مصاصو الأرواح

على غرار أفلام الغرب عن مصاصي الدماء الذين تحوّلوا من بشر إلى كائن مشوه ليس كالبشر العاديين وليس كالحيوانات، وليس كالنبات... في البداية يكون إنساناً طبيعياً، ثم يقوم أحد مصاصي الدماء بمصّ دمه وتحويله لمصاص دماء، ثم ينتقل إلى آخر فيصبح كائناً غريبا وضارا، هكذا هم مصاصو الأرواح ليسوا كالبشر العاديين، بل تحولوا إلى كائن مشوه ضار.

هناك حديث قدسي معناه أن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف ومتنافر منها اختلف...

وطالما أن هذا كلام الحق سبحانه وتعالى فهو مسلم به جميعا، شعرنا بهذا الشعور عند تعاملنا مع أحد ما، فإننا نصبح منفتحين له راغبين في البوح بكل ما يجول في خاطرنا، وأشخاصا آخرين تشعر بقبضة في القلب، أو غصة في الحلق بمجرد رؤيته، هذا في اعتقادي لأننا قد قابلناه سابقاً في ملكوت ما بأرواحنا وحدث بيننا تنافر أو تآلف.

التآلف يحدث بين الأرواح الطيِّبة فقط... أما التنافر يحدث عندما نقابل روحا شريرة، حتى لو كنت أنت شريرة أيضاً: بمعنى أنه، حتى لو التقت روح شريرة مع أخرى شريرة فإنه يحدث تنافر بينهما لا تآلف، لأن فطرتك التي جبلك الله عليها فطرة سليمة خيِّرة فلا يمكن أن تتآلف مع روح غير ذلك لأنه مهما كان الشرّ الذي زرع بداخلك فدائما الطبيعة تغلب لا شك، وأسرع طريقة لإقناع شخص بفكرة أن تخاطبه وفقا للطبيعة سيقتنع، حتى لو لم يعترف.

الأرواح الطيِّبة تختار طريقها وتقرر البقاء على الدرب بأن تختار طريق الصدق أولا وطريق السلم أيضا، أما الأرواح الشريرة فهي في الأساس طيِّبة، ولكنَّها اختارت التحوّل... اختارت أن تسلك طريقا آخر نظرًا لأفكار مشوشة تعتنقها وتؤمن بها فتؤمن بالكذب، والخداع، وافتعال الفتن بين الناس، وهذه هي آفة هذا الزمان، هؤلاء هم مصاصو الأرواح الذين أتحدث عنهم لأنهم لا يمكن أن يعيشوا ويستمروا إلا مع الأرواح الطيِّبة فغذاؤهم هو استنزاف طاقة الأرواح الطيِّبة بالفتن وإحداث الضرر بها على أمل أن تتحول هذه الروح الطيِّبة إلى شريرة، ثم بمجرد أن يتم هذا التحوّل تنتقل إلى غيرها ثم غيرها وهكذا...

وكلما عاندت هذه الروح الطيِّبة وتمسكت بطيبتها فإن الأخرى ستزيد من جرعة الشر تحاول أن تلصق بها كل الموبقات وتهماً باطلة، والحلّ هو مزيد من الطيبة، والصدق، والذكاء في خلق الحلول المبتكرة أو قراءة المزيد من الكتب التي قد تساعد... فكل مشاكل الكون تمَّ حلها في الكتب.

ويظل الصراع هكذا كل منهما متمسك بعقيدته، حتى تُسلم إحداها نفسها إلى بارئها فإذا ذهبت الروح الطيِّبة أولاً إلى الله فتتجه هذه الروح الشريرة إلى روح أخرى تتغذى عليها، وتفعل بها ما فعلته بسابقتها، أي أنها تمتص هذه الروح الشريرة كل الأرواح الطيِّبة التي تقابلها كلما استطاعت ذلك حتى تطيل زمن بقاءها في هذه الحياة "بأمر الله طبعا"، وتزيد قوَّتها، تماما كمصاصي الدماء في الأفلام... أما إذا ذهبت الروح الشريرة إلى بارئها فقد ذهبت إلى الحق حيث لن تستطيع بعد ذلك الإنكار والمعاندة.

هنا لا أجد حلاً إلا أن تتكاتف الأرواح الطيِّبة مع بعضها وتؤازر بعضها وتثبيت بعضها البعض، حتى ترجح الكفة الطيِّبة بالسلام، والصدق، والصبر، على الكفة الشريرة بعون الله، وإذا تركت الأرواح الشريرة مع بعضها في معزل عن الناس حتماً سيتغيَّر حالهم للأفضل، أو حتى يفصل الله بيننا بقدرته، والسؤال الذي أريدك أن تجيب عليه في قلبك فقط...

ما ظنك بحكم الله حين يفصل بين الطيِّب والشرير؟

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

نبذة عن الكاتب