إن مهنة التعليم تتطلب الاطلاع على مجموعة من المبادئ القانونية، وذلك لأن الفكر القانوني ينظم العلاقات على جميع المستويات، ويُكسبها طابع الاستقرار والتنظيم، وهكذا فإن رجل التعليم يمتاز بكونه يطبق دائمًا قاعدة: معرفة الأشياء خير من جهلها، وبذلك يحقق ثقافة متكاملة تساعده على التكيف واستثمار المعلومات.
اقرأ أيضاً العقود القانونية وأهميتها في حياتنا اليومية.. نصائح ومحاذير
التشريع والتنمية في دراسة العلوم
ولعل هذه الميزة هي التي جعلت رجل التعليم أكثر تقبلًا للمعلومات وأسرع في فهمها واستيعابها والاستفادة منها، وبما أن التشريع يؤدي دورًا أساسيًّا في حياة المجتمعات، فإلى أي حد يؤدي دوره في التنمية؟
إن موضوع التنمية أصبح مجال دراسة كل العلوم على اختلاف ميادينها، ولعل التشريع من أهمها وأجدرها عنايةً بهذا الموضوع؛ وذلك لأن التنمية لا يمكن تحقيقها في أي بلد دون تشريع.
فهو الذي يحدد الاختصاصات النوعية والمكانية، كما تتبلور فيه مستويات وطرائق وحدود المساهمات والمبادرات في الإطار العام والخاص.
فإذا كان القانون مجموعة من القواعد التي تنظِّم العلاقات الإنسانية والإدارية، فإنه يهدف أساسًا إلى خلق جو تتفاعل فيه العطاءات في نظام وانضباط واستقرار، إذ لا يمكن للمرء أن يُنتج بفعالية في جو لا يأمن فيه على نفسه أو على ماله أو على حقوقه ومقدَّراته.
اقرأ أيضاً ماذا تعرف عن الخطاب القانوني ؟
التعايش والتشريع مع التربية
1- من حيث الطبيعة: كل من التربية والتشريع ظاهرة اجتماعية، فلا يُتصور وجود مجتمع حيث لا يوجد قانون أو تربية، وكل منهما يتصور حضارة الأمة ويواكب تطورها ويسهم فيه.
2- من حيث النطاق: يلاحظ أن نطاق التربية أوسع من نطاق القانون، باعتبار أن التربية عملية داخلية تمس المشاعر والإحساسات، علاوة على السلوك الخارجي، فهي إذن عملية وحفز، لا محاسبة وتقدير، بينما القانون ينظِّم السلوك الخارجي للأشخاص.
3- من حيث الهدف: يهدف القانون إلى توطيد الاستقرار الاجتماعي، وتأمين مصالح الأفراد والجماعات، والتربية تسعى دائمًا في إطار ذلك الاستقرار إلى تحقيق المثل الأعلى الذي ترومه الأمة.
4- من حيث المضمون: يشتمل القانون على قواعد تتناول الحقوق والواجبات والأوامر والنواهي والرُّخَص والشروط، والإجراءات والعقوبات وغير ذلك من الأمور التي تكفل عند تطبيقها السير العادي لمرافق الدولة، وتغييره أو تعديله يتطلب عادة إجراءات معقدة.
5- من حيث الوجود والعدم: إن الوجود الفعلي لكل من القانون والتربية يسهم بكل جدارة في توطيد دعائم الاستقرار والتحضُّر والازدهار، بينما غياب أو ضعف القانون في مجال معين من الحياة، يكرِّس وينمِّي الصراع الاجتماعي، ويفسح المجال أمام القوي على حساب الضعيف، أما غياب أو نقص التربية، فيعزز شكيمة الجهل والتخلف، ويُصعِّد المشكلات الاجتماعية ويجعل البلاد أفرادًا وجماعات عرضة للضياع والتهور.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.