الشيخوخة المبكرة للروح

من جعبة عدم الوعي تتسرب الأفكار ناشرة في مدارات شعوري حاضري الذي ما زال يصارع العثرات، وماضيَّ الذي بات شيخًا فاقد الشغف.

ليس سهلًا أن أجد ذاتي في كل تلك الظواهر التي كانت قد أكلت منِّي دهرًا فيما مضى، قد أنظر نظرة التأمل التي اعتدتها في هذه الظروف لأجد كثيرًا مني قد تلاشى في تبعات زمني المتبدل، كأنَّما قد احتواني شيء لا مردَّ لي إلا بتنفيذه؛ لعلي أختم به ما آلت إليه نفسي من تلك الآمال والطموحات التي طالما رأيتها معلقة خلف تلك القيود.

ما يعتريني الآن أنِّي أدركتُ أنني وحدي أصارع مصيري كمقاومة الغريق الذي فقد قشته، أصبحتُ لا أطيق نكهات التصبُّر المعلبة التي اعتادها الناس من ألسن بعضهم بعضًا، ولا يستهويني الجلوس فيها.

أصبح انهيار الروح حقيقة ألامس واقعها المر كما تنهار الجدران من أثر الضرب، كم كنت أسمع عن ذلك ولا أبالي، وأنا الآن أعيش التجربة وأتآكل كما يتآكل الهشيم في عرض النار!

أصبحت بعد كل ذلك أتمنى مثيلًا يشبهني، لعلَّ ذلك يتحقق ولو بأحلامي، شيء أتكئ عليه، أحتضنه وآوي إليه وقت تقلباتي، شيء ينسيني ما تآكل من شبابي ويهوي بي بعيدًا حيث المستقبل هناك. 

إنني أكبرُ يومًا بعد يوم أضعافًا مكررة، عند الوجود مع الآخرين، تنقبض أنفاسي في شهيقها وبالكاد تخرج الزفرات، أصبح إدراكي يلازم الشيء القديم فقط، وما تتطلبه المواقف من اتخاذ القرارات أصبح ضربًا من الماضي كالتراث المعلق في أروقة المتاحف، يبدو كأنني نسخة قديمة من مصادر التراث التي يصعب ترميمها في وقت المعلوماتية التي تطفح بامتدادها غير المتناهي. 

ألزمني الوقت وتقلب عليَّ دهرًا كما فصول العام تتقلب، وكما أمواج البحر تتلاطم، فلا شبيه لموجة لأخرى، أيكون حال البحَّار كأمواج بحره؟! 

لا يوجد إسعاف لتلك التشوهات الشفافة يقدمها البشر، فاحتراق الداخل لا يُرى إلا من البصير، وهذه الصفة والقدرة لله عز وجل فقط.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة