في هذا المقال نقدم ملخص الفصلين الثالث والرابع من رواية "بمباشي باروك مصر" للكاتب الإنجليزي ساكس رومر، وهو كاتب روائي من المملكة المتحدة، وذلك بعد طرح ملخص الفصل الثاني في هذا المقال من هنا والفصل الأول من هنا.
الفصل الثالث «جريمة قتل في ليتشغيت»
خلال فترة هدوء غير مستقرة في ليبيا، تم إرسال بيمباشي باروك إلى إنجلترا في مهمة غير عادية. لم يكن في إجازة مرضية هذه المرة، لكنه كُلِّف بمهمة خاصة سيتم توضيحها لاحقًا. شخصيته المغامرة قادته إلى أمكنة غامضة، ومن أبرز هذه المغامرات حادثة مقتل الميجور دي مورا في قرية ليتشغيت، وهي قضية غامضة كانت ستظل دون تفسير لولا الصدفة التي جمعت بين شخصين لا علاقة لهما بها في حانة «وايت هارت» في ليلة خريفية من شهر سبتمبر.
في تلك الليلة، دخل رجل ذو ملامح سمراء وعيون زرقاء لافتة إلى الحانة، مرتديًا بدلة من الصوف الخشن ويحمل عصا من خشب الدردار. عند دخوله، شعر أن هناك لحظة من الصمت المفاجئ وكأن الحاضرين كانوا ينتظرون شخصًا آخر. استقبله جو بورتر، صاحب الحانة، واقترح عليه الانتقال إلى غرفة صغيرة تُعرف باسم «غرفة ضباط الصف»، حيث الجو أكثر هدوءًا من البار المزدحم.
في هذه الغرفة، التي تزينها صور قديمة وتمثال لحيوان النمس في صندوق زجاجي، سأل الزائر عن سبب الازدحام غير المعتاد في الحانة تلك الليلة. أوضح له جو بورتر أن الأمر يعود إلى إعلان غامض نُشر في صحيفة محلية بعنوان:
لمصنعي الأحذية والإسكافيين: مسابقة لإصلاح الأحذية للحصول على كأس البطولة وجائزة قدرها مئة جنيه. التسجيل بين الساعة 9 و9:30 مساءً يوم الخميس، 18 سبتمبر، في وايت هارت، ليتشغيت هيذ.
هذا الإعلان أدى إلى تدفق الإسكافيين من مناطق مختلفة، حتى إن أحدهم، جيري ستيكل، الذي لم يكن يخرج ليلًا عادة، حضر للمشاركة. كان الجميع مندهشين من الإعلان لأنه لم يكن له مصدر معروف، ولم يأتِ أحد ليبرر نشره.
عند تلك اللحظة، تعالت أصوات المشاجرات في البار، فرفع جو بورتر فتحة المراقبة ليتمكن زائره من رؤية وسماع النقاشات. كان أحد الحاضرين رجلًا صغير الحجم ذا لحية حمراء كثيفة، يرتدي نظارات سميكة وزيًا غريبًا يشمل سراويل ركوب خضراء وخوذة عسكرية وقناع غاز. كان يصرخ مطالبًا بمعرفة من يقف وراء هذا التجمع غير المعتاد. تصاعد الجدل، واضطر جو بورتر إلى التدخل لتهدئة الموقف.
في تلك الأثناء، دخل رجل آخر إلى الغرفة، وكان رجلًا أشقر ضخم البنية ذا ملامح عسكرية، وتفاجأ عند رؤيته باروك، حيث ناداه بـ «بي بي»، معبرًا عن دهشته لوجوده في إنجلترا بعد أن كان في ليبيا قبل أيام قليلة فقط. كان هذا الرجل هو العقيد داوني، قائد مستشفى عسكري قريب، والذي دعاه لتناول العشاء معه في الليلة التالية.
