مفاهيم محتاجة تفهيم.. تعرف الآن

 

أمتنا الإسلامية تمتد بكل آفاق العالم، وأنا أعد كل شبر يسكنه أحبابي وإخواني وأصدقائي وطنًا لي، سأتعصب للمظلوم ولو كان خصمًا لي، ولن أقف بجانب ظالم ولو كان يسكن منزل أبي.

قد تحب أن تقصر اهتمامك على محافظتك مثلًا أو حتى قريتك أو مربعك السكني الذي تسكنه، هنا فقط يكون وطنك، وحين تجد الاهتمام لديك لتفرح وتحزن، وللحب والكره مساحة أكبر، حينها سيكون وطنك الجديد.

 

قناعاتي الخاصة أن حدود وطني هي كل بلاد المسلمين الموحدين، وإنما مصر والمنطقة العربية جزء منها، وأوروبا جزء منها، والأمريكتان جزء منها، وسيبريا جزء منها، بل والمريخ أيضًا سيكون جزءًا من وطني إن سكنه أحبابي وإخوتي وأصدقائي المحببين لنفسي.

هذا هو الوطن يا سادة، وهذه في رأيي الوطنية.

 

بضم الخاء وتشديد وفتح الواو، تعني في معانيها كثيرًا، لكن نجد بعض الأشخاص يختزلونها في أطر ضيقة، وإن كانت صحيحة لكنها لا تعبر عن مدلولها الحقيقي، الأخوة قد تعني رابطة الدم حقًّا لكنها ليست كذلك فحسب، وقد تعني أخوة الهدف والمبادئ، ولكن لا يكفي المعنى أيضًا!

يمكن أن نجمل معنى شاملًا للأخوة، بأنها رابطة عصماء شديدة المتانة، تربط فردين أو أكثر من المخلوقات، يتقاطعون في دائرة من الدوائر وتقارب بينهم، وتجعل التضحية والإيثار هي ديدنهم بين بعضهم بعضًا أكثر ممن هم خارج دائرتهم.

 

سمِّ هذه الدائرة ما شئت، وأطلق لخيالك العنان في تعديد أشكالها: أخوة الدم، أخوة العرق، أخوة الدين، أخوة الوطن، أخوة الأهداف، أخوة السلاح والحرب، أخوة الجهاد، أخوة المنطق والتفكير، أخوة المبادئ، أخوة الأهداف والأحلام، أخوة الفساد والانحراف (العجيب في هذا الشكل من الأخوة رغم أنهم يجتمعون في دائرة واهية وضارة، لهم لكنهم يرتبطون بينهم برباط قوي عجيب.. سبحان فاطر القلوب... إلخ ما يتسع خيالك وفكرك لتسمية وتذكر أشكال لتلك الرابطة.

فالأفضل لنا ألا نقارن بين إحداها والأخرى، فلكل من تلك الصور من الأخوة خصوصياتها وحجمها ومتانتها وظروفها، ومن الظلم والبين أن نعقد المقارنات بينها، لا مجال.

مات الكلام.. وعليكم السلام

يا له من معنى كبير وفضفاض، يشمل كثيرًا من المفاهيم والمثل والقيم العالية، يشمل كثيرًا من الرموز والأعمال الجليلة، في معناه المباشر هو دفع لشيء ومقاومته بهدف تغييره أو تدميره، وهو مثل كثير من المصطلحات، له كثير من الصور والمعاني التي تكون كل منها موضوعًا قائمًا بذاته، هذا من جهة، ومن جهة أخرى نجده قد أصابه أيضًا التحريف والزيف أحيانًا، وأضحى في كثير من صوره لا يعبر عن مضمونه الحقيقي.

عملك أيها الأب من أجل بيتك وخدمتك ورعايتك له جهاد، تفانيكِ أيتها الأم لراحة أهلك وأولادك جهاد، ولكليكما الأجر الذي ستحوزانه في الدنيا والآخرة.

