يُعدُّ مسلسل قلم الرصاص عملًا أثار جدلًا في الوسط الفني؛ وذلك لطرحه قصة واقعية حصلت في دولة الكويت خلال الغزو العراقي في التسعينيات لعائلة كويتية تفر من الحرب إلى السعودية.
اقرأ أيضًا أقوى 10 مسلسلات رعب في الدراما المصرية
أحداث مسلسل قلم الرصاص
وفي اللحظة التي يصلون بها، يكتشف الأب أنه نسي ابنته، وكان للقدر كلمة أخرى؛ إذ تشابكت حياة الفتاة الصغيرة بامرأة تختار رعايتها وتأخذها معها للسعودية، وتعتني بها بهوية جديدة وباسم جديد، لتصبح حصة سعودية واسمها العنود، وتعيش ثلاثة وثلاثين سنة في كنف نورة.
كاتبة المسلسل "مريم القلاف" اختارت سرد قصتها بطريقة سلسة، مع أنني لاحظت أن الكثير هاجم أسلوبها. لكنني أوجه لها تحيتي لجرأتها في طرح نوعية من الرجال التي توجد بيننا، لكن مجتمعنا يحب المثالية.
ومع الأسف، المشاهد ينتقد ولكنه لا يرى فحوى الرسالة، ويصعب عليه فك الشيفرة، ولذا أقول إن الأعمال الدرامية دورها هو تسليط الضوء ومعالجة الأمور على نحو راقٍ.
وكل التقدير للممثل والمخرج "عبد الله التركماني" الذي جسَّد دور رائد، الرجل الذي يحب نفسه ويحب السهر ويتهرب من المسؤولية، يعالج مشاكله بكل استهتار، شخصية تحسب أن وقاحتها نوع من أنواع الحس الفكاهي، وكيف أنه خالٍ من الشهامة والغيرة على امرأته، يُفضِّلها متأنقة ومثيرة ليتباهى بها في سهراته، غير مبالٍ بشيء سوى أن يكون منتشيًا ويتسلى بكل أريحية، لا يحب القيود ولا حتى المجازفة بمزاجه، فهو يفضل المرح على الجدية في العيش، فهو في وادٍ وزوجته العنود في وادٍ آخر.
اقرأ أيضًا سر نجاح مسلسل"تحت الوصاية"وكيف انتصر ؟.. معلومات لا تفوتك
شخصيات مسلسل قلم الرصاص
أبدعت الممثلة السعودية ميلا الزهراني في تجسيد دور الشخصية التي اعتادت على الوحدة والهدوء، شخصية ملتصقة بأمها طوال الوقت، فهي كانت صديقتها وأختها وكل شيء، لا تتحرك إلا معها، شخصية منغلقة على ذاتها، تحب الهدوء كما أنها تربت على الحشمة والوقار. فكيف لها أن تنسجم مع رجل يحب اللهو والاستهتار؟
لننتقل مع ممثلنا القطري المبدع إبراهيم الحربي في دور أبو بدر، ذلك الرجل الحكيم الذي لم يستطع أن يتجاوز فقد ابنته وظل وفيًّا لذكراها. وهو نموذج للزوج الوفي والأب الحنون والمسؤول عن بيته.
لنتعرف معًا على شخصية شيخة أم بدر التي أدَّتها الممثلة عبير أحمد، الأم التي اهتمت ببيتها وكانت هي الحجر الأساس الذي جعل أسرتها متماسكة، فهي شخصية عصامية تخدم أهل بيتها بكل إخلاص وتفانٍ دون تأفف، لكن غصة الفقد في قلبها لم تبرد نارها.
وما أثار اهتمامي في قلم مريم القلاف هو تناولها قضية الزواج في عصرنا الحالي واختلاف كل بيت عن غيره، فمثلًا علاقة بدر بزوجته مرام بمنتهى الصراحة.
أبدع حسين حداد في تقمص الشخصية فقد أعطاها حقها، فهو رجل مجروح تركته حبيبته وذهبت لرجل آخر، فكانت ضحيته زوجته التي أحبته. فمارس عليها عقده وكان متسلطًا ومتجبرًا معها، حتى ابنه لم يسلم من شره.
بينما الممثلة سارة صلاح كان لها دور مهم في لعب دور المرأة العقلانية التي تفكر بروية وتصبر من أجل ابنها، لكن مع الوقت أدركت أن قلب زوجها لن يكون لها، فاختارت أن