مصيدة العسل

يجب علينا موازنة احتياجاتنا، ومعرفة نقاط قوتنا وضعفنا جيدًا، والحذر من الاندفاع في رغباتنا والوقوع في مصيدة العسل...

مواجهة الإغراء 

يُحكى أنه كانت هناك نملة تشق طريقها الترابي لجمع حبوب الشعير، وإذا بقطرة عسل بجانب الطريق، توقفت النملة للحظات، قبل أن تهم بتجاوزها والعودة إلى مسارها لتمضي قدمًا إلى وجهتها، ولكن أغرتها رائحة العسل الزكية، فقد كانت هذه القطرة مختلفة عن كل ما رأته من قبل؛ لذا انتابها الفضول، وسرعان ما عادت قبل أن تبتعد، بدت مترددة في صراع بين غريزة البقاء التي كانت تحثها على الابتعاد عن المجهول، والتوق للذة المكافأة الموعودة. 

الاستسلام للإغراء 

غير أن مخاوفها لم تثنِها عن مقاومة الإغراء، لتتخلى عن حذرها، وحالما تذوقت حلاوة العسل، بدأت مخاوفها تتبدد تدريجيًا أمام جاذبية الطعم. وهكذا ضعف عزم النملة، ووجدت نفسها ترجع إلى العسل مرارًا، لتستزيد من طعمه الغني. لقد كانت مع كل رشفة، تشتد رغبتها في الحصول على مزيد منه، متجاهلةً كل المخاطر المحتملة.

 وأخيرًا تلاشت مقاومة النملة، مع روعة الطعم الذي لم تتذوق مثله من قبل. ولم يعد يشبع نهمها رشفة بسيطة من الأطراف، فقررت أن تغوص في قلب قطرة العسل، وكلما توغلت ازداد شعورها بالمتعة، بل أصبحت تشفق على النملات الأخريات اللاتي لم يتذوقن مثل هذا الطعم من قبل، استسلمت للنشوة التي أسرت حواسها، فغدت لا تشعر أنها مع كل خطوة داخل العسل تعلق أكثر في المادة اللزجة، حتى كُبِّلت أرجلها الست وشُلَّت حركتها، وتغلغل العسل في كل أجزاء جسمها، لتلتصق بالأرض عاجزة عن النجاة. 

كيف نتجنب مصير النملة؟

لقد ظلَّت النملة على هذه الحال حتى هلكت، ولكن ليست النملة وحدها من يستسلم للإغراء، بل نحن أيضًا نقع أحيانًا تحت سلطة أهوائنا التي تتمكن منا فلا نستطيع مقاومتها، فقد تأتينا على هيئة مؤثر داخلي أو خارجي ليتحول إلى رغبة ملحة تحمل ذواتنا على الانصياع لها وتدفعنا إلى السعي لتحقيقها.  فات وقت الخروج على النملة، ولكي نتجنب مصير النملة، يجب علينا التحلي بالحكمة في مواجهة الإغراء، والحرص على موازنة احتياجاتنا ومعرفة نقاط قوتنا وضعفنا جيدًا، والحذر من الاندفاع والوقوع في فخ الرغبات غير المقيدة. وعلى الرغم من ذلك، قد ننزلق أحيانًا في مصيدة العسل ولا يغنينا حرصنا، ولكن يجب ألا نستسلم وننجرف مع سيل نزواتنا ومشاعرنا، ونأخذ قرار الرحيل مبكرًا قبل أن تُطمس حواسنا ونعلق، ويصبح الخروج صعبًا ومكلفًا للغاية بعد فوات الأوان. 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.