وفي الجزء الثاني من مقالتنا، نستكمل رحلتنا مع كتاب «العادات السبع للمراهقين الأكثر فاعلية» للكاتب شين كوفي، فنتناول مزيدًا من العادات التي تمثل الأساس لبناء حياة مليئة بالنجاح والتوازن. بعد أن استعرضنا في الجزء الأول المبادئ الأساسية التي تساعد المراهقين في التغلب على التحديات اليومية، ننتقل الآن إلى فصل جديد ممتلئ بالأفكار التي تعزز الوعي الذاتي، وتُحفِّز على اتخاذ قرارات حاسمة وصحيحة. في هذا الجزء، نركِّز على العادات التي تسهم في تحسين العلاقات الشخصية، إدارة الأولويات، وتطوير المهارات اللازمة للتعاون مع الآخرين. تابعونا لاكتشاف كيف يمكن تطبيق هذه العادات في حياتكم اليومية لتحقيق التفوق والتقدم.
الفصل الرابع: العادة الثانية - حدِّد أهدافك ذهنيًّا مسبقًا
دون أن يكون لديك نهاية واضحة في ذهنك، لن تعرف أي طريق عليك أن تسلكه، ولن تتمكن من تحديد الطريق إلا إذا كانت قراراتك تسير في الاتجاه المناسب لتحقيق أهدافك. يخبرك الكتاب أن تتخيل نفسك في المستقبل وتتصور ما الذي حققته في السنة الماضية.
مثلًا، تخيل نفسك وأنت تحقق درجات جيدة، أو وقت حصلت على ترقية في عملك. لأن لديك هدفًا في ذهنك وتدرك أن بيدك الوصول له وإن بدا مستحيلًا، فستدرك أن العمل الجاد، والسهر في الدراسة والعمل، والإصغاء في الفصل، والقيام بالأعمال المنزلية، والاحترام، كلها قرارات واجب القيام بها.
وباختصار، إذا لم نتحكم في مصيرنا الخاص، فسنتبع غالبًا أي شخص مستعد للقيادة. على سبيل المثال، إذا لم يعرف الشخص ما يرى فيه قيمة نفسه أو طموحاته، فغالبًا سيتبع اهتمامات أصدقائه؛ ما قد يؤدي به إلى اختيار مسارات لا تحدد شخصيته ولا تلائمه مثل تغيير المسار المهني.
يوضح كوفي أن أفضل طريقة للوصول إلى هدف معين تكمن في كتابة بيان الرسالة. ويمكن أن يكون بيان الرسالة أي شيء سواء من القصائد أو الاقتباسات، يقدم كوفي أربع طرائق يمكنك استخدامها لتطوير بيان المهمة، وقد اخترت طريقته الأولى التي تستخدم الاقتباسات. والاقتباس الذي اخترته هو:
"الحياة مثل ركوب الدراجة؛ لكي تحافظ على توازنك، يجب أن تستمر في التحرك". ألبرت أينشتاين.
بعد ذلك، ينتقل الكتاب إلى الحديث عن الأهداف، ويقدم كوفي بعض النصائح عن كيفية تحديد الأهداف. إحدى النصائح التي ذكرها هي "احسب التكلفة"، فإذا كان لديك هدف لإتمام مشروع دراسي أو مشروع بالعمل، يجب أن تعلم أنه سيكون عليك التضحية ببعض أفكارك ودمجها مع أفكار الآخرين، هذا سيسهم في تقليل الخلافات.
كانت فيه أيضًا كثير من النصائح الرائعة الأخرى مثل كتابة أهدافك، والتعاون مع أشخاص يمكنهم مساعدتك، أو يشاركونك الهدف نفسه. أخيرًا، كان الجزء المفضل لي في هذا الفصل هو "الحياة قصيرة جدًّا، لذا يجب أن نجعلها استثنائية!".
العادة الثالثة - ضع الأولويات أولًا
ستعرف في هذه العادة أن البشر ينحصرون في أربعة فقط عند التخطيط للمستقبل وللحياة عمومًا؛ لذا تأهب لمعرفة أي نوعٍ أنت:
عاجل، وغير عاجل، ومهم، وغير مهم. أي تركيبة هي الأفضل لتنظيم وتخطيط حياتك؟! الجواب هو تركيبة "غير عاجل ومهم"، يخطط واضع الأولويات الذي يضع أولوياته مسبقًا ويقوم بكل الأمور المهمة التي يجب إنجازها، ولا ينتظر حتى اللحظة الأخيرة للقيام بها. لذلك، يتمتع أصحاب الأولويات بتنظيم حياتهم ويعيشون حياة خالية من التوتر قدر الإمكان.
