نشأ توفيق الحكيم في أسرة ثرية، فأبوه كان يعمل قاضيًا، وأراد أن يدخل ابنه مجال القضاء مثله، فأدخله كلية الحقوق، ليتخرج منها ويبدأ سلم العمل القضائي وكيلَ نيابة، وبدأ حياته العملية في إحدى المدن الصغيرة في الريف المصري.
اقرأ أيضاً ملخص رواية أماريتا للكاتب عمرو عبد الحميد واقتباسات من الرواية
أحداث رواية يوميات نائب في الأرياف
بعد أن ذهب وكيل النيابة إلى مقر عمله الجديد في إحدى مدن ريف مصر، وتعرف على الموظفين بسراي النيابة، على أن يسكن بالاستراحة المخصصة له، وتخصيص عامل لخدمته من إحضار الطعام وتجهيزه له وتنظيف الاستراحة وهكذا، ويجلس على باب الاستراحة خفير ليحرس الاستراحة وبداخلها حضرة وكيل النيابة، وبسبب عمله لا بد أن يتعامل أيضًا مع مأمور المركز، وحضرة القاضي في أثناء جلسات المحكمة.
وفي إحدى الليالي وبعد دخوله في نوم عميق، فوجئ بسماع صوت قوي ودق شديد على باب الاستراحة، فإذا به يسمع أحد الرجال يقول بصوت قوي جدًّا للخفير: عليك أن توقظ سعادة البيه.
فقد وردت إشارة من العمدة إلى مأمور المركز، ويطلب حضور سعادة وكيل النيابة للمعاينة، والإشارة تقول: لقد شب حريق في حقول قصب السكر، وفي أثناء الحريق وجد أحد الخفراء بالقرية جثة شاب يدعى قمر الدولة علوان مصاب بطلق ناري وملقى على الأرض والفاعل مجهول.
فقال وكيل النيابة في نفسه: هذه قضية سهلة فالقاتل مجهول، وعمدة القرية سوف يقسم بأغلظ الأيمان أن القاتل ليس من أهل البلدة، وعليه جُهزت السيارة المخصصة للنيابة، وبقي كاتب المحكمة الذي يدون محاضر التحقيق، فسأل وكيل النيابة: أين الكاتب؟
فقالوا له: سوف نذهب بالسيارة ونأخذه من منزله القريب من هنا، ثم حضر مأمور المركز وذهبوا جميعًا لاصطحاب الكاتب، ثم ذهبوا جميعًا إلى القرية التي بها الحادثة، والحادثة وقعت في الجانب الآخر من الترعة، لذا وجب عليهم ترك السيارة واستكمال باقي المسافة على ظهر حصان أو حمار طبقًا لوظيفة كل منهم.
اقرأ أيضاً أشهر الروايات العالمية.. لم تعرفها من قبل
تابع أحداث الرواية
فامتطى وكيل النيابة الحصان المخصص له وعبر قنطرة صغيرة ليصل إلى الجانب الآخر، وعندما وصل إلى مقر الحادث أمر الكاتب بفتح تحقيق ودوَّن فيه الساعة والتاريخ وعمر القتيل ووصف ملابسه وملامحه، ثم ذهبوا جميعًا إلى دوار العمدة لاستكمال التحقيق، وسؤال أهل القرية، ولكن وكيل النيابة لاحظ بأن جميع أهل القرية والعمدة والخفراء يجيبون جميعًا إجابة واحدة وهي: لا نعلم من القاتل يا سعادة البيه.
وأخيرًا قال المأمور: عليكم بإحضار الشيخ عصفور فهو رجل مبروك، ويساعدنا دائمًا في مثل هذه القضايا.
فذهب أحد الخفراء لإحضاره، ولما حضر الشيخ عصفور أمام وكيل النيابة، ورأى ملابسه البالية، قال لهم: كيف تحضرون رجلًا أصابه الجنون لأساله في القضية، ولكن الشيخ عصفور قال له: فتش عن النسوان.
فانتبه وكيل النيابة وقال له: معك حق، معظم الجرائم تكون بسبب النسوان، فقال له: ومن تتهم منهن بقتل قمر الدولة علوان؟
فقال له: ريم.
فأصدر المأمور تعليمات بإحضارها فورًا للمثول أمام وكيل النيابة.
ولما حضرت ريم تبين أنها فتاة ريفية بارعة الجمال، فقال لها: ما اسمك؟
فقال له بصوت رقيق: ريم.
وجميع الحاضرين يحملقون إليها، وكذلك وكيل النيابة!
ثم سألها: أنت متهمة بقتل قمر الدولة علوان فما قولك؟ وهل لك صلة قرابة معه؟
فقالت له: لم أقتله وأنا بريئة يا سعادة البيه، وأنا شقيقة زوجته التي توفيت منذ سنتين.
وفجأة اكتشف وكيل النيابة أن ميعاد جلسة المحكمة قد اقترب وعليه الذهاب سريعًا لحضور الجلسة، لذا قال لهم: نغلق التحقيق مؤقتًا ونذهب جميعًا إلى المركز ونستكمل التحقيق بعد انتهاء جلسة المحاكمة.
وكان معه قاضيان أحدهما من القاهرة والآخر قريب من مقر المحكمة، وبعد انتهاء الجلسة استدعاهما في مكتبه لاستكمال التحقيق، وفجأة أتت إشارة من المستشفى تفيد بأن قمر الدولة علوان أفاق من الغيبوبة، فذهبوا سريعًا لسؤاله عن القاتل، وفوجئ بأن قمر الدولة علوان يقول له: ريم!
ثم عاد إلى الغيبوبة، فخفق قلب وكيل النيابة من إجابة القتيل، وعندما هموا بالبحث عن ريم، وجدوا أنها اختفت، فسأل وكيل النيابة مأمور المركز إن كان يعلم مكانها، فأجابه المأمور: لا بد أنها هربت مع الشيخ كلب (يقصد الشيخ عصفور)، فأمر وكيل النيابة بإحضار الشيخ عصفور وسأله عن ريم.
فأجابه بأنه لا يعلم أين هي، فقال له: يا شيخ عصفور إن كنت تحب ريم، فعليك إحضارها وسوف أزوجها لك فورًا، فصمت الشيخ عصفور ولم يجب، وفجأة أتت إشارة من المستشفى بأن قمر الدولة علوان فارق الحياة، وبعدها بمدة قصيرة أتت إشارة أخرى بأن ريم عُثر عليها في الترعة بعد أن فارقت الحياة.
وكتب طبيب المركز بأن سبب الوفاة هو إسفسكيا الغرق، وحينها شعر وكيل النيابة بحزن عميق لوفاة ريم التي خفق لها قلبه يومًا ما، وأغلقت القضية بمقتل قمر الدولة علوان والقاتل مجهول.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.