في اليوم التالي، وبعد عشاء فاخر، كان باروك يدخن غليونه في صالة العقيد داوني عندما قاطعته مكالمة هاتفية طارئة. عاد داوني بعد مدة قصيرة وهو يبدو مضطربًا، وأخبر باروك أن الميجور دي مورا، الذي كان قد نُقل إلى المستشفى قبل ساعتين، قد توفي على نحو مفاجئ. كان التشخيص الأولي يشير إلى إصابته بالكزاز (التيتانوس)، رغم عدم وجود جرح واضح يمكن أن يكون مصدر العدوى، باستثناء ندبة صغيرة في ساقه ونقطة وخز حديثة على إصبعه.
أخبر داوني باروك أن دي مورا كان ضابطًا عمل مترجمًا في مكتب الحرب، وكان بارعًا في اللغات، لكنه كان معروفًا أيضًا بعلاقاته النسائية المتعددة. وقبل وفاته بقليل، تلقى المستشفى مكالمة غامضة من امرأة ذات لهجة أجنبية، تركت رسالة مقتضبة: (يرجى إبلاغ الميجور رافاييل دي مورا أن غابرييل فارِز معه بروحه).
عندما استلم دي مورا الرسالة، كانت ردة فعله عنيفة وغير متوقعة، حيث جلس في سريره متحدثًا للمرة الأولى منذ إصابته وقال فقط: أحذيتي... ثم أُصيب بنوبة قاتلة أودت بحياته.
زاد الغموض عندما أخبر الطبيب تشارلتون، الذي لديه خبرة في أمريكا الجنوبية، العقيد داوني بأنه يعتقد أن دي مورا لم يمت بسبب الكزاز، بل بسبب تسمم بمادة الكورار، وهو سم نادر يستخدمه السكان الأصليون في أمريكا الجنوبية لصناعة سهام مسمومة. هذا الاحتمال أثار القلق، لأن الحصول على هذه المادة شبه مستحيل؛ ما يشير إلى أن الجريمة كانت مدبرة بعناية.
أدرك باروك أن التحقيق يجب أن يركز على أربعة عناصر رئيسة:
- التأكد مما إذا كان الكورار هو سبب الوفاة.
- العثور على الشخص الذي كان يمتلك هذه المادة السامة أو يمكنه الحصول عليها.
- معرفة هوية المرأة التي كانت تزور دي مورا سرًا.
- التوصل إلى شخصية غابرييل فارِز وعلاقته بالضحية.
اتفق باروك وداوني على متابعة القضية، واتخذت الأحداث منعطفًا أكثر إثارة، حيث بدأ باروك في البحث عن الحقيقة وراء وفاة الميجور دي مورا.
التحقيق في وفاة الميجور
يصل بيمباشي باروك إلى جناح الميجور دي مورا، الذي كان يمكن الوصول إليه عبر مدخل جانبي. عند دخوله إلى غرفة الجلوس، لم يجد أي دليل مفيد. أما السيدة سوندرز، المرأة الهشة التي تعمل في المكان، فقد استبعدها بيمباشي من التحقيق، رغم أنه وجد صورة لزوجها الراحل، الذي بدا بملامح صارمة وشارب غليظ، مرتديًا مئزر الماسونية. على مكتب الغرفة، لاحظ باروك وجود صف من الكتب بلغات عدة، لكنه لم يجد فيها شيئًا لافتًا.
عندما انتقل إلى غرفة النوم، وجدها في حالة فوضى شديدة، حيث كانت أغطية السرير متناثرة على الأرض. كان يكره تفتيش ممتلكات الأموات، لكن طبيعة مهمته أجبرته على ذلك. في أثناء تفحصه للخزانة، لاحظ أن الميجور دي مورا كان شغوفًا بالأحذية، إذ امتلك عشرة أزواج مصطفة بعناية، إضافة إلى زوج آخر تحت الكرسي، إلى جانب نعل فارسي أحمر. لاحظ باروك أن جميع الأحذية كانت أصغر من الحجم المعتاد، وعند مقارنة أحدها بحذائه، اكتشف أنها كانت ذات كعب عالٍ بشكل غير طبيعي؛ ما أكد له أن الميجور، الذي كان قصير القامة، كان يسعى لتعويض قصره بهذه الأحذية.
