وبناءً على ما قال الباحث فإنّ الشّعراء النّيجيريّين خصّوا الشّعراء القدماء بكلّ رغبتهم الشّعريّة واللّغويّة والغرضيّة، فإنّ من يتّخذ امرأ القيس قائداً فإنّه يتابعه في الوصف والغزل.
ومن يتّخذ النّابغة الذّبياني مرشداً فإنّه يقف عند مدحه وهجائه ليتذوّق، وكذلك الخنساء في الرّثاء، وحسّان بن ثابت في الفخر، وزهير بن أبي سلمى في الحكمة.
اقرأ أيضاً مفهوم الشعر العربي الجديد في المجتمع النيجيري ج1
الشعراء القدماء وأسلوبهم المتميز
ولكلّ هؤلاء الشّعراء القدماء أسلوبه الذّي يتميّز به، وإذا أراد الشّاعر أن يتجاوز هذا الأسلوب فإنّه لا يجيد أسلوباً آخر مثل ما يجيد أسلوبه الّذي هو عليه، فحافظ إبراهيم معروف بالشّعر الوطنيّ، وإبراهيم اليازجي معروف بالرّثاء والحكمة، وأبو العلاء المعري معروف بفلسفته، وسيّد قطب معروف بالرّومانسيّة في شعره.
وقد أخرج بعض النّقاد أبا العلاء المعريّ من دائرة الشّعراء المفلقين لمجانبة شعره الخيال والعاطفة، وبعضهم وصف المتنبّي وأبا العلاء وابن الرّومي وبشاراً والشّريف بأنهم هم الشّعراء الحقيقيّون؛ لأنّ شعرهم شعر العقل والتّفكير.
فالشّاعر النّيجيريّ يريد أن ينتمي إلى مدرسة من مدارس أدبيّة، ولكنّه أعمى في انتقاء شخصيّة يريدها لنفسه، فمن اطّلع على ديوان المتنبي يجد أنّ هذا الشّاعر متّسماً بشاعريّة رائعة جميلة، فعلى الشّاعر النّيجيريّ أن يتّخذ إحدى هذه الشّخصيات المذكورة منهاجاً له في المجال الشّعريّ ولا يخرج عن هذا النّطاق.
اقرأ أيضاً مفهوم الشعر العربي الجديد في المجتمع النيجيري ج2
الشعراء في مصر القديمة
ولقد اتّسع الأفق الشّعريّ بين الشّعراء في مصر، وذلك لانفتاحهم على الأدب الغربيّ وثقافته، وهذا ما جعل الشّاعر الدّكتور عيسى ألبي فائقاً بين سائر الشّعراء في المجتمع النّيجيريّ.
والشّاعر النّجيريّ لم يتّضح له أنّه لم يكن مثقّفاً جيّداً في هذا الجانب؛ لأنّه يبني شعره على شيء واحد، وهذا الشّيء لا يكون دقيق الأسلوب والرّونق، فلو اطّلع على ذكرى التّواريخ والأحداث في دواوين الشّعراء المحدثين لرأى أنّه بعيد بعداً شديداً عن هذا الإطار، وبالتّالي يجسّد شعره ويلفّه بالجمود والرّكاكة.
وعلى الشّاعر النّيجيريّ أن يعرف أنّ الأرومة العربيّة من المؤثّرات في الشّعر الجيّد، فالشّعراء الجزائريّون واللّيبيّون يتميّز شعرهم عن شعر شعراء السّنغال ونيجيريا، والشّعراء الأندلسيّون شعرهم حكمة لأصالته الممتازة.
وإذا أراد أن يكون شعره صحيحاً فعليه أن يخطو خطوة هؤلاء الشّعراء، وأن يعرف أنّ شعره يحتاج إلى تهذيب دقيق متكرّر غير الشّعر العربيّ الأصيل.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.