في صيف عام 1866، بدأت تظهر إشاعات غريبة في محيطات العالم، حيث كانت السفن التجارية تتعرض لحوادث مفاجئة، وكانت السفن المفقودة تزداد على نحو مقلق، مع ظهور شيء ضخم وغامض في مياه المحيطات. وكانت التقارير تتفاوت في دقتها، وبعض البحارة تحدثوا عن "وحش بحري" هائل يشبه في طبيعته كائنات خرافية من الأساطير القديمة.
سر الوحش البحري
في البداية، كان كثيرون يظنون أن هذه مجرد خرافات أو مبالغات من البحارة المتعبين أو المتوترين بسبب البحر الواسع، ولكن مع تزايد الحوادث والاصطدامات مع هذا الكائن المجهول، بدأ الاعتقاد بأن الأمر ليس محض خيال. بدأت الحكومة الأمريكية تدرك أن هذه الظاهرة تتطلب تحقيقًا جادًّا.
تم تكليف الأدميرال فاراغوت، من البحرية الأمريكية، بالبحث عن حل لهذه الأزمة. كانت مهمته أن يكتشف سر هذا الوحش البحري المزعوم ويقضي عليه إن كان يشكل تهديدًا حقيقيًّا للقيام بهذه المهمة، اختار فاراغوت البروفيسور بيير أرونكس، خبير المحيطات في متحف التاريخ الطبيعي في باريس الذي كان معروفًا بشغفه بالمحيطات والحياة البحرية.
ورافقه مساعده المخلص كونسيل، إلى جانب نيد لاند، صائد الحيتان الكندي المشهور بمهاراته المدهشة في الصيد، وخصوصًا بصره الحاد الذي لا يُضاهى، وسرعته الفائقة في التعامل مع الحبال.
انطلقت السفينة الحربية "أبراهام لينكولن" من نيويورك في رحلة طويلة عبر المحيط الأطلسي. وسارت السفينة أيامًا عبر المياه المتقلبة، وعبر كيب هورن، ثم عبرت المحيط الهادئ، فكان من المقرر أن يحدث اللقاء المثير مع الوحش البحري. وبعد محاولات عدة للبحث عن آثار هذا الكائن، وفي أحد الأيام العاصفة، اصطدمت الفرقاطة "أبراهام لينكولن" بشيء هائل تحت الماء، ما كان يُعتقد أنه كائن بحري ضخم كان في الواقع مجرد غواصة عملاقة من صنع الإنسان.
الغواصة "نوتيلوس" العملاقة
اندفع البحارة ليكتشفوا أن هذا "الوحش" ليس إلا اختراعًا بشريًّا؛ غواصة تدعى "نوتيلوس"، وهي اختراع مذهل من تصميم القبطان نيمو الرجل الغامض الذي كان يقود هذه المركبة الغريبة.
أطلقت "نوتيلوس" أعمدة ضخمة من المياه على السفينة؛ ما أدى إلى تدمير دفتها على نحو كبير، وفي تلك اللحظة، وقع الحادث الذي طرح بأروناكس، كونسيل، ونيد لاند إلى البحر. وسرعان ما تم أسرهم على متن الغواصة "نوتيلوس"، حيث التقوا بالقبطان نيمو.
كان نيمو قبطانًا غريب الأطوار، يقود طاقمًا من البحارة الذين عاشوا حياة معزولة تمامًا عن العالم، كان الطاقم يتحدث لغة خاصة به لا يعرفها أحد، وكان يعيش في عزلة تامة عن المجتمع البشري. الغواصة نفسها كانت معجزة تكنولوجية، مزودة بالكهرباء التي يتم توليدها من المعادن البحرية. قدَّم لهم نيمو العيش على متن الغواصة على نحو جيد للغاية، ووفَّر الطعام باستمرار، وكان لديهم مكتبة ضخمة تحتوي على مجموعة متنوعة من الكتب والمخطوطات القيمة التي كان أروناكس شغوفًا بها.
ومع مرور الأيام، بدأ أروناكس ورفاقه يستكشفون أعماق البحر على نحو غير مسبوق، أُعجب أرونكس بجمال الحياة البحرية التي كان يشاهدها من النوافذ الزجاجية للغواصة، وكان يتعجب من قدرة نيمو على التحكم في هذه البيئة البحرية بالكامل.