بعد نحو ساعة، غادر باروك الجناح دون أن يجد أدلة حاسمة، لكنه خرج بمعلومات عن حياة الميجور دي مورا: لم يستقبل زوارًا يوم السبت، خرج لإرسال رسائل وعاد سريعًا، كان متزوجًا ولديه ابنتان ولكنه منفصل عن زوجته التي تعيش في بوينس آيرس منذ عشر سنوات. عُرف عنه شجاعته في ساحة القتال، كما كان يهتم بأقدامه الصغيرة على نحو مبالغ فيه، وكان معروفًا بكثرة علاقاته العاطفية، كما كان يصبغ شعره. إضافة إلى ذلك، كان متورطًا في علاقة غامضة، مدمنًا على تدخين السيجار الفاخر، ويميل إلى السادية في شخصيته.
لكن فكرة محددة ظلت تلاحقه وهو يسير في الظلام: «حذائي!»، مرددًا الجملة بأساليب مختلفة وكأنه يحاول فهم معناها الخفي. شعر بأن هذا الأمر يحمل أهمية غير عادية، فقرر العودة مجددًا إلى منزل السيدة سوندرز، وأخذ زوجًا من الأحذية ملفوفًا بورق الصحف، ثم اتصل بالكولونيل داوني قائلًا: أعتقد أنك كنت على حق بشأن دي مورا. يبدو أنه كان ضحية جريمة قتل بارعة. أحتاج لإعادة فحص الجثة، لقد فاتكم شيء مهم.
في صباح اليوم التالي، بدأ باروك جولة على محلات تصليح الأحذية في بلدة ليتشغيت، مستخدمًا الأسلوب نفسه في كل زيارة: صباح الخير، صديقي الميجور دي مورا ترك زوجًا من الأحذية للإصلاح. هل أصبح جاهزًا؟
وبعد ست زيارات غير مثمرة، اقترح عليه أحد الأشخاص أن يجرب عند «السيد ستيكل»، وهو اسم بدا مألوفًا له.
كان متجر ستيكل، وهو ورشة قديمة تعود إلى القرن السابع عشر، مختبئًا خلف غطاء من النباتات المتسلقة، وفي الداخل، كان يجلس رجل ضئيل الحجم بلحية حمراء، منهمكًا في إصلاح حذاء قديم دون أن يلتفت إلى زائره. عندما سأله باروك عن حذاء دي مورا، أجابه بصوت مرتفع بعد أن أفرغ فمه من المسامير التي كان يمضغها: استلمه بصباح الجمعة نفسه، كما وعدته تمامًا.
كان الحذاء الذي استلمه دي مورا يتميز بأنه بني اللون بأجزاء علوية بيضاء مثقوبة، وهو نوع يُعرف باسم «حذاء المذنبين». وعند سؤال باروك عمَّن كان مسؤولًا عن الورشة ليلة الخميس، أجابه ستيكل بأنه لا يخرج أبدًا ليلًا، لكنه استثنى تلك الليلة؛ لأنها كانت بمثابة تحدٍّ له، إذ كان عليه أن يثبت أنه أفضل صانع أحذية في المنطقة.
استمر باروك في استجوابه حول من يمكن أن يكون قد دخل الورشة في أثناء غيابه، فذكر ستيكل أن أحدًا لم يكن هناك، لأنه يقفل المكان بإحكام. لكن حين سأله باروك عمَّن يملك نسخة من المفتاح، أجابه قائلًا: لا أحد على الإطلاق.. باستثناء الدكتور ألارديس.
فسَّر ذلك بأن الدكتور ألارديس حصل على مفتاح في أثناء مرض ستيكل بالتهاب الشعب الهوائية، حيث كان يأتي لرعايته ليلًا، ولم يطلب منه قط إعادة المفتاح. أضاف أن الدكتور ما زال يزور الورشة من حين لآخر بحكم الصداقة بينهما.
انطلق باروك إلى منزل الدكتور ألارديس، الذي كان يعرف باسم «هيث هاوس»، وهو بناء قديم مغطى بالنباتات المتسلقة. عند مدخل المنزل، قرأ على لوحة نحاسية أسماء السكان: جوليان ألارديس، زميل الكلية الملكية للأطباء (إدنبرة).
