عادة مص الأصابع واحدة من أكثر الظواهر المنتشرة بين الأطفال الصغار تحديدًا دون العامين، لدرجة أنه من النادر رؤية طفل صغير لا يمص أصابعه. فما تفسير الأطباء وعلماء النفس إزاء هذه الظاهرة؟ وما الأسباب التي تدفع الطفل إليها؟ وكيف يتخلص منها؟
هذا ما سنتناوله في هذه المقالة، فلا تنسوا ترك التعليق أسفل هذه المقالة، وإبداء آرائكم في هذه الظاهرة.
تفسير الأطباء وعلماء النفس
قد يبدو تفسير الأطباء المختصين وعلماء النفس لهذه الظاهرة غريبًا للبعض؛ لأنهم يرونها ظاهرة طبيعية وعادية، تستمر مدة زمنية معينة وتنتهي، أما إذا استمرت بعد هذه المدة؛ فإنها تحتاج إلى تعديل سلوك من قبل الاختصاصيين.
يلجأ الطفل في الشهور الأولى منذ لحظة ميلاده إلى مص أصابعه؛ تعبيرًا عن حاجته للطعام على نحو فطري دون تدريب أو تعليم من أحد، لكنه وبمجرد التحكم في حركة اليدين والأصابع؛ فإنه يمص الأصابع عند الإحساس بالجوع.
اللافت هنا، أن صور الأجنة في بطون الأمهات في أثناء الحمل، تظهر شيئًا قد يبدو غير مألوف لكثيرين، وهو مص الجنين لأصابعه في الشهر الرابع من الحمل؛ لذلك من الضروري على الأمهات الاهتمام بتغذيتها جيدًا؛ لأن حياة جنينها ترتبط بصحتها.
يرى علماء النفس أن مص الطفل لأصابعه منذ لحظة الميلاد حتى بلوغ سن العامين ليس أمرًا عاديًا فقط، بل إنه يهدئ من روع الطفل، ويجد فيها تسلية ومتعة.
تأثير الرضاعة الطبيعية
كثيرة هي فوائد الرضاعة الطبيعية للطفل، نُضيف إليها أن طفل الرضاعة الطبيعية عادةً لا يميل إلى مص أصابعه، كون لبن الأم يشعره بالشبع، وذلك على عكس الرضاعة الصناعية، عن طريق الزجاجة التي لا تُشبِع الطفل، وبذلك يلجأ إلى مص أصابعه، وهذا يعود إلى أن المدة التي يقضيها الطفل في الرضاعة الطبيعية أطول مقارنة بالرضاعة من الزجاجة.
فالأم تترك الطفل يرضع من ثديها إلى أن يشبع ويتركه من تلقاء نفسه، على عكس الزجاجة، عندما ينتهي الحليب الذي بها، يتوقف الطفل على الرضاعة حتى وإن لم يشعر بالشبع، فيلجأ إلى التعويض بمص الأصابع.
فالرضاعة من الزجاجة سهلة، وينتهي منها الطفل في وقت قصير، فضلًا على أنه وبمجرد انتهاء الحليب الذي بها؛ يتوقف الطفل عن الرضاعة، ولذلك نرى الأطباء والمختصين ينصحون الأمهات في حالة الرضاعة الصناعية أن تكون فتحة الزجاجة صغيرة أو ضيقة، بحيث تطول مدة الرضاعة أكثر، ما يؤدي إلى شعور الطفل بالشبع، لا سيما في الأشهر الأولى من الولادة.
متى يصبح مص الأصابع مشكلة بحاجة إلى تدخل؟
في الوقت الذي يذهب فيه علماء النفس إلى أنه إذا استمرت هذه العادة لدى الطفل –مص الأصابع- حتى سن السادسة، عندها يجب التدخل من الأهل؛ للوقوف على الأسباب ومحاولة العلاج منها، لكن قد يكون من الصعب ترك الطفل حتى سن 6 سنوات والتدخل بعدها، فكما نعرف أن التدخل المبكر من شأنه أن يعجل بالعلاج ومواجهة المشكلة على نحو أقوى وأسرع.
أما التأخر والانتظار فمن شأنه أن يُعقد المسألة، ويجعل الطفل في هذا العمر مثارًا للسخرية والاستهزاء من أقرانه، فضلًا على إمكانية تعرضه لوعكات صحية؛ بسبب التلوث الذي يصاب به من جرّاءِ مص ًأصابعه دون غسلها.
السبب في ذلك وفقًا لعلماء النفس، يكون بالمقام الأول حالة الاضطراب النفسي التي يعيشها الطفل، وفقدانه الأمان داخل البيت، وهي حالة نفسية غير معلنة نوعًا من الاحتجاج الصامت من الطفل تجاه المحيطين به أو من يرعاه.
من أبرز هذه الأسباب، ضعف ثقة الطفل بنفسه، وشعوره بالنقص والدونية، فضلًا على الانفصال بين الوالدين وحالة الشتات التي يعيشها الطفل، وافتقاد الأمان الداخلي، وكثرة التفكير في مستقبله بعد انفصال والديه، وكذلك في حالة سفر أحد الوالدين أو مرضه أو لا قدر الله تعرضه للوفاة.
عودة بعد انقطاع
من الظواهر الغريبة هنا أن بعض الأطفال وبعد التعافي من هذا السلوك، يعود إليه مرة أخرى، وهو ما يصيب الآباء والأمهات بالحيرة، والأسباب التي تدفعه لذلك بعد أن تعافى منه، التي أحيانًا تحدث بسبب الغيرة عند قدوم مولود جديد، وشعوره بأن الأخ الجديد سوف يحظى بكل الحب والاهتمام على حسابه، وهو ما يصيبه بالقلق والتوتر والشعور بعدم الأمان.
هذا الشعور قد يولد بداخله مشاعر غاضبة وناقمة على المولود الجديد، وهو ما يجب على الوالدين الالتفات إليه؛ تجنبًا للوقوع فيه مع الطفل دون قصد.
كيف العلاج إذن؟
الضرب ليس الوسيلة الفعالة على الإطلاق للتخلص من هذه المشكلة أو السلوك الخاطئ، بل على العكس قد يؤدي إلى العناد ونتائج أخرى عكسية تزيد من تفاقم المشكلة ولا تسهم في حلها.
تلجأ بعض الأمهات إلى بعض الحيل كأن تضع مادة كريهة على أصابع الطفل كي يمتنع عن وضع أصبعه داخل فمه، وهي نوع من الإجبار القسري للطفل، سرعان ما ينتهي بزوال المادة الكريهة، ويعود الطفل من جديد لمص أصابعه.
كما سبق وقلنا فإن شعور الطفل بعدم الأمان، ووجود تهديد له، يدفعه إلى ممارسة هذا السلوك الخاطئ؛ ولذلك فإن أول خطوات العلاج تكمن في توفير أجواء مرحة ومريحة لنفسية الطفل، والتقرب منه، ومعرفة المشكلات التي تواجهه، ومساعدته على حلها.
كذلك من الضروري شغل أوقات فراغ الطفل؛ لأن الفراغ يدفعه إلى مص أصابعه، أما إشغاله بالمفيد من الألعاب أو الأنشطة من شأنها أن تصرف انتباهه عن هذا السلوك، ومن ثم التغلب عليه، إلى أن يأتي اليوم الذي يتخلص من هذه العادة السيئة تمامًا.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.