قبل أن يموت السناتور (اونیسیمو سانشيث) ب16 يومًا التقى المرأة التي حلم بهـا طوال عمره، كان قد تعرف عليها في "روسال ديل بيري" (حديقـة زهـور بيري)، وهي قرية وهمية اسمها يثير السخرية، فالوردة الوحيدة التي كانت هناك قطفها السناتور في اليوم الذي تعرف فيها على (لورا فارينا).
كانت القرية محطة لا يجب إغفالها في أثناء الحملة الانتخابية، وصلت شـاحنات تحمل هنودًا مستأجرين كأنهم كجماهير حضـرت للاستماع لتلك للخطابات السياسية.
أحداث في رواية الموت بعد الحب -جابرييل ماركيز
بدأت الموسيقا تعزف حين وصـلت سيارة السناتور (اونیسمیو سانشـيث)، كـان السناتور في الثانية والأربعين من عمره، وقد تخرج بمرتبة الشـرف وأصبح مهندس تعدين، أنجب من زوجته الألمانية خمسة أبناء وعاشوا جميعًا في سعادة، إلا أن تلك السعادة انقلبت لتعاسة حين علم أنه سيموت، فأخفى خبر موته عن الجميع فلم يعلم أحد بموته إلا الأطباء.
قبل إلقائه الخطاب مكث سـاعة بمفرده في المنزل المخصص لاستراحته، وقبل أن يستريح وضع في كوب الماء وردة تمكن من الحفاظ عليهـا يانعـة وســط الصحراء.
تناول بعد غدائه الأقـراص المسكنة قبل موعدها المحدد ليسبق بها آلامه المنتظـرة، ثم تمدد عاريًا على أرجوحته تحت المروحة الكهربائية لخمس عشرة دقيقة في ظل الوردة، محاولاً إبعاد فكرة الموت عن ذهنه .
اقرأ أيضاً ملخص 8 روايات رومانسية تستحق القراءة
خطاب السيناتور اونیسیمو سانشيث
في الثالثة بعد الظهر ارتدى ملابسه وتوجه للمنصة، فتزاحمت عليه الناس لمصافحته، وبعد أن أشار بيده لينهي الحضور تصفيقهم، شرع في إلقاء خطابه، لكن خطابه الذي حفظه عن ظهر قلب لم يخطر على باله، فبدأ خطابه بشكل غير تقليدي فقال: (نحن هنا لنهزم الطبيعة، ولن نكون لقطـاء بعد اليـوم، فسنكون سعداء أيها السيدات والسادة).
بينما كان يتحدث ألقى مساعدوه عصافير ورقيـة فـي الهواء فدارت حول المنصة وسقطت في البحـر، وزرع آخرون أشجارًا اصطناعية كديكور المسرح خلف الجماهير، فيما قام الباقي بتركيب حائط كرتوني به صور بيوت من الطوب الأحمر ونوافـذ زجاجيـة ليغطوا على ملامح الحياة البائسة.
واصل السناتور إلقاء خطابه فوعـد الحضور بـأن يـأتي لهـم بماكينات لاستجلاب المطر، ووحدات متنقلة لتربية الحيوانات، وأشار بإصبعه إلى الديكور بعدما اكتمل، وقال: سنكون هكذا أيها السيدات والسادة، لما نظر الجمهور للديكور لاحظ السناتور أن كثرة التفكيك والتركيب للديكور والانتقال به من مكان لآخـر أدى إلى تمزقه فبدا كئيبًا كقـريـة (روسال ديل بيري).
لم يذهب الصيدلاني (نيلسون فارينـا ) لأول مرة منذ اثني عشر عاماً لتحيـة السناتور، فاستمع لخطابه وهو مستلق علـى سـريره، في بيته الذي بناه بيده من الألواح، كان (نيلسون فارينـا) قد هـرب مـن سجن (كايينا) ورحل لـ (روسال ديل بييري) بواسطة سفينة رافقته فيها امرأة زنجية التقاها في (باراماريبو) وأنجب منها ابنته (لورا فارينا) التي ورثت عن والدتها لـون البشرة وورثت عنه عينيه العسليتان.
اقرأ أيضاً ما هي أفضل الروايات الرومانسية للقراءة؟
تعارف نيلسون فارينا على السناتور
لما تعرف (نيلسون فارينا) على السناتور في حملته الانتخابية الأولى، طلب منه المساعدة في الحصـول على بطاقة هوية مزيفة لإبعاده عن العدالة، فرفض السناتور طلبه، لكنه لم ييأس، فكان يكرر طلبه للسناتور في كل مرة يراه فيها، إلا أن إجابة السناتور لم تتغير، لذلك ظل هذه المرة في مكانـه ينتظر الموت، لما سمع التصفيق الختامي للحفل أطل برأسه فشاهد الديكور وبصق عليه.
بعد أن ألقى السناتور خطابه تجول فـي شوارع القرية سيرًا على الأقدام كعادته، فأحاط به سكان القرية ليقصوا عليه مشاكلهم، فاستمع إليهم باهتمام دون أن يعدهم بشيء.
