيزانس) (وهي مدينة إسطنبول حاليًا). وبمرور الزمن أضحت مدينة (إيليا) مدينة بيزنطية تتبع القسطنطينية، وفي عام 426 م زارت والدته الملكة (هيلانة) مدينة (إيليا)، وشُيِّدت هناك كنيسة القيامة.
لكن هذا الحال لم يدم طويلًا، فقد تخلص اليهود من اضطهادهم حينما اعتلى (جوليان) العرش في عام 360 م، ووفدوا إلى المدينة من كل حدبٍ وصوب. كما أن (جوليان) قد أمر بإعادة بناء الهيكل، لكنه لم يتمكن من ذلك.
بعد ما مات (جوليان)، تولى (ثيودوسيوس) الحكم، ولما توفي في عام 395 م، خلفه ولداه في الحكم، فاقتسما المملكة لقسمين، تولى ولده (أركاديوس) إدارة المملكة الشرقية، وحكم ولده (هونوريوس) المملكة الغربية، حتى إن الكنيسة قد انقسمت هي الأخرى إلى كنيسة شرقية وكنيسة غربية، وكانت (إيليا) تتبع الكنيسة الغربية.
عندما مات الملك (يوستينوس) في عام 527 م، تولى (يوستنيانوس / جوستانيان) الحكم. وفي عهده ثار اليهود مجددًا، فقمع ثورتهم، وفي عهده شُيِّدت العديد من الكنائس والأديرة، كما بُني في موقع المسجد الأقصى الحالي كنيسة العذراء. وفي عهده اجتمع المجلس الكنسي الخامس وقرر أن تكون (إيليا) مقرًا للبطريركية.
انتشرت الخلافات والنزاعات بين رجال الدين المسيحي في أرجاء المملكة، وتعاقب على العرش أباطرة ضعفاء النفوس لم يستطيعوا درء الشر عن بلادهم. لذلك، استغل الفرس أوضاعهم المزرية تلك، وأرسل (كسرى) جيشه بقيادة (مرزية خزروية).
فلم يستطع (هرقل) حتى الوقوف أمام (كسرى)، واستولى (مرزية) على (إيليا) في عام 514 م. وهدم هو وجنوده كنيسة القيامة كمعظم الكنائس والأديرة هناك، وأوقعوا البطرك (زخريا) أسيرًا، وذبحوا تسعين ألف مسيحي.
(وفي هذا السياق يوضح كاتبنا أن بعض المؤرخين يعتقدون بأن اليهود قد قتلوا في تلك المعارك من المسيحيين أكثر مما قتل الفرس، وربما قام الفرس بأعمال الذبح هذه بتحريضٍ من اليهود). وقد حل بالناس جوعٌ شديد، حتى قيل إنهم قد أكلوا الجيف وجلود البهائم.
لكن (هرقل) استجمع قواه، وأعد جيشه، فانتصر على الفرس في عام 627 م، ودخل (إيليا) في 14 أيلول/سبتمبر 629 م حاملًا خشبة الصليب على كتفه، والتي قد استردها من الفرس بعد أن تصالح معهم، وأعاد الغنائم التي نهبوها، وانتقم من اليهود.
تنويه: إن ما قرأتموه يعرض فقط بعض ملامح الكتاب ولا يغني إطلاقًا عن قراءة الكتاب الذي يمكنكم تحميله من هنا.
إذا حاز ما كتبناه على إعجابكم فلا تنسوا الاشتراك حتى يتسنى لكم قراءة كل جديد.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.