وفي إحدى المرات، أخذ نيمو الأسرى في رحلة صيد في أعماق البحر، حيث استخدموا بنادق كهربائية لصيد الأسماك، وهي تجربة جعلت أروناكس يشعر بالفزع والإعجاب في آن واحد.
ثم وصلت "نوتيلوس" إلى شواطئ أستراليا، حيث جنحت الغواصة بالقرب من أحد الجزر. في تلك اللحظة، كان على الأسرى الانتظار حتى ارتفاع المد لإطلاق سراح السفينة. وعلى الجزيرة، كانوا يواجهون السكان الأصليين الذين حاولوا مهاجمتهم، لكنهم تم صعقهم بالكهرباء التي أطلقتها الغواصة.
وبعد تلك الحادثة، واصلت "نوتيلوس" إبحارها عبر المحيط الهندي، حيث بدأ نيمو يصبح أكثر انعزالًا وصمتًا، كانت الأمور تصبح أكثر غموضًا، وكلما ابتعدوا عن العالم الخارجي، زاد الغموض عن دوافع نيمو.
مغامرات في الأعماق
بدأ الجزء الثاني من الرواية، بعد مرور عامين من أسرهم على متن الغواصة، حيث دعا نيمو الأسرى للانضمام إليه في رحلة استكشافية بالقرب من جزيرة سيلان لصيد اللؤلؤ. وخلال هذه الرحلة، هاجمت سمكة قرش نيمو، ولكن نيد لاند استطاع إنقاذه بصيد السمكة.
في وقت لاحق، عبروا البحر الأحمر واكتشفوا ممرًّا تحت الماء يأخذهم إلى البحر الأبيض المتوسط، حيث بدأوا في اكتشاف مزيد من عجائب البحر.
وصلوا في وقت لاحق إلى مضيق جبل طارق، حيث عثر نيمو على كنز مفقود يعود لعام 1702.
استمرت مغامراتهم عبر المحيطات في رحلات تحت الماء إلى مدينة أتلانتس المفقودة. كانت الرحلة ممتلئة بالمخاطر والتحديات، وكان نيمو يقودهم في مغامرات بحرية مثيرة، في حين كان أرونكس يشعر بجاذبية عميقة تجاه الغواصة وعالمها المدهش. وبعد مغامرات عدة مثيرة، أخذت "نوتيلوس" طريقًا نحو القطب الجنوبي، حيث اكتشفوا الأرض الجليدية، وأثبت نيمو أنه أول رجل يطأ هذه الأراضي.
لكن الأمور بدأت تتعقد على نحو غير متوقع، حاصرت عاصفة ضخمة الغواصة في المياه الجليدية؛ ما جعل نيمو وطاقمه في موقف شديد الخطر جدًّا، ومع نفاد الأكسجين، وكان الجميع في حالة من الذعر. وفي اللحظة الأخيرة، تمكنت "نوتيلوس" من اختراق الجليد، واستطاع رجال الطاقم النجاة بعد وقت عصيب.
ومع تقدم الرحلة، بدأ نيمو يظهر علامات التوتر والانقطاع عن الرفاق، أصبح متجهمًا وغامضًا على نحو متزايد. وفي أحد الأيام، عرض "نيمو" على "أرونكس" مخطوطة لتاريخ حياته التي سيغلقها في علبة مضادة للماء ليقذفها آخر الناجين من "نوتيلوس" في البحر، وتحتوي على تفاصيل حياته الغامضة.
في نهاية القصة، تعرضت "نوتيلوس" لعاصفة مدمرة أخرى، ومن ثم قوبل طاقم الغواصة بمواجهة مع السفينة الحربية التي أطلقت النار عليهم، نتيجة لذلك دمرت "نوتيلوس" السفينة الحربية قبل أن تغرق تمامًا.
في النهاية، وبينما هم على وشك الهرب، يرون عاصفة هوجاء، تجتاح الغواصة، ويصطدم رأس أرونكس ببدن السفينة ويفقد وعيه، وعندما يستيقظ، يجد نفسه مع كونسيل ولاند على جزيرة نائية بمفردهم ولا يعرفون ما حدث لنيمو ونوتيلوس.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.