ومع ذلك، ليس بيد الجميع قضاء 100% من وقتهم في دائرة الأولويات؛ لأننا في النهاية بشر. كلنا نتهاون في بعض الأحيان، نؤجل المهام، ولا نمتلك الإرادة لنقول "لا". إن المهملين الذين يضيعون وقتهم في أشياء غير مهمة، مثل مشاهدة التلفاز كثيرًا أو النوم كثيرًا، هم ببساطة يضيعون حياتهم.
ثم هناك المسوفون الذين يؤجلون كل شيء مهم حتى اللحظة الأخيرة، مثل التحضير لاختبار أو إنهاء تقرير الكتاب المقرر تسليمه في اليوم التالي.
وأخيرًا، هناك الشخص الإمعة الذي يوافق على كل شيء تحت ضغط الأقران أو يقول "نعم" للأشياء التي لا يهتم بها حقًّا مثل: قضاء الوقت مع الأصدقاء وهو لديه في الوقت ذاته امتحانات وواجبات يجب القيام بها. بذلك، علينا أن نصبو إلى واضع الأولويات، ولكي نفعل ذلك يجب أن نخطط مسبقًا حتى نعرف كيف نتخذ الخطوة القادمة بحكمة في حياة كلٍّ منا.
لم يغفل الكتاب أهمية الخروج من منطقة الراحة الخاصة بكلٍّ منا. على سبيل المثال، إذا اشتركت في نشاط في الجامعة أو إذا التحقت بوظيفة جديدة لا يوجد فيها أحدٌ من أصدقائك، يجب عليك أن تتحدث مع شخص ما وتكوِّن صداقات جديدة، ويجب ألا يدفعك خوفك إلى التراجع عن تكوين صداقات، والعيش في دور الانطوائي الذي لا حول له ولا قوة.
حساب بنك العلاقات
يتعلق حساب بنك العلاقات بالعلاقات بالآخرين. ففي كل مرة تقابل فيها شخصًا جديدًا، تفتح معه حسابًا مصرفيًا آخر. الآن، الخيار لك إذا كنت ترغب في إنشاء حساب إيجابي أو سلبي. للقيام بذلك، يجب عليك القيام بإيداعات أو سحوبات. الإيداعات هي سلوكيات إيجابية مثل الوفاء بالوعود، واللطف، والولاء، والاستماع، والاعتذار. على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في بناء علاقة جيدة بوالديك، يجب عليك التأكد من الوفاء بالوعود وبر الوالدين.
يُعد الولاء أمرًا بالغ الأهمية؛ لأنه يجب عليك عدم التحدث بسوء عن صديقك وراء ظهره أو كما نسميها النميمة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بشراركم؟ قالوا: بلى. قال: المشاؤون بالنميمة، والمفرقون بين الأحبة، الباغون للبرآء العنت" (رواه أحمد). إضافة إلى ذلك، إذا دافعت عن صديقك، فاعلم أنه سيفعل الشيء نفسه من أجلك، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟
إن أفضل طريقة لتجنب الخلافات هي الاعتذار. لذلك، من الآن فصاعدًا عليك التحلي بثقافة الاعتذار والاعتراف بأخطائك، وإذا فعلت ذلك، اعلم أن الشخص الآخر سيفعل الشيء نفسه. من ناحية أخرى، توجد سحوبات التي تهدم العلاقات. هي سلوكيات مثل كسر الوعود، والانعزال عن الآخرين، والنميمة، والتفاخر، وتحديد توقعات غير واقعية.
قد يؤدي تحديد توقعات غير واقعية إلى كوارث! مثل أن تقود شخصًا للاعتقاد بشيء ما لأنهم يصدقون ما تقوله. مثل: قصة الطالبة التي أخبرت صديقتها بأن الكعك الذي خبزته كان لذيذًا، في حين أنه في الواقع كان فظيعًا، فصدقت هي كذلك وخبزت لجميع زميلاتها، ومن ثم بدأوا في التحدث وراء ظهرها قائلين إن تلك الكعكات كانت سيئة. تم اتهام الطالبة الأولى بالكذب.
وكما ترى، يمكن أن تحدد العلاقات مدى نجاحك وسعادتك، والعكس صحيح.
قارئي الكريم، قم بالعديد من الإيداعات، ولا تقرب السحوبات مهما تطلب الأمر.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.