معوقات الزواج وبعض السلوكيات المنحرفة التي لا تعرفها

كانت دروب الحب فيما مضى جميعها تؤدي إلى ديار المحبوبة، وكان الناس يغبطون من يتزوج حبيبته، ويعدونه ذا حظ عظيم.

فالحب هو هدية الله (عز وجل) وهبها للإنسان؛ فإذا ما أمعنا النظر بالتكوين الجسماني للبشر، نرى أن الله قد وهبنا من كل شيء زوجًا (اثنين) [الأيدي، الأرجل، العيون]، عدا القلب تركه واحدًا؛ ليبحث كل منا عن قلبه الثاني، ويختار شريك حياته أو نصفه الثاني كما هو شائع.

اقرأ أيضًا فرق السن وتأثيره في اختيار شريك الحياة

الزواج هو الفطرة السليمة

فالفطرة السليمة تجعل كلا العاشقيْن يتمنيان العيش والبقاء مع الآخر طيلة العمر، فيحلم كل منهما بتكوين أسرة يتشاركها مع حبيبه، والعيش تحت سقف بيت واحد يسوده الحب والوئام والسعادة، وتزينه الطفولة والفرح والشغب الجميل والفوضى المحببة للقلوب.

وقد عُنيت الأسرة منذ القدم برعاية خاصة، ووُضعت لها قواعد أساسية، ومبادئ أخلاقية؛ لينشأ الفرد في ظلها نشأة كريمة، وينمو في رحابها، ويحقق أهدافها وغايتها. ومن أبرز هذه القواعد التي عُنيت بالزواج (ماهيته وشروط انعقاده، ولزوم صحته وغايته وأهدافه).

أما في عصرنا الحديث فبتنا نشهد نوعًا من أخطر أنواع التهديد، بأخبث صوره، ذاك التهديد الذي يستهدف الركيزة الأساسية، والدعامة الأولى لأي مجتمع فيدس سم غلهِ ضمن مؤسسة الأسرة.

اقرأ أيضًا تعرف على 5 أسباب لمشكلات الزواج وطرق تجنبها

أين تكمن خطورة هذا التهديد؟

تكمن خطورة هذا التهديد إذا ما وُجِّه إلى نقطة البداية ولحظة التأسيس والإنشاء والتكوين. والمقصود هنا هو مؤسسة الزواج التي منها تأخذ الأسرة الوميض الأول لتشكِّل ملامحها.

فإذا ما استقامت بدايتها، والتزم أطرافها الخُلق الرفيع، استقام الأمر كله بعد ذلك، لكنها إذا انحرفت عن مسارها السليم، ومالت عن المبادئ والمفاهيم الأخلاقية انحرف الأمر كله.

فلعل ما نشهده اليوم من تفشي ظواهر شديدة الْخَطَر بين صفوف الشبان والشابات، وبالأخص بين طلبة الجامعة ما إلا دليل حي على كلامنا، فكثيرًا ما نشهد على حالات من عقود الزواج خارج المحكمة، يبرم طرفاها العقد فيما بينهما.

ومن المؤسف أنهم يُطلقون عليها اسم الزواج، لكنها في واقع الأمر ليست إلا صورة من العلاقات الجنسية المحرمة بين الرجال والنساء، وتشبه الزنا إلى حد بعيد.

فإذا ما تعمقنا بهذه العقود نجدها ليست من الزواج في شيء سوى اسمه، في حين تفتقر في مضمونها إلى السمات الأساسية للزواج [كالإيجاب والقبول، والسرية، وعدم موافقة الولي، وعدم وجود شهود عدول للعقد].

اقرأ أيضًا هل الحب بعد الزواج يقل أم لا؟

عقود زواج خارج الإطار المعروف

ونذكر على سبيل المثال من أنواع هذه الزيجات:

زواج الدم

في هذا النوع من الزواج يجرح الشاب والفتاة عضوًا من أعضائهما، كإبهام الإصبع مثلًا، ويمزجان دمهما بوضع المكانين المجروحين على بعضهما ليختلط دم الشاب بدم الفتاة، زاعمين أن هذا العمل يقوم مقام عقد الزواج من الإيجاب والقبول، ليصبحا زوجين كاملي الواجبات والحقوق بعد مزج دمائهما حَسَبَ ما يزعمان.

زواج الوشم

وصورته أن يذهب الشاب والفتاة إلى مركز الوشم، ويطلبان من الواشم أن يكتب اسم الشاب على جسد الفتاة وشمًا، وأن يكتب اسم الفتاة على جسد الشاب وشمًا، ليكون ذلك بمنزلة عقد زواج لا ينفك عنهما، ويصيران بذلك زوجين يحق لهما ممارسة كافة الحقوق الزوجية، وتحمل واجباتهما.

زواج الشفايف

وصورته: أن يختلي الشاب بالفتاة في مكان لا يراهما فيه أحد من الناس، ويتبادلان القبلات الحارة من الشفايف، ويكون ذلك بديلًا عن عقد الزواج، وبداية لحياة زوجية سعيدة.

زواج الكاسيت

يسجل كل من الشاب والفتاة صوته على شريط كاسيت يتلو فيه أمام الطرف الآخر أنه يحب الطرف الآخر، وقد تزوجه بمحض إرادته ورضاه، ويأخذ كل واحد نسخة من الشريط معتبرًا هذا التسجيل قد ناب عن عقد الزواج وقد صارا زوجين منذ تم هذا التسجيل حَسَبَ زعمهما.

زواج الطوابع

يتفق الشاب والفتاة على الزواج بالطوابع، فيشتريان طابعًا بريديًّا عاديًّا، ثم يلصق الشاب ذلك الطابع على جبينه، وبعد ذلك بعدة دقائق ينزع الشاب الطابع عن جبينه ويعطيه الفتاة التي بدورها تلصق الطابع على جبينها، وبهذا تنتهي مراسم الزواج، ليتحولا إلى زوجين بحسب اعتقادهما ويمارسان العلاقة الزوجية.

وغيرها كثير من التسميات التي ابتدعها الشباب سعيًا لإشباع رغباتهم الجنسية ليس إلا.

اقرأ أيضًا ظاهرة الطلاق.. خطر يهدد المجتمع وتأثيرها على الأطفال

أسباب هذه السلوكيات المنحرفة للزواج

وهنا يتبادر لذهن القارئ سؤال مهم، حول التهديد الذي يحيط بمؤسسة الزواج، وما دافع هؤلاء الشباب لارتكاب مثل هذه الأفعال الانحرافية والانصياع نحو الشهوات؟

لقد حاولنا جاهدين البحث عن العوامل التي دفعت هؤلاء الشباب لارتكاب هذا النوع من الانحرافات، سواء أكانت العوامل اجتماعية أم اقتصادية، التي غالبًا ما تكون السبب الرئيس وراء قيامهم بمثل هذه الأفعال.

نذكر منها:

· تعنت الأهل وفرض رأيهم على أبنائهم في اختيار شريك الحياة المناسب من وجهة نظرهم، دون الأخذ بعين الاعتبار مشاعر وأحاسيس أولادهم، أو من اختاره قلبهم ليكون لهم شريك حياة، بذريعة أن الزواج هو نسب ومصاهرة بين أسرتين، فغالبًا ما يقوم على مصالح اجتماعية أو مادية للعائلتين، ومعتبرين أنه زواج عائلة من عائلة، وليس مجرد ارتباط بين شاب وفتاة.

· الصندوق الأسود لكل إنسان بما يحمله من عقد نفسية ومخاوف مجتمعية، ومكبوتات شعورية، وما لديه من إدمانات انحرافية، وغياب الهوية الجنسية.

· هياج الغريزة الجنسية عند الجنسين في مرحلة من مراحل حياتهم.

· قلة وعي الشباب والفتيات.

· ضعف الوازع الديني.