- الدكتورة م. ألارديس.
فتح له البابَ خادمٌ اسكتلندي متجهم، قاده إلى مكتب واسع بإطلالة على السهل. بعد لحظات، دخل رجل طويل القامة، ذو ملامح قوية وشعر فضي مسرَّح بعناية، وقال بصوت حازم: صباح الخير، الميجور باروك. فهمت أنك تريد مقابلتي.
كان هذا هو الدكتور جوليان ألارديس، الذي أوضح على الفور أنه لا يمارس الطب، بل يعمل في مجال الأبحاث. ثم فُتح باب آخر، ودخلت امرأة رقيقة، قدمها الدكتور ألارديس قائلًا: هذه الدكتورة ألارديس.
همَّ باروك بسؤالها إن كانت ابنة الطبيب، لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة، وبدلًا من ذلك، انحنى لها تحيةً رسميًا.
يتناول المشهد تحقيق الميجور باروك مع السيدة ماريانا ألارديس بشأن جريمة غامضة تتعلق بموت رجل يُدعى رافائيل دي مورا باستخدام سم «الكوراري».
يكتشف باروك أن السيدة ألارديس كانت على علاقة سابقة مع دي مورا، لكنها اكتشفت خداعه عندما علمت أنه متزوج. لاحقًا، وقعت في حب غابرييل فارِز، وهو طبيب كان يدرس معها، لكن دي مورا دبر مكيدة لقتله عبر وضع شوكة مسمومة في حذائه بمساعدة خادمه المخلص. بعد وفاة غابرييل، أقسمت ماريانا على الانتقام.
عندما ظهر دي مورا مرة أخرى في المنطقة، خططت لقتله بالطريقة نفسها التي قُتل بها غابرييل، عن طريق إدخال شوكة مسمومة في حذائه في أثناء تصليحه عند صانع الأحذية جيريمياه ستيكل. لكنها لم تكن تعلم أن زوجها، الدكتور جوليان ألارديس، كان قد غيَّر السم بمادة غير قاتلة، مدركًا نيتها، ولكنه أراد أن يفشل مخططها حتى تعتقد أنها نفذت وعدها دون ارتكاب جريمة قتل فعلية.
في النهاية، يُكشف أن دي مورا قد مات لأسباب أخرى غير السم الذي وضعته ماريانا؛ ما يعني أنها ليست مسؤولة عن وفاته، لكن القصة تترك تساؤلات حول العدالة والانتقام، وحدود الأخلاق.
الفصل الرابع «بوذا الضاحك يجد مشتريًا»
الميجور بيمباشي باروك لم يكن في ليتشغيت بسبب آل ألارديس، بل كان في مهمة تتعلق بسر خطير يهدد الحلفاء. وهذا ما أدى إلى الأحداث الغريبة التي وقعت في متجر الفنان مارتن براون.
في متجر الأدوات الفنية «براون، مادر وشركاه»، يقف رجل ذو ملامح شرقية أمام النافذة، متأملًا تمثالًا خشبيًا صغيرًا لبوذا الضاحك معروضًا للبيع بمبلغ 100 جنيه إسترليني، وهو سعر باهظ مقارنة بقيمته الحقيقية. هذا الرجل هو باروك نفسه.
يدخل باروك المتجر، حيث يلتقي بصديقه القديم مارتن براون، الفنان الإنجليزي الذي حاول تجنب الإفلاس عبر هذا المشروع. خلال حديثهما، يدخل زبون غاضب، رجل مسن ذو مظهر عسكري، متهمًا براون بالاحتيال بسبب السعر المرتفع للتمثال. يغادر الرجل بعد أن يصف براون بالمجنون.
يقرر باروك الكشف عن سر وجوده في إنجلترا، ويبدأ في سرد قصة غامضة تعود إلى ما قبل عامين، عندما كان يقضي إجازته على الريفييرا الفرنسية. هناك، التقى بالدكتور جانسون رونميد، الفيزيائي الشهير من جامعة هارفارد، الذي كان يجري تجارب غامضة في فيلته بـ «كاب ديل».
