يعد كتاب "العادات الذرية" خطة عمل لكيفية الحفاظ على العادات الإيجابية في حياتنا والتخلص من العادات السلبية، وأيضًا يقدم لنا سُبلًا علمية لبناء عادات جديدة والحفاظ عليها، إضافة إلى النصائح المُحكمة للتخلص من العادات السلبية في حياتنا.
اقرأ ايضاً ملخص كتاب فكر تصبح غنيا -نابليون هيل
أهمية كتاب العادات الذرية
يعد الكتاب لمؤلفه جميس كلير مرجعًا عمليًّا سهلًا وبسيطًا لكيفية إدارة العادات والمهارات في حياتنا، لتحقيق أكثر فائدة مرجوة منها، والوصول إلى نتائج مذهلة، والآن نترككم مع الجزء الأول من مقتطفات العادات الذريّة.
تغير مصير الفريق الإنجليزي للدراجات ذات يوم من عام 2003.. كان لمتسابقي الدراجات في بريطانيا العظمى تاريخ متواضع على مدار مائة عام، ومنذ عام 1908 لم يفز المتسابقون إلا بميدالية ذهبية وحيدة في الألعاب الأوليمبية.
وكان أداؤهم سيئًا في أكبر سباقات الدراجات، سباق طواف فرنسا، وخلال 110 أعوام لم يفز أي درَّاج بريطاني بذلك السباق مطلقاً. عُيّن بريسلفورد كي يضع رياضة سباق الدراجات البريطانية على مسار جديد.. وما جعله مختلفًا عن المسؤولين السابقين كان التزامه الذي لا يلين باستراتيجية كان يشير إليها باستراتيجية (تراكم المكاسب الهامشية).
شرع بريلسفورد ومدربوه في إجراء تعديلات بسيطة قد يتوقعها المرء من فريق دراجات محترف، فقد أعادوا تصميم مقاعد الدراجات كي يجعلوها مريحة أكثر، ومسحوا الإطارات بالكحول كي تصير ثابتة على الطرق بصورة أفضل.
لم يتوقفوا عند هذا الحد، فقد واصل بريلسفورد وفريقه العثور على تحسينات بنسبة 1% في مناطق غير ملحوظة وغير متوقعة، فاختبروا أنواعاً مختلفة من هلام التدليك كي يروا أيها يؤدّي إلى تعافٍ أسرع للعضلات.
اقرأ ايضاً مقتطفات من كتاب نظرية الفستق.. ج3
سيطرة فريق الدراجات البريطاني على سباق الدراجات المفتوحة
ومع تراكم هذه التغيرات، ومئات غيرها، جاءت النتيجة أسرع مما تخيل أي شخص، ففي غضون خمس سنوات من تولي بريلسفورد المسؤولية، هيمن فريق الدراجات البريطاني على سباق الدرجات المفتوحة وفي الصالات وفي أولمبياد بكين عام 2008، حين فازوا بنسبة مذهلة، مقدارها 60% من الميداليات الذهبية المتاحة.
وبعدها بأربع سنوات أقيمت الألعاب الأولمبية في لندن، حقق الدراجون البريطانيون إنجازاً غير مسبوق وحطموا تسعة أرقام قياسية أولمبية وسبعة أرقام قياسية عالمية.
تحقيق الهدف ما هو إلا تغير لحظي، تخيل أن لديك غرفة تضرب بها الفوضى، وأنك وضعت لنفسك هدفاً يتمثل في تنظيفها وتنظيمها، إذا استجمعت طاقتك لتأدية هذه المهمة فستكون لديك غرفة نظيفة، للوقت الحالي فحسب. لكن إذا واصلت العادات المهملة القذرة نفسها التي أدت بالغرفة إلى حالة الفوضى بالمقام الأول.
فسريعًا ما ستجد نفسك أمام كومة جديدة من الفوضى، وتأمل في الحصول على دفعة جديدة من التحفيز. ستظل تطارد النتيجة عينها؛ لأنك لم تقم بتغيير النظام الكامن وراءها. لقد عالجت العَرَض من دون أن تعالج المرض.
اقرأ ايضاً ملخص كتاب علاقات خطرة للدكتور محمد طه
تحقيق الهدف ومشاعر الإنسان
إن تحقيق الهدف لا يغير حياتك إلا "لحظياً"، وهذه هي السمة المناقضة للبديهة فيما يتعلق بعملية التحسين، فنحن نظن أننا بحاجة إلى تغير نتائجنا، غير أن النتائج ليست هي المشكلة، فما نحن بحاجة إلى تغيره حقاً هو الأنظمة التي تسببت في تلك النتائج، وحين تحلّ المشكلات على مستوى النتائج.