· الجوع للعاطفة، وحب التجربة بإقامة علاقة جنسية في الخفاء ليس لشيء سوى الحصول على نشوة لحظية، مخلفة وراءها أمراضًا مزمنة، وفي بعض الأحيان قد يصعب شفاؤها كمرض الإيدز.

· التهرب من تحمل المسؤولية، والخوف من تكوين أسرة يصبح مسؤولًا عنها، وملزمًا بتلبية متطلباتها، متكفلًا بسد احتياجاتها والإنفاق عليها وحمايتها ورعايتها.

· التبعية المالية لأكثر من ٦٠% من الشباب العربي لآبائهم. ففي الغالب وخاصةً ضمن الأسر الغنية لا يكلف الشاب نفسه عبء العمل، أو السعي وراء الوظيفة والبحث عن إثبات الذات، بل يكتفي بالميراث الكبير الذي سيحظى به حال وفاة مورِّثه.

· غلاء المهور، وكثرة طلبات أهل الفتاة بما لا يتناسب مع دخل الشاب الذي يعتمد على ذاته في شق طريقه وتكوين نفسه.

· غياب المفاهيم والقيم الإنسانية.

فالأسرة كانت وما زالت هي الوحدة الأولى في أي مجتمع إنساني يرتبط بها ارتباطًا مباشرًا، وتظهر صورة المجتمع وكينونته، فوجودها مهم لوجود المجتمع، وكيانها أساس لبناء كيانه، ونهضتها مؤشر معياري لنهضة المجتمع، ومدى تقدمه.

محامية،ماجستير في العلوم والبحوث السكانية مدربة تنمية بشرية، شاعرة، حاصلة على جائزة الصالون الدولي للكتاب بالجزائر _ ٢٠١٠ م ، وجائزة مهرجانات بيت الدين _لبنان _ ٢٠١٠ م.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يوليو 13, 2023, 8:46 م