في إحدى الأمسيات، حضر باروك عشاءً صغيرًا مع رونميد، مساعدته آن ميرتشام، وزوجين أمريكيين يُدعيان فانديرسن، بالإضافة إلى السيدة فيفيان، وهي امرأة غامضة ذات جمال آسر وعلاقة مريبة برونميد.
بعد مغادرة الضيوف، يتحدث رونميد مع باروك عن «خطورة العزلة»، قبل أن يكشف له سرًا مذهلًا: أهم اكتشاف فيلته لا يُخزن في خزنة ولا يُدفن تحت الأرض، بل يُعرض للعيان.. تمثال صغير لبوذا الضاحك، الذي كان موضوعًا في مدخل الفيلا.
في تلك الليلة، بعد مغادرة باروك، يُقتل رونميد بطريقة وحشية في مدخل منزله، وتُترك الفيلا في فوضى عارمة. الغريب أن الشيء الوحيد الذي سُرق هو تمثال بوذا الضاحك!
هذا يقود إلى التساؤل: لماذا كان التمثال مهمًا جدًا؟ ولماذا يحاول باروك بيعه الآن في إنجلترا؟
ثم ننتفل الي جريمة القتل الغامضة للدكتور رونميد، الذي وُجد مقتولًا أمام بوابة فيلته في كاب داي. كان القاتل قد استدرجه إلى الخارج خلال ليلة عاصفة، حيث سدد له ضربة قوية على الرأس بأداة ثقيلة؛ ما أدى إلى وفاته على الفور نتيجة ارتجاج في المخ. لم يسمع أحد أي صوت بسبب العاصفة القوية التي اجتاحت المنطقة في تلك الليلة؛ ما جعل الجريمة تكتنفها الغموض.
وصل المحقق فوبرت من الشرطة الفرنسية برفقة السيد لورد من الاستخبارات الأمريكية إلى موقع الجريمة، ليكتشفا أن الفيلا قد تم تفتيشها بعناية، لكن لم تُسرق أي أموال أو مقتنيات ثمينة. كان واضحًا أن الجاني لم يكن يسعى للسرقة، بل كان يبحث عن شيء معين. زاد هذا الاكتشاف من غموض القضية، خصوصًا مع اختفاء السيدة فيفيان المفاجئ في الليلة نفسها. شوهدت فيفيان آخر مرة في بهو الفندق برفقة آن ميرتشام، التي أكدت أنها غادرت إلى غرفتها للنوم بعد حديثهما، إلا أن الفندق أبلغ عن إخلاء فيفيان لغرفتها وأخذها لأمتعتها دون أن تترك أي أثر. لم يُعثر على سجل لمغادرتها عبر الحدود الإيطالية، ما أثار الشكوك حول تورطها في القضية.
في أثناء التحقيق، تبين أن الدكتور رونميد كان يحتفظ بتمثال صغير لبوذا الضاحك، وهو ما أثار انتباه الضابط بيمباشي باروك خلال العشاء الأخير الذي حضره الدكتور. بعد مقتله، اختفى التمثال دون أثر؛ ما عزز الشكوك حول ارتباطه بالجريمة. لاحقًا، اكتُشف أن السيدة فيفيان تُعرف أيضًا باسم مدام بياس، وكانت لها علاقة بجماعة مقامرة تعرضت لخسائر فادحة. وُصفت بأنها امرأة ذات جاذبية وتأثير قوي، لكن اختفاءها المفاجئ أثار شبهات أخرى حول احتمال تورطها في عمليات تجسس، خاصة مع تعقيد ملابسات القضية.
مع استمرار البحث، كشف السيد لورد أن الدكتور رونميد كان يعمل على تطوير قنبلة ذرية ذات قوة تدميرية هائلة، وأن ثلاث حكومات فقط تمتلك المعرفة الأساسية بصناعتها، لكن الصيغة النهائية للانفجار ظلت سرًا مجهولًا. تبين أن هذه الصيغة قد تكون مخبأة داخل تمثال بوذا الضاحك؛ ما جعله محل اهتمام قوى كبرى تسعى للاستحواذ عليه.
يصل بيمباشي باروك إلى متجر براون، حيث يكتشف أن تمثال بوذا الضاحك قد اختفى، ويجد نفسه في مواجهة مع السيدة فيفيان، التي تقدم نفسها الآن باسم "ليدي تريفيلس". يدرك باروك على الفور أن أمامه خصمًا بارعًا، إذ تظهر فيفيان تأثرًا عاطفيًا بعودته المفاجئة، وتخبره بقصة درامية عن نجاتها من الغرق بعد عاصفة بحرية أخذتها إلى كورسيكا، حيث التقت بزوجها الحالي، السير جورج تريفيلس.
خلال حديثهما، توضح أنها كانت قريبة من الدكتور جانسون رونميد وأنها تعتقد أن التمثال الذي رأته في المتجر هو التمثال نفسه الذي كان في فيلته. ومع ذلك، تصل رسالة من براون إلى باروك تخبره بأن التمثال الأصلي قد ظهر مجددًا. يدرك باروك أن لعبة خفية تُلعب، لكنه يسمح لليدي تريفيلس بشراء التمثال المزيف مقابل مائة جنيه إسترليني، ما يمنحه وقتًا إضافيًا لتنفيذ خطته.
بعد العشاء، يزور باروك السيدة تريفيلس في منزلها، حيث تعترف بأنها لم تكن تبحث عن سر علمي، بل عن نظام مراهنات كان الدكتور رونميد قد طوره لإفلاس الكازينوهات. تكشف أن علاقتهما بدأت حينما ساعدها على الفوز بمبلغ ضخم باستخدام طريقته الخاصة في الروليت، لكنها لاحقًا أدركت أنه لم يكن جادًا بشأنها؛ ما دفعها إلى محاولة سرقة التمثال بحثًا عن السر.
يدرك باروك أن رحلته الطويلة من مصر إلى إنجلترا لم تكن سوى مطاردة لنظام قمار، لا لقنبلة ذرية، وأن الدكتور رونميد، رغم أنه كان يملك معرفة علمية متقدمة، لم يتمكن أبدًا من إكمال نظريته عن القنبلة. وهكذا، ينتهي التحقيق بكشف حقيقة أن كل الأطراف المعنية كانت تسعى وراء وهم، سواء كان ثروة من المقامرة أو سلاحًا قادرًا على تغيير مسار الحروب.
انقطعت أخبار التمثال مدة بعد سقوط فرنسا في الحرب العالمية الثانية، لكن بعد عامين، اكتشف بيمباشي باروك وجوده في متجر صغير بمدينة بورسعيد. رغم ذلك، اختفى التمثال مرة أخرى بعد أن اشتراه جندي بريطاني كان على متن سفينة عسكرية متجهة إلى إنجلترا. تتبع باروك خيوط القصة ليكتشف أن التمثال كان بحوزة بحار فرنسي يُدعى جان كارون، لكنه فقده في ظروف غامضة بعد حادث في موناكو، حيث تورطت امرأة يُعتقد أنها السيدة فيفيان.
واصل باروك بحثه في إنجلترا لتعقب الجندي الذي حصل على التمثال، لكنه اكتشف أن السفينة التي كان على متنها غرقت قبالة الساحل الأيرلندي، رغم نجاة جميع ركابها. نُقل الجنود الناجون إلى بريطانيا؛ ما جعل مهمة العثور على التمثال أكثر تعقيدًا. قرر باروك وضع خطة ذكية لجذب الجندي الذي بحوزته التمثال، حيث عرض نسخة مقلدة منه في نافذة متجر صديقه مارتن براون بمدينة ليتشغيت، على أمل أن يتعرف عليه الجندي ويحاول بيعه أو الاستفسار عنه.
بعد يومين، تلقى باروك رسالة من صبي صغير يُدعى بونغو، يخبره فيها أن مارتن براون تلقى مكالمة هاتفية مهمة. أدرك باروك أن خطته نجحت، وأن شخصًا ما أبدى اهتمامًا بالتمثال؛ ما قد يقوده أخيرًا إلى مفتاح اللغز.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.