بعد أن استعرضنا في الجزأين السابقين (الأول والثاني) المبادئ الأساسية لتحديد الأهداف وإدارة الأولويات، نصل الآن إلى مرحلة جديدة من رحلتنا مع العادات السبع للمراهقين الأكثر فاعلية، فنتعمق في العادات التي تسهم في بناء علاقات قوية، وتنمية مهارات التعاون، والتواصل الفعَّال. في هذا الجزء، نكتشف كيف يمكن للمراهقين تعزيز الثقة بالنفس، التعامل مع الخلافات بذكاء، والعمل بروح الفريق لتحقيق النجاح الجماعي. وتُعد هذه العادات ضرورية ليس فقط في الحياة الشخصية، بل أيضًا في بيئات الدراسة والعمل، فهي تُمهد الطريق لحياة أكثر توازنًا وإنجازًا.
العادة الرابعة - فكِّر بطريقة فوز - فوز
يقولون إن الفوز ليس كل شيء، لكن مَن منا يحب أن يخسر؟ يتناول هذا الفصل كيفية تحقيق فوز الجميع وسعادتهم. إضافة إلى حالات الربح المشترك، يوضح كوفي ثلاثة أهداف كلٌّ منا يسعى إلى إثباتها في أي علاقة تواصل بغيره سواء زميله بالعمل أو مديره كذلك، هي: فوز - خسارة، وخسارة - فوز، وخسارة - خسارة.
في حالة فوز - خسارة، غالبًا ما يتفوق أحد الأشخاص على الآخر أو يُظهر سلوكًا يقول: "أنا أفضل منك". أحيانًا قد يقوم بعض آخر بوضع الآخرين في موقف أسوأ لكي يتقدموا، أو يصرون على إنجاز الأمور بطريقتهم دون نظر إلى مشاعر الآخرين. عادةً ما يفوز هؤلاء الأشخاص، لكنهم في النهاية يظلون وحدهم بلا أصدقاء.
أما حالة خسارة - فوز فهي عكس حالات فوز - خسارة، في حالة خسارة - فوز، عادةً ما يسمح الفرد بفوز الشخص الآخر ويحتفظ بأفكاره لنفسه؛ لأنه لا يريد أن يثير ضجة كبيرة، يفتقر هؤلاء الأشخاص إلى الإرادة ويتركون للآخرين فرض رغباتهم في الأمور المهمة. من الضروري ألا يعلق البعض في دورة خسارة-فوز، وإلا سيجدون أنفسهم مُستَغَلِّين.
عندما يجتمع شخصان يعتمدان على استراتيجية فوز-خسارة، ينتج عن ذلك حالة خسارة - خسارة. لأن كلًّا منهما يحاول هزيمة الآخر، لا يفوز أي منهما في النهاية ويخسران معًا. إضافة إلى ذلك، يعتقد المراهقون الذين يتبنون هذا النهج أنهم إذا لم يحصلوا على شيء، فيجب ألا يحصل عليه الآخرون كذلك! ومن هنا تبرز جذور الأنانية وحب الأنا.
كما ترى، لن تساعد هذه الحالات في بناء حساب العلاقات الشخصي الخاص بك. الحل في الربح المشترك: فوز - فوز. حينئذ، تهتم بنفسك ولكنك ترغب أيضًا في نجاح الآخرين. وتشارك النجاح وتعامل الجميع بالمثل؛ ما يؤدي إلى فوز الجميع؛ لذلك، في المرة القادمة التي يحصل فيها صديقي على درجة أفضل، أو زميل بالعميل على ترقية وأنت لم تحصل عليها، عليك تهنئته، وتمنَّ له مزيدًا كما تتمنى لنفسك النجاح من قلبك وليس فقط بالكلام.
قد يبدو الدخول في عادة التفكير في الربح المشترك أمرًا سهلًا، لكن توجد بعض العقبات التي يجب تجاوزها. العقبتان المقدَّمتان في هذا الفصل هما المنافسة والمقارنة. والمنافسة هي دافع رائع يدفعنا لتحسين أنفسنا، لكنها يمكن أن تصبح عدوًّا إذا استخدمناها وسيلة للتفوق على شخص آخر. ثم توجد توأم المنافسة، المقارنة. مقارنة نفسك بالآخرين قد يجعلك تشعر بعدم الاستقرار وقد يجعلك تشعر بالدونية، وهو أمر غير صحي ولن يُساعدك في التقدم. على الرغم من صعوبة تبني عقلية الربح المشترك، دعونا نتعود عليها لأنها يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا في نجاح العلاقات!
العادة الخامسة - اسعَ أولًا إلى أن تفهم ثم أن تكون مفهومًا
قد تعتقد أن الاستماع سهل مثل الحديث، لكن توجد كثير من الخطوات لتكون مستمعًا حقيقيًّا، ولتلم بآداب الاستماع الجيد. أول شيء يجب عليك فعله هو أن تستمع بعينيك وقلبك وأذنيك قبل أن تفتح فمك. يحتاج بعض المراهقين إلى الفهم، وإذا شعروا بالحب والتفهم منك، سيفتحون لك قلوبهم، ولكن إذا حاولت التسرع في الموقف قبل أن تفهم ما يحدث، سيشعرون بخيبة أمل.
