تعد مكتبة المصحف مشروعًا ضمن التوسعة السعودية للمسجد النبوي، وهذه المكتبة من منجزات عهد الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله. وقد أنشئت المكتبة في علو المسجد بفنية وتصميم دقيقين، وكان إنشاؤها في عُلْوِ باب الصديق (أبي بكر) رضي الله عنه، أو في عُلْوِ خوخته الموجودة في المسجد المعروفة بأثريتها في التاريخ الإسلامي.
ويقع باب المكتبة داخل باب الصديق، في الجانب الشمالي منه المُلاصق للباب مباشرة، ويصعدُ إليها الصاعدُ من سُلّمٍ حجري مُريح مفروش بطنفسة فاخرة حمراء اللون.
ممَ تتكون مكتبة المصحف؟
والمكتبة تتكون من بهوٍ واسع مستطيل جنوبًا وشمالًا، يُطِل الجالس فيها من نوافذها الأربع الداخلية الزجاجية فيشاهد جموع المصلين بالمسجد، ويسمع قراءة الإمام، وخُطبة الخطيب، وأذان مقيم الصلاة كما يسمعها من في المسجد بمكبرات الصوت المثبتة داخلها بفنيّةٍ وإتقان.
تقع المكتبة في عُلْوِ المسجد، وتعلوها غرفة أخرى وضعت فيها بعض الآثار، ومكتبة المصحف في القسم الغربي من التوسعة السعودية ملتصقة بالجدار في جانبها الغربي ومشيدة على سقف باب الصديق ذي الفتحات الثلاث في الجانب الشرقي والجنوبي والشمالي.
خزائن مكتبة المصحف
نُسّقت المصاحف الشريفة بخزائن المكتبة من غالب جوانبها أروع تنسيق، ورُتّبَتْ فيها حسب أقدمية خطوطها وأهميتها.
وخزائن المكتبة نوعان:
1. نوعٌ مصنوع من الخشب النفيس الأسمر الجميل المُطَعّم بالعاج الناصع البياض، والعاج هذا مكونٌ من نوعين:
- النوع الأول: مكتوب عليه بالعاج وبالفضة آيات قرآنية وأبيات شعرية في غاية الروعة والإبداع.
- النوع الثاني: يمثل زخارف في نهاية الحسن والجمال.
وللخزائن هذه شُرُفاتٌ زادتها جمالًا على جمال، وهذه الخزائن من مُهْدَيات أم الخديوي عباس باشا الثاني إلى المسجد النبوي بسنة 1328هـ.
وقد كانت هذه الخزائن مصفوفة داخل المسجد النبوي، إلى جانب الجدار الغربي الموالي لباب السلام، ثم أهملت، ثم اعتُني بها مؤخرًا، فنقلت إلى هذه المكتبة بعدما جُددت عناصر الجمال والفنية بها في أحد مصانع مدينة جدة على أيدي فنيين سعوديين.
2. خزائن المكتبة، وهي خزائنُ حديثةٌ جميلةٌ فائقة الجمال، أبوابُها من زجاج، وقد نسقت بها المصاحف الأثرية، وروعي في تنسيقها جمالُ خطها وأقْدميّةُ تاريخ كتابتها.
ويوجد مصحف ضخمٌ عرضًا وطولًا، غلافه السميك محاط بمعدن أبيض من أركانه الأربعة، ويزن (154) كيلو، وهو مكتوب على رق غزالٍ، بخط بلغ غاية الجمال كتبه (غلام محيي الدين) سنة 1240هـ، وأهدي إلى المسجد النبوي، وكان داخله، ثم رؤي -حفظًا له- أن ينقل إلى هذه المكتبة المخصصة للمصاحف الخطية الأثرية المتعددة المهداة إلى المسجد النبوي في مختلف الأزمنة من مختلف الأمكنة، ومختلف المُهْدين، فكان في هذا الصنيع توفيق حميد.
بقية محتويات المكتبة
وإضافة إلى المصاحف الأثرية تزدانُ جدران المكتبة من سائر نواحيها بألواح أثرية مكتوب عليها آيات قرآنية كريمة بأبدع الخطوط، وبسجادات أثرية مكتوب عليها آيات قرآنية مجودة بأبدع الخطوط، وهي من المُهْديات إلى المسجد النبوي.
وقد نقلت نخلتا الصّفْرِ إلى مكتبة المصحف، فكان في نقلهما مزية مجانستهما لما تحويه المكتبة، بالإضافة إلى حفظهما، وقد جُليتا ونُظفتا فعادتا إلى سيرتهما الأولى.
والمكتبة مضاءةٌ بالكهرباء على خير ما تكون الإضاءة، ومكيفهُ الهواء على خير ما يكون التكييف، ومفروشةٌ بثمين الأبسطة العجمية الفاخرة على خير ما يكون الفَرْشُ، كل شيء فيها مرتب على ما يرام، فلا تستطيع أن تقترح مزيد عما كان، ولو اقترحت ذلك لما كان في حدود الإمكان.
تتبع المكتبة وزارة الحج والأوقاف، وهي التي أنفقت على تكوينها من ميزانيتها في عهد وزيرها السيد حسن محمد كتبي، وقد افتتحها باسم الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله الآمر بإنشائها على هذا المنوال البديع في موسم الحج عام 1391هـ بعد الحج مباشرة سمو الأمير عبد المحسن بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة نيابة عن الملك فيصل بن عبد العزيز، وحضر وزير الحج والأوقاف الحفل الذي دعي إليه كبار الشخصيات من الحجاج.
وأعتقد أن (مكتبة المصحف) هذه فريدة وحيدة في موقعها ومحتوياتها، فلا مثيل لها في العالم اليوم، وحسبها فخرًا أنها مكتبة المصاحف الخطية الثمينة النادرة المهداة من أجيال العالم الإسلامي المتتابعة إلى المسجد النبوي.
وقد أنشئت في العهد الفيصلي داخل المسجد النبوي الشريف، لكنها أنشئت كأنها ليست في هذا الداخل، وهذا من إتقان هندسة التصميم..
هذا وفي المكتبة (1900) مصحف مخطوط، منها ما يرتقي في القدم إلى القرن السادس الهجري.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.