فأنت تحلها بشكل مؤقت وحسب، لكن من أجل التحسن على الدوام، أنت بحاجة إلى حل المشكلات على مستوى الأنظمة، فإذا أصلحت المدخلات ستنصلح المخرجات من تلقاء نفسها.
تغيير هويتك عندما تكرر قصة ما لنفسك لسنوات، يكون من السهل أن تقع في هذه الأخاديد العقلية وأن تتقبلها كحقيقة واقعة. ومع الوقت، تبدأ في مقاومة أفعال بعينها لأن (هذا مخالف لما أنت عليه). فتوجد ضغوط داخلية للحفاظ على صورتك الذاتية والتصرف بطريقة تتفق مع معتقداتك.
وستجد أي طريقة كي تتجنب مناقضة ذاتك. وكلما زاد عمق ارتباط الفكرة أو الفعل بهويتك، صار من الأصعب تغييره. فمن الممكن أن تشعر بالارتياح في الإيمان بما توفره لك ثقافتك من هوية (الهوية الجماعية)، أو في التمسك بصورتك الذاتية (الهوية الشخصية)، حتى لو كانت خاطئة. والحاجز الأكبر أمام التغيير الإيجابي على أي مستوى -الفرد أو الفريق أو المجتمع- هو صراع الهوية.
اقرأ ايضاً ملخص رواية | صاحب الظل الطويل
صعوبة الالتزام بالعادات الصحية
ومن الممكن أن تكون العادات الحسنة منطقية تمامًا، لكن لو أنها تناقضت مع هويتك فستفشل في وضعها موضع التنفيذ. في أي يوم، قد تجد صعوبة في الالتزام بعاداتك لأنك منشغل أو منهك.. لكن على المدى البعيد، يتمثل السبب الحقيقي في فشلك في الالتزام بعاداتك في أن صورتك الذاتية تقف في الطريق.
لهذا السبب لا يسعك أن ترتبط أكثر مما ينبغي بنسخة واحدة من هويتك، فالتقدم يتطلب منك إعادة التعلم، وكي تكون أفضل نسخة من نفسك عليك أن تواصل تنقيح معتقداتك، وأن تُحدِّث هويتك وتوسعها.
لماذا يبني الدماغ العادات؟ العادة هي سلوك تكرَّر عددًا كافيًا من المرات إلى أن صار أوتوماتيكيًّا، وتبدأ عملية بناء العادات بالتجربة والخطأ، فمتى واجهت موقفًا جديدًا في الحياة، يتعين على دماغك أن يتخذ قرارًا (كيف أستجيب لهذا الأمر).
فعندما تواجه أي مشكلة لا تكون واثقًا في البداية من كيفية حلِّها، ستجرب أشياء مختلفة كي ترى أيها ينجح معك، يكون النشاط العصبي في الدماغ مرتفعًا خلال هذه المرحلة، فأنت تحلل الموقف بحرص، وتتخذ قرارات واعية بشأن كيفية الاستجابة، وتستوعب أطناناً من المعلومات الجديدة وتحاول تفهّمها كلها.
بناء العادات وتكوين الاستراتيجيات
ويكون الدماغ منشغلاً بتعلم مسار العمل الأكثر فاعلية وقتها، من حين لآخر تعثر مصادفة على أحد الحلول، فمثلاً عندما تشعر بالقلق، تكتشف أن الركض يهدئك، وبعد أن تعثُر مصادفة على المكافأة غير المتوقعة، تغير استراتيجيتك في المرة القادمة، يبدأ دماغك على الفور في تصنيف الحوادث التي تسبق حصولك على المكافأة، (مهلاً لحظة، كان هذا شعورًا طيبًا، ما الذي فعلته قبله مباشرة؟).
وهذه هي عملية بناء العادات، وكلما واجهت أي مشكلة على نحو متكرر، يبدأ دماغك في أتمتة عملية حلها، فعاداتك ما هي إلا سلسلة من الحلول الأوتوماتيكية التي تحل المشكلات والضغوط التي تواجهها بصورة دورية.
الطريقة المثلى لبدء عادة جديدة، الأشخاص الذين يضعون خطة محددة بشأن توقيت ومكان القيام بعادة جديدة من الأرجح أن يقدموا عليها فعلًا، يحاول أشخاص كثيرون أن يغيروا عاداتهم من دون تحديد هذه التفاصيل الأساسية. فنحن نقول لأنفسنا: سأتناول طعاماً صحياً، أو سأكتب أكثر. غير أننا لا نحدد متى وأين ستحدث هذه العادات. فنحن نترك هذه الأمور للصدفة، ونأمل أن (نتذكر وحسب القيام بها). أو أن نشعر بالتحفيز في الوقت الملائم.
خطط العمل والتحفيز
إن نية التنفيذ تزيل تمامًا أي أفكار ضبابية على غرار (أريد أن أتدرب أكثر) أو (أريد أن أكون أكثر إنتاجية).. وتحولها إلى خطة عمل ملموسة. يظن كثيرون أنهم يفتقرون إلى التحفيز، في حين ما يفتقرون إليه في الحقيقة هو الوضوح، فليس واضحًا على الدوام متى وأين يقدمون على الفعل.
وبعض الأشخاص يمضون حياتهم بالكامل وهم ينتظرون الوقت المناسب للقيام بأحد التحسينات. بمجرد وضع نية التنفيذ، لن يكون عليك الانتظار حتى يأتيك الإلهام. هل أكتب أحد الفصول اليوم أم لا؟ هل أتأمل في الصباح أم بعد الغداء؟ فعندما تأتي لحظة الفعل، لن تكون حينها حاجة إلى اتخاذ قرار، فقط ابتع خطتك المحددة سلفًا.
كيفية تطبيق استراتيجية تنظيم العادات
الطريقة البسيطة لتطبيق هذه الاستراتيجية على عاداتك هي أن تكمل العبارة التالية: سوف أؤدي (السلوك) في (الوقت) في (المكان). التحفيز مبالغ في أهميته في حين البيئة تهمّ أكثر، إن البيئة هي اليد الخفيّة التي تشكل السلوك الإنساني، ورغم سماتنا المتفرّدة، فإن بعض السلوكيات تظهر مرارًا وتكرارًا في ظروف بيئية معينة.
ففي الكنيسة يتحدث الناس همسًا. وفي الشوارع المظلمة، ينتاب الناس القلق ويتوخون الحذر. بهذه الطريقة فإن أكثر صور التغيير شيوعًا ليست داخلية وإنما خارجية. على سبيل المثال، المنتجات المعروضة على مستوى العين عادة ما تُشترى أكثر من تلك الموجودة بالقرب من الأرضية.
كل كائن حي له وسائله الخاصة للشعور بالعالم وفهمه، في البشر يتحكم الجهاز العصبي الشعوري في عملية الإدراك، ونحن ندرك العالم من خلال الرؤية والصوت والشم واللمس والتذوق، غير أن أقوى القدرات الشعورية البشرية قاطبة هو الإبصار، يمتلك الجسم البشري نحو أحد عشر مليون مستقبل شعوري، نحو عشر ملايين منها مخصص للإبصار، إذا أردت أن تجعل من عادة ما جزءًا كبيرًا من حياتك، فاجعل الإشارة الخاصة بها جزءًا كبيرًا من بيئتك، يمكن توظيف الاستراتيجية عينها من أجل تحسين العادات الحسنة عن طريق نشر المحفزات في أنحاء بيئتك.
ستزيد فرص التفكير في عادتك على مدار اليوم. احرص على أن تكون أفضل الخيارات هي الخيارات الأكثر وضوحاً أمامك، إن اتخاذ قرارات أفضل يكون سهلًا وطبيعيًّا حين تكون الإشارات الخاصة بالعادات الحسنة موجودة أمامك مباشرة.
كيف تجعل العادة لا تقاوم؟ انظر حولك، إن المجتمع مليء بنسخ مهندسة من الواقع، تعد أكثر جاذبية من العالم الذي تطور أسلافنا داخله، فالمتاجر تعرض دُمى عرض ذات أرداف وصدور مبالغ في أحجامها كي تبيع الملابس، ووسائل التواصل الاجتماعي تمنحنا قدرًا من الإعجاب والتقدير في دقائق قليلة أكثر مما نستطيع الحصول عليه في منازلنا أو أعمالنا.
توجد مثيرات فوق طبيعية في عالمنا الحديث، وهي تضخِّم السمات التي تدفعنا إلى عادات مبالغ فيها عند التسوق، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وغير ذلك الكثير. لو أننا استرشدنا بالتاريخ، سنقول إن الفرص التي يحملها لنا المستقبل أكثر جاذبية من تلك الموجودة اليوم، والاتجاه السائد هو أن تكون المكافآت أكثر تركيزًا، والمثيرات أكثر إغراءً. ومقارنة بالطبيعة، هذه الخبرات المليئة بالخبرات تكون صعبة المقاومة، فنحن نمتلك أدمغة أسلافنا، لكننا نواجه مغريات لم يسبق لهم أن واجهوها قط. يتبع...
نوفمبر 19, 2022, 1:23 م
مقالة رائعة . مزيد من التوفيق
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.