على سبيل المثال، إذا أردت تقديم نصيحة لصديقك دون أن تفهم أولًا ما يحتاج إليه، ستغدو نصيحتك عديمة الجدوى. تتضمن أساليب الاستماع السيئة الأخرى، إلى جانب تقديم النصائح، التشتت الذهني، التظاهر بالاستماع، الاستماع الانتقائي، الاستماع للكلمات فقط، الاستماع المتمحور عن الذات، الحكم المسبق، والضغط للحصول على إجابات.
لتجنب هذه المهارات الاستماعية السيئة، يوضح الكتاب أنك عندما تستمع، لا تقتصر على سماع الكلمات فقط، بل يجب أن تشعر بالعاطفة التي يعبرون عنها، وتنظر إلى لغة جسدهم لتفهم المعنى الكامل لما يحاولون قوله. أيضًا، من المهم أن ترى القصة من وجهة نظرهم.
ذكر الكتاب نصيحة أخرى، هي ممارسة الانعكاس، والانعكاس هو أن تضع كلمات الشخص في كلماتك الخاصة، أو تضع نفسك مكانه في الموقف ذاته، هذه الطريقة رائعة لأنها تجعل الشخص الآخر يشعر بأنك تستمع وتفهمه حقًّا. من المهم للغاية السعي لفهم الآخرين، ولكن السعي ليتم فهمك أيضًا أمر ضروري؛ يجب أن تتأكد من أنك تقدم ملاحظات بعد الاستماع إلى شخص آخر.
العادة السادسة - تعاوَنْ
تركِّز العادة السادسة على كيف أن اثنين يمكن أن يكونا أفضل من واحد، أو بعبارة أخرى، كيف يمكن أن يخلق التعاون حلًّا أفضل. وللوصول إلى التعاون، يجب أن تميل إلى التنوع بدلًا من تجاهله أو مجرد التعايش معه. من يميلون إلى التنوع يرون الاختلافات وسيلة لزيادة الإبداع، ما يفتح أمامهم مزيدًا من الفرص. إنهم يدركون أن اختلافاتهم مفيدة لبعضهم بعضًا، ويمكنهم إنجاز عمل عظيم بسبب هذه الاختلافات. كذلك، يتعلم منها الآخرون بطريقة مختلفة؛ قد يتعلمون بطريقة لغوية، منطقية، حركية بدنية، مكانية، موسيقية، بين شخصية، أو داخلية، أو من اختلاف طريقة تفكير ومنظور كل فرد، فقد نرى ونفسِّر الأشياء على نحو مختلف أيضًا.
إضافة إلى ذلك، لدينا أساليب وصفات وخصائص مختلفة. كما ترى، لا يوجد شخصان متشابهان تمامًا، فلماذا لا يقبل الجميع ذلك ونتعاون؟ حسنًا، مثلما يحدث دائمًا، توجد بعض الحواجز. أحدها هو الجهل، وهو عندما لا تعرف كيف يشعر الآخرون أو ما يؤمنون به، وما إلى ذلك. وتوجد المجموعات المغلقة التي لا تقدِّر أي شيء ليس جزءًا من مجموعتها، ويوجد أيضًا التحيز، فيحكم الناس على الآخرين من مظهرهم الخارجي دون معرفة شخصيتهم.
على الرغم من وجود هؤلاء الأشخاص؛ فإن كثيرين يميلون إلى التنوع للتعاون. هنا 5 خطوات: تحديد المشكلة أو الفرصة، طريقة الآخر، طريقتي، العصف الذهني، والطريق الأمثل.
على سبيل المثال، لنفترض اختلافي وصديقي في مشروع في مادة الأحياء:
- أولًا: سأحدد أننا الآن أمام مشكلة.
- ثانيًا: بعد ذلك، سأستمع إليه وهو يقول إنه يريد عمل نموذج ثنائي الأبعاد للخلية؛ لأننا لا نملك وقتًا كافيًا لعمل نموذج ثلاثي الأبعاد، وأن هذا سيضيف ضغطًا علينا.
- ثالثًا: ثم سأعرض أفكاري وأقول إن النموذج الثلاثي الأبعاد سيمنحنا مزيدًا من النقاط حسب الإبداع ويعطينا درجة أفضل على نحو عام.
- رابعًا: سنلجأ إلى العصف الذهني للوصول إلى الخيارات الجديدة ونبحث عن حلٍّ أفضل، وهو الطريق الأمثل.
- سيغدو الحل الأفضل دمج فكرتنا عن طريق رسم بعض خصائص الخلية على ملصق، ولكن مع إضافة بعض العناصر ثلاثية الأبعاد التي يمكن صنعها من الخيوط والأنابيب، وما إلى ذلك.
بهذه الطريقة، سيكون لدينا نموذج خلوي بتأثير رائع لم يكن موجودًا في أي من المشروعات الأخرى، إضافة إلى أن لدينا وقتًا كافيًا لإنجازه، وحصلنا على نقاط إبداع إضافية. ويمكننا جميعًا مع العمل الجماعي الجيد والتعاون تحقيق نجاحات أكثر من أي وقت مضى.
مشكور صديقي مؤمن .. والتخليص في منتهى الدقة ...
شكرًا على تفاعلك
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.