 

تفانيك أيها المعلم لبناء وصناعة جيل قوي يتحمل صعاب الحياة ويؤدي مسؤولياته خير أداء جهاد.

 

دعوتك أيها الإمام أو الداعية أو كما يحلو لنا تسميتك "شيخ" وما تلاقيه في سبيلها وفي الذود عنها جهاد.

 

أنت أيها المقاتل الذي اقتنصت لصورتك وحدك المعنى المباشر للجهاد، لن تسمى مجاهدًا ما لم يكن لك هدف نبيل وسامٍ ومحدد الملامح من قتالك تبذل فيه الغالي والنفيس، أنت دون ذلك مجرد أحد الأشاوس المغاوير المهووسين بالدم وإزهاق الأرواح، وإن لم تتحلَّ بآداب الحرب والقتال وتدرس أدبياتها التي تضبط سلوكياتك في أثنائها فلست بأكثر من مجرم آبق من العدالة، وقد تكون أكثر المطلوبين للعدالة إجرامًا!

الجهاد في سبيل الله يا سادة ليس في سلاح وترس فحسب، الجهاد الحق يكون بمحاولة تغيير واقع فاسد ومؤلم لمصلحة العدالة، ويجب أن نبدأه بالسلم لا بالعنف، يجب أن نبدأه بالعقل والحكمة والموعظة الحسنة قبل إزهاق الأرواح وقتل النفس (أي نفس، كلها أنفس متساوية)، الجهاد تضحية وإيثار، الجهاد حماية لمن تجاهد فيه وخوف عليه لا حرص على إيلامه، الجهاد في سبيل الله طاعة الله في رعاية عباده.

 

أكثر من يستهلكونها هم المتشدقون بها، إذ يتخذونها شعارًا لا تطبيق له على أرض الواقع، ويدّعون فهمها وهم عنها أبعد.

ماذا تعني الحرية؟ هي التحرر من كل ما يكبل قرارك وحلمك، هي التحرر من كل ما يخيفك، هي التحرر من كل ما يخنق طموحك ورؤيتك لمستقبلك.

دع ما يريبك إلى ما لا يريبك حرية، الصدقة والإحسان حرية، الذود عما تملك أيًّا كان وبأي صورة حرية، التخلص من عبودية أهوائك ونزواتك حرية، تقييد نفسك بنفسك بثوابت ومبادئ تسير برضاك على هداها وخطاها، وتلزم ذاتك وجوارحك بما لا يحيد عنها، لهو في رأيي "المعنى الحقيقي للحرية".

ما جدوى أن تتشدق بما لا تملكه؟ ما معنى أن تتلقب بالحر وأنت عبد لشهواتك ونزواتك؟ هل غدوت حرًّا حين فعلت غير المألوف أو المخالف لمن حولك؟ أم صرت خانعًا لرغبة يأبى أن يخضع لها طفل أهوج أو عديم عقل أخرق؟ هل صارت المخالفة لكل ثابت وراسخ من قيم مجتمعاتنا دينًا وديدنًا لكل من يريد أن يعتمد ويوثق صك حريته؟!

كلا يا سادة.. الحرية أن تعيش حرًّا، لا أن تخالف لكي تعرف، تحترم ما ارتضيته متوافقًا مع حياتك ومبادئك وتحاول تغييره إن تعارض معها، تحيي الشعار لغيرك قبل أن ترتضيه لنفسك، الحرية هي ما نادى به لسانك وصدقه ووافقه عملك، لك أن تعيش كما ترغب ولكن لغيرك الحق نفسه، وكل الفروسية والفداء في أن تحفظ لغيرك ذلك الحق قبل أن تطلبه لنفسك.

ليت الرسالة تكون قد وصلت.

 

هي ذلك المفهوم الذي لا أستطيع الكتابة عنه لأنني ببساطة لا أشعر به وكأنه لا يعرفني ولا أنتمي إليه، وفاقد الشيء بالطبع لا يستطيع منحه.

فخبروني أنتم، ما مفهومكم للسعادة؟ دون تكلف أو تنظير لو سمحتم!