نتحدث عن ملالا.. تلك الفتاة التي زاع صيتها عبر البلدان، وأصبحت نموذجًا يُحتذى به في الشجاعة، والذكاء، على مر الأعوام الماضية، تلك الفتاة الصغيرة البشتونية التي رفعت صوتها لكي تُسمع العالم بأكمله.
اقرا ايضاً تعرف على الفتاة العربية الوحيدة الحاصلة على جائزة نوبل
نشأة ملالا
كبرت وترعرعت ملالا في وادي سوات بدولة باكستان، ذلك الوادي المليء بالبحيرات الساحرة، وتتدفق منه الشلالات التي تنير الأعين، ويتدلى من أشجاره الفواكه المختلفة الشهية، والشهير بأسماك السلمون المرقط.
كانت قد كبرت ملالا وسط تلك الطبيعة الخلابة في بيئة هادئة ومن حولها تلك اللوحات الفنية الرائعة، نشأت بين أسرة ليست كبيرة العدد مع أمها وأبيها وأخويها الفتيين (خوشال، أتال).
عُرفت ملالا منذ الصغر بتفوقها الدراسي، ومشاركاتها الاجتماعية وخصوصًا بالأنشطة المدرسية، والمسابقات، وكانت دائمًا متميزة، وكانت ترى مدرستها هي المرشدة الروحية لها، فالتعليم هو الذي ينير ظلمات الجهل التي تسود المجتمع.
اقرا ايضاً ماري كوري.. أول إمرا فازت بجائزة نوبل
سيطرة الطالبان على وادي سوات وتحطيم حلم ملالا
عندما بدأ الطالبان في السيطرة على وادي سوات بزعامة فضل الله، بدأوا في وضع قواعد جديدة ومستبدة.
وكان منها وأهمها ألا تذهب الفتيات للمدرسة؛ مبررين ذلك بأن دورهن الحقيقي يتمثل في المنزل وأشغاله، وارتداؤهن الكامل للوشاح الذي يغطي من رأسهن لقدمهن، ومنعهن حتى من الخروج للأسواق، ويجب ألا يراهن أحد أو يختلط بهن.
وبدأوا بإغلاق كثير من المدارس ومنعوا الفتيات من الذهاب للمدارس، وبينما كان الرعب يسود الوادي ويرتعد الناس منهم خوفًا.
كانت ملالا تواجه ذلك بدعم من أبيها، فقد كانت تكتب باسم مستعار على مدونة على البي بي سي باسم جوي مكاي، وتحكي عن مساوئ الطالبان.
اقرا ايضاً رابط إعلان جائزة نوبل للأدب 2022 مباشر
اغتيال ملالا
في التاسع من أكتوبر عام ٢٠١٢م، أُطلق النار على ملالا وهي في الخامسة عشرة من عمرها، حيث كانت بالحافلة التي تقلها هي وزملاءها الفتيات بعد إتمام اليوم الدراسي بمدرستهن، مدرسة والدها التي تسمى(خوشال).
ولكن كان ذلك اليوم ليس ككل الأيام التي تعود فيها ملالا إلى منزلها بسلام، فقد كان كل فكر ملالا حول مراجعة دروسها لكي تؤدي اختبار اليوم التالي، ولكن شيئًا آخر حدث لها ما كان في حسبانها في ذلك اليوم.
فقد اعترض طريق الحافلة رجلان من الطالبان، وسأل أحدهما: من فيكن ملالا؟؟ فساد الصمت ووجَّه جميع الفتيات نظرهن نحو ملالا، ليصوب الرجل بعد ذلك نحوها ثلاث طلقات.
أصابت ملالا طلقة، فقد اخترقت جبهتها من فوق حاجبها الأيسر، لتستقر في كتفها الأيسر، والرصاصتان الأخريان أصابتا رفيقتيها الجالستين بجوارها في الحافلة الصغيرة.
كانت واحدة تدعى شادية وأصيبت في عظم الترقوة وكف يدها، والأخرى كاينات، أصيبت بأعلى ذراعها الأيمن.
كانت حالة ملالا أخطر من زميلاتها حيث اقتربت جسيمات الرصاصة كثيرًا من المخ، وقد دمرت غشاء المخ، وبدأت تزداد الحالة الحرجة لملالا بتورم مخها، مما جعل العقيد جنيد يقوم بإجراء جراحة لإزاله جزء من الجمجمة.
وهذا ما أوضحه طبيب الأعصاب(جنيد) بالمستشفى العسكري التي نقلت إليها ملالا ووالدها بالمروحية في بيشاور، وهذا بعدما ذهبت أولاً بعد إصابتها إلى مستشفى سوات المركزي، وهناك ذكر الأطباء أن الإصابة ليست بالغة، واكتفوا بتطهير الجرح وتضميده فقط.
نجاة ملالا ووصولها إلى إنجلترا
بعد إجراء الجراحة، ازداد تدهور حالة ملالا أكثر من خلال تورم جسدها، وتدهور وظائف الكلى، وأكثر.
فنُقلت على أثر ذلك إلى روالبندي تحت إشراف الطبيبة فيونا البريطانية التي تصادف وجودها بباكستان، والتي نقلت كثيرًا من الحالات الحرجة من الأطفال على متن طائرات.
وبعدها انهالت عروض من كثير من الدول للعلاج بالخارج وكان من أوائل تلك الدول أميركا، وألمانيا، وسنغافورة، وبريطانيا.
تم نقل ملالا لمشفى الملكة إليزابيث ببرمنغهام من خلال طائرة مجهزة بمشفى تابعة لدولة الإمارات.
في الخامس عشر من أكتوبر نُقلت ملالا لإنجلترا لإكمال علاجها، وعندما نقلت كانت بمفردها بادئ الأمر.
بدأت ملالا الرجوع للحياة مجددًا، ولكنها لم تكن تستطيع التحدث والحراك بشكل كامل، فقد كانت تستخدم الكتابة للتعبيرعما تريد، أو إذا أرادت السؤال عن شيء ما.
وبعد مرور أيام بدأت حالتها تتحسن أكثر وأكثر.
وفي وقت مكوثها بالمشفى، بدأ يتوافد على المشفى كبار الدبلوماسيين والسياسيين، واستلمت ملالا كثيرًا من الرسائل من داعميها حول العالم، ومن كبار الفنانين ومن بينهم إنجلينا جولي.
استقرت ملالا وأسرتها في إنجلترا، وتحدثت أمام الأمم المتحدة بنيويورك وهي بعمر الــ ١٦، حيث كانت تدعم الفتيات والأطفال الفقراء، وتنادي بحقهم بالتعليم.
حصول ملالا على جائزة نوبل للسلام
حازت ملالا على جائزة نوبل للسلام وهي بعمر الــ ١٧ في عام ٢٠١٤م، وبذلك تكون أصغر شخص نال تلك الجائزة.
ما زالت جهود ملالا مستمرة في الحث على التعليم، ودعم الكثيرين في مختلف نواحي الحياة وبالأخص دعمها للفتيات حول العالم للحصول على كافة حقوقهن وخاصة التعليم.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.