قالت له سيدة : لا أطلب منك سوى حمار أحمـل عليـه الماء من البئر.
فنظر إليها وسألها: ماذا يعمل زوجك؟
فأجابته: لقد ذهب للعمل في جزيرة ( أوربا)، فعثر هناك على امرأة من اللاتي يضعن ألماسًا في أسنانهن.
فضحك الجميع، وقال السناتور: حسناً، سيكون لك حمارك، وقد كان، فقد أحضر لها فورا أحد مساعديه حماراً كُتِبَ عليه أحد الشعارات الانتخابية كي لا ينسى أحد أنه هدية من السناتور.
في ناصـية الشـارع الأخرى رأى (نيلسون فارينا) فحيـاه بفتور، فرد عليه ( نيلسون فارينا ) التحية، وخرجت ابنته فدُهش السناتور لجمالها الأخاذ.
وفي الليل أمر ( نيلسون فارينا) ابنته أن ترتدي أفضل ما عندها وتذهب للسناتور، فذهبت، في أثناء ذلك، كان السناتور قد جمع كبار سكان القريـة ليحكي لهم بعض الأسرار التـي لا يبـوح بهـا فـي خطاباته.
قال: بالطبع نحن لا نأكل عصافير ورقية، تعرفون أنه في اليوم الـذي توجد فيه أشجار، وتختفي فيه الحشرات من الآبار، لن يكون لنا وجود هنا، فلن أكرر عليكم ما تعرفونـه جيدًا، إن إعادة انتخابي هي أفضل شيء لكم وليس لي، فكما ترون أنا مُتعب جدًا.
اقرأ أيضاً أهم روايات معرض القاهرة الدولي للكتاب
لقاء لورا فارين مع السناتور
لما غادر الحضور الاجتماع، شاهد السناتور (لورا فارينا) فسألها: ماذا تفعلين هنا؟
فأجابته أنها جاءت تنفيذاً لأوامر والدها.
فقال لها: ادخلي.
لما دخلت الغرفة رأت آلاف من الأوراق النقدية، ثم جلست كما لو كانت تجلس على مقعـد مدرسة، ونظرت للوردة التي ذبلت وقالت مُندهشة: لقد شاهدت مثلها في (ريو هاشا).
جلس السناتور على سرير وتحدث عن الوردة بينما كـان يفك أزرار قميصه، فبرزت ضلوعه التي يمكن تخيـل القلـب مـن خلفها، طلب من (لورا فارينا) المساعدة في خلع حـذائه، وبينما كانت تفك رباط الحذاء، تسـاءل في قرارة نفسه أي منهما سيكون الفأل السيئ للآخر .
سألها السناتور: لا تزالين صغيرة؟
فأجابته: لا تظن ذلك، سأكمل التاسعة عشرة من عمري في الحادي عشر من أبريل/ نيسان.
لم يعرف السناتور ماذا عليه أن يفعل معها، بالإضافة إلى أنه كـان واثقاً من أن ذلك النوع من الحب غير مُتكافئ.
أرادت أن تقول له شيئاً ما لكنها لم تستطع، فقد جذبها إلى جواره ثم أطفأ الضوء فبقي المكان في ظل الوردة، لما لمسها الســناتور اصطدمت يده بقطعة حديدية في المكان الذي اعتقد أنها فيه.
فسألها: ماذا تحملين؟
فقالت: قفل.
فتساءل بغضب عن ذلك الشيء الذي يعرفه جيداً وقال: يا له من تناقض، وأين المفتاح؟
اقرأ أيضاً أفضل روايات رومانسية ناقشت قصص حب تاريخية
حوار لورا فارين والسناتور
فأجابته: مع أبي فقد أمرني بإغلاق القفل، عليك أن ترسل أحداً من رجالك ومعه وعداً مكتوباً بأنك ستساعد والدي في حـل مشكلته، ليعطيك والدي المفتاح.
فاستشاط غضباً وقال: يا له من ضفدع إنه "ديوث فرنسي".
قال لها: أخبريني، ماذا تعرفين عني؟
فقالت: إنهم يقولون أنك أسوأ من الآخرين لاختلافك عنهم.
لم يُبدِ السناتور غضـبه، فصـمـت لبرهة ثم قال: قولي للديوث أبيك إنني سأساعده في حل مشكلته.
فقالت له: إن أردت، سأذهب لإحضار المفتاح.
فقال لها: انسي أمر المفتاح، فقط تمددي معي لبضع الوقت.
تركته ينام على كتفها وعيناه متطلعتان إلى الـوردة فاحتضـنها واستسلم لرعبه.
بعد ستة أشهر وأحد عشر يوماً سيموت على هذا الوضع، بعد أن طـاردته فضيحة ( لورا فارينا)، وسيبكي غيظاً من موته وحيداً دونها.
تنويه: إن ما قرأتموه لا يغني إطلاقاً عن قراءة القصة.
إذا حاز ما كتبناه على إعجابكم فلا تنسوا الاشتراك حتى يتسنى لكم قراءة كل جديد.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.