أعجبني

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يوليو 13, 2023, 9:27 م

🌹🌹🌹

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يوليو 14, 2023, 6:56 ص

@✅️✅️✅️

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يوليو 15, 2023, 6:30 ص

🌹🌹🌹

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يوليو 13, 2023, 8:47 م

👍🏻👍🏻👍🏻👍🏻

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يوليو 13, 2023, 9:05 م

احسنتي

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يوليو 13, 2023, 9:27 م

شكراً

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يوليو 13, 2023, 9:06 م

برافو

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يوليو 13, 2023, 9:26 م

😘😘😘

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يوليو 13, 2023, 11:31 م

مقال غاية في الأهمية

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يوليو 15, 2023, 6:31 ص

🌹🌹🌹

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يوليو 14, 2023, 10:05 ص

👍👍👍

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يوليو 14, 2023, 10:11 ص

❤️👍

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يوليو 14, 2023, 11:30 ص

❤❤

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يوليو 14, 2023, 3:35 م

👍👍👍👍

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يوليو 15, 2023, 6:32 ص

🌹🌹🌹

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يوليو 15, 2023, 8:24 م

👍👍👍👍

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
نوفمبر 29, 2023, 7:22 م - سمية عثمان شيخ
نوفمبر 29, 2023, 11:15 ص - جوَّك لايف ستايل
نوفمبر 27, 2023, 6:34 ص - بشرى حسن الاحمد
نوفمبر 26, 2023, 12:23 م - ايه احمد عبدالله
نوفمبر 23, 2023, 10:41 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 19, 2023, 11:06 ص - محمد محمد صالح عجيلي
نوفمبر 18, 2023, 1:15 م - جوَّك لايف ستايل
نوفمبر 18, 2023, 11:36 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 16, 2023, 9:20 ص - جوَّك آداب
نوفمبر 16, 2023, 8:13 ص - جوَّك لايف ستايل
نوفمبر 13, 2023, 8:08 ص - جوَّك لايف ستايل
نوفمبر 11, 2023, 4:56 م - عبدالحليم ماهاما دادولا عيدالرحمن
نوفمبر 11, 2023, 7:05 ص - جوَّك لايف ستايل
نوفمبر 9, 2023, 11:06 ص - جوَّك لايف ستايل
نوفمبر 9, 2023, 8:17 ص - جوَّك لايف ستايل
نوفمبر 8, 2023, 8:18 م - دكار مجدولين
نوفمبر 6, 2023, 5:50 ص - بركان زينب
نوفمبر 4, 2023, 12:18 م - جوَّك لايف ستايل
نوفمبر 1, 2023, 8:07 ص - جوَّك لايف ستايل
أكتوبر 30, 2023, 9:31 ص - اسامه سراج خالد
أكتوبر 29, 2023, 10:07 ص - حامد محمد النعمانى
أكتوبر 29, 2023, 10:03 ص - دكار مجدولين
أكتوبر 28, 2023, 7:55 ص - إسلام عبد الكريم السنوسي
أكتوبر 25, 2023, 10:33 ص - جوَّك لايف ستايل
أكتوبر 25, 2023, 9:06 ص - جوَّك لايف ستايل
أكتوبر 24, 2023, 6:55 م - جوَّك آداب
أكتوبر 24, 2023, 9:19 ص - جوَّك لايف ستايل
أكتوبر 24, 2023, 6:26 ص - يزن مهند محمد
أكتوبر 23, 2023, 2:50 م - جوَّك لايف ستايل
أكتوبر 23, 2023, 11:46 ص - جوَّك لايف ستايل
أكتوبر 19, 2023, 11:12 ص - جوَّك لايف ستايل
أكتوبر 17, 2023, 7:35 م - حبيبه محمد صابر
أكتوبر 17, 2023, 5:38 م - جهاد عبدالرقيب علي
أكتوبر 17, 2023, 5:11 م - دكار مجدولين
أكتوبر 16, 2023, 1:02 م - جوَّك لايف ستايل
أكتوبر 16, 2023, 6:14 ص - سولى عربي
أكتوبر 15, 2023, 10:36 ص - جوَّك لايف ستايل
أكتوبر 15, 2023, 5:49 ص - مرمر محمد
أكتوبر 11, 2023, 4:09 م - بوعمرة نوال
أكتوبر 8, 2023, 3:59 م - دكار مجدولين
أكتوبر 7, 2023, 12:24 م - احمد نظمى محمد
أكتوبر 6, 2023, 6:58 ص - دكار مجدولين
أكتوبر 4, 2023, 12:30 م - عبدالله مصطفى المساوى
أكتوبر 4, 2023, 12:17 م - دكار مجدولين
أكتوبر 3, 2023, 2:17 م - عبدالله مصطفى المساوى
أكتوبر 3, 2023, 11:52 ص - أنور شداد العواضي
أكتوبر 1, 2023, 1:09 م - عبدالله مصطفى المساوى
أكتوبر 1, 2023, 10:31 ص - نافز احمد ابوزر
أكتوبر 1, 2023, 6:41 ص - نافز احمد ابوزر
سبتمبر 30, 2023, 4:17 م - شيماء دربالي
سبتمبر 23, 2023, 9:16 ص - سيد علي عبد الرشيد
سبتمبر 20, 2023, 8:41 ص - سيد علي عبد الرشيد
سبتمبر 19, 2023, 7:07 م - دكار مجدولين
سبتمبر 16, 2023, 12:14 م - احمد عزت عبد الحميد محيى الدين
سبتمبر 11, 2023, 1:14 م - سهيل سعيد حوسو
سبتمبر 11, 2023, 5:09 ص - أنس بنشواف
سبتمبر 9, 2023, 6:50 ص - سيد علي عبد الرشيد
سبتمبر 6, 2023, 6:39 م - مدبولي ماهر مدبولي
سبتمبر 5, 2023, 2:37 م - جوَّك لايف ستايل
نبذة عن الكاتب

محامية،ماجستير في العلوم والبحوث السكانية مدربة تنمية بشرية، شاعرة، حاصلة على جائزة الصالون الدولي للكتاب بالجزائر _ ٢٠١٠ م ، وجائزة مهرجانات بيت الدين _لبنان _ ٢٠١٠ م.