لا يوجد كائن حي على وجه الأرض يمكنه العيش دون طعام أو شراب، حتى لو بأقل القليل منهما؛ فالطعام والشراب من أساسيات الحياة، والجوع والعطش غرائز أساسية طبيعية قد تدفع الشخص للقيام بأفعال جنونية عند عدم توفر الطعام والشراب خاصة القتل.
لكنك بالتأكيد لا تعلم مصير هذه اللقمة التي تضعها في فمك وتمضغها ببطء، وكيف تتحول في النهاية إلى فضلات. لذا فنحن في هذا المقال سنسير في رحلة عبر الجهاز الهضمي للإنسان؛ لنشاهد ذلك سويًّا.
الجهاز الهضمي
هو المسئول عن معالجة الطعام الداخل إلى الجسم، والاستفادة منه والحصول على ما يحتاج إليه جسم الإنسان من فيتامينات ومعادن ومواد غذائية مفيدة، ثم يتخلص من المواد غير المفيدة عن طريق الفضلات في البول والبراز.
والجهاز الهضمي ليس عضوًا، إنه مجموعة من الأعضاء، ولكل عضو وظيفة محددة تسير في ميكانيكية رتيبة وتنظيم مدهش لتصل في النهاية إلى الاستفادة القصوى من الغذاء الذي تتناوله.
مكونات الجهاز الهضمي
لنبدأ من البداية حيث أول عضو يقابلك وهو:
الفم
تلك اللقمة التي تبتلعها تبدأ أسنانك بمضغها في الفم وتقطعها قطعًا صغيرة، ولو دققت في أسماء الأسنان لوجدت أن منها الأنياب والقواطع والأضراس، حيث لكل منها مهمة معينة في تقطيع الطعام، أما الغدد اللعابية في الفم فتفرز اللعاب الذي يسهل عملية المضغ عن طريق إنزيمات معينة؛ ليتحول الطعام في فمك إلى مادة بين الصلب والسائل يسهل بلعها.
البلعوم والمريء
عادة لا يُعد البلعوم من مكونات الجهاز الهضمي وأعضائه؛ لأن وظيفته فقط هي نقل الطعام بعد بلعه إلى المريء، لذا فهو يعد أكثر من أجزاء الجهاز التنفسي؛ لأنه يصل أيضًا ما بين تجويف الفم والحنجرة.
وهذا ما يفسر لك حدوث ما نسميه نحن (الشرقة) إذا تحدث أحدهم في أثناء الطعام؛ وذلك لأن الهواء يدخل الحنجرة من الفم في أثناء الكلام، وأنت تأكل في الوقت نفسه؛ فيتداخل الهواء القادم من الحنجرة مع الطعام في البلعوم؛ ما يسبب حدوث كحة وصعوبة في الكلام، قد تؤدي إلى الوفاة؛ لأن الطعام يقف في طريق مرور الهواء من الحنجرة.
المريء
وهو أنبوب عضلي يصل ما بين المعدة والبلعوم، فيصل الطعام الممضوغ إلى المعدة عن طريق مجموعة انقباضات دودية متعرجة ليصل الطعام بسلام إلى المعدة.
في نهاية المريء نجد عضلة عاصرة تحجز الطعام قبل وصوله إلى المعدة مباشرة حتى لا يعود الطعام إلى المريء مجددًا.
المعدة
وهي العضو الرئيس من أعضاء الجهاز الهضمي ويشبه الكيس، وعلى الرغم من صغر حجمها؛ فإنها تحتوي على مجموعة من الأنزيمات والأحماض القوية التي تعمل على تكسير الطعام إلى جزيئات دقيقة في عملية ميكانيكية تُسمى الهضم، وتستغرق عدة ساعات حسب الطعام نفسه.
فالكربوهيدرات مثلًا تستغرق وقتًا أطول في الهضم؛ لأن جزيئاتها معقدة التركيب، وتحتاج وقتًا أطول لكسر الروابط وتفكيكها إلى مواد بسيطة، وبسبب عملية الهضم المطولة هذه نشعر بالخمول عند تناول وجبة دسمة، إذ يتجه كل الدم الموجود بالجسم إلى المعدة بعد إطلاق صفارات الإنذار التي تشير إلى وجود مهمة ثقيلة في المعدة وعلينا إنجازها.
قد لا تعرف أن الحركة البسيطة تساعد في الهضم وإتمام تلك المهمة بنجاح بدلًا من الخلود للنوم بعد وجبة دسمة، إذ تسهل على معدتك المهمة؛ ولهذا السبب ينصح الأطباء بعدم تناول أي وجبات دسمة ليلًا والنوم بعدها مباشرة؛ لأن هذا التصرف يؤدي إلى أضرار كثيرة.
الأمعاء الدقيقة
وهي تكملة للجهاز الهضمي وجزء أساسي منه، وهي أنبوب طويل ملتف ستتعجب حتمًا من وجوده داخل جسمك، فإذا تم فرده في الواقع قد يصل طوله لأكثر من 700 سم!
في الأمعاء الدقيقة يحدث استكمال لعملية هضم الطعام وتكسيره بواسطة إنزيمات العصارة الصفراوية الصادرة من المرارة.
والمرارة لا تعد عضوًا أساسيًّا من الجهاز الهضمي؛ لأن في بعض الحالات يتم استئصالها والعيش بصورة عادية. وهي عضو كمثري يتصل بالكبد، ووظيفة إنزيماته هي هضم الدهون المعقدة، وتنقبض المرارة لإفراز عصارتها الصفراوية في حال وجود الطعام بالأمعاء الدقيقة.
في الأمعاء الدقيقة تهضم الدهون وإزالة أي فضلات أو مواد غير مفيدة من الطعام، وتُمتص الفيتامينات والمعادن المهمة للجسم عن طريق الاثني عشر، وهو جزء من الأمعاء.
الأمعاء الغليظة
وهي المسماة القولون، أنبوب عضلي طوله نحو 6 أقدام بنهاية الأمعاء الدقيقة، وفي القولون يتم امتصاص السوائل الناتجة عن عملية الهضم ومعالجة الفضلات والمواد الضارة التي سيعمل الجسم على التخلص منها في البراز.
تتحرك تلك الفضلات بصورة دودية حتى تصل إلى المستقيم، وهو الذي يربط بين القولون وفتحة الشرج، ويستقبل تلك الفضلات من القولون ويحبسها في عضلات الحوض حتى يحين موعد إخراجها من فتحة الشرج.
البنكرياس
هو عضو متصل بالقناة الهضمية يقوم بوظائف عدة في آنٍ واحد، فهو المسئول عن إفراز الإنزيمات اللازمة لتكسير الروابط الكيميائية بين جزيئات الطعام، وينقلها إلى الأمعاء الدقيقة، ويُفرز أيضًا هرموني الأنسولين والجلوكاجون، وهي الهرمونات الأساسية المسئولة عن تنظيم السكر في الدم.
الكبد
هو المسئول عن إفراز العصارة الصفراوية من المرارة كما أشرنا سابقًا، ويعمل أيضًا على تنقية الدم من الفضلات والملوثات.
كم تستغرق عملية الهضم؟
تستغرق عملية الهضم من 4 - 7 ساعات تتوقف على كمية الطعام ونوعيته، وكذلك عمر الشخص نفسه.
فهضم كوب من الزبادي لن يستغرق الوقت نفسه الذي يحتاج إليه هضم ساندويتش فول مثلًا. وكذلك عمر الشخص، فأعضاء جسم الإنسان تقل كفاءتها بالتقدم في العمر مثل أي شيء، حيث تفقد الخلايا قدرتها على التجدد، ومن ثم تحتاج عملية الهضم إلى وقت أطول مع الأشخاص الأكبر سنًّا، وتبدأ متاعب الجهاز الهضمي المعروفة من حرقة المعدة وارتجاع المريء وغيرها.
لذا ينصح الأطباء كبار السن بتناول الأطعمة البسيطة غير المعقدة، والابتعاد عن الطعام المسبك المملوء بالصلصة والدهون، ليسهل هضمه.
لماذا تحدث متاعب الجهاز الهضمي؟
بعيدًا عن السن فإن أغلب متاعب الجهاز الهضمي تكون بسبب ما تتناوله. وعلى الرغم من المثل الشائع عن المصريين (المصريون ياكلوا الزلط)؛ فإن هذا لا يمنع أنهم من أكثر الشعوب التي تعاني من القولون وارتجاع المريء، وغيرها من متاعب الجهاز الهضمي.
أغلب تلك المتاعب بسبب التهاب أحد أعضاء الجهاز الهضمي على نحو لا يقدر معه على أداء وظيفته بشكل صحيح، فكما رأيت أن عملية الهضم عملية معقدة ومرتبة بدقة، فإن تعثرت أي مرحلة منها فستتوقف العملية كلها وتحدث المتاعب.
مثلًا يحدث القيء بسبب التهاب الأمعاء في الغالب، ومن ثم يرتدُّ الطعام ثانية إلى المريء محملًا بالأنزيمات والأحماض الهاضمة، لذا تشعر بحرقة في معدتك لا تختفي إلا بعد أن تتقيأ كل ما فيها.
لكن يمكنك الحفاظ على جهازك الهضمي والتمتع بالطعام المصري اللذيذ في الوقت نفسه بالحرص على تناول أكلات خفيفة من وقت لآخر، وألا تثقل على معدتك في أداء مهام قد تصيبها بالعطب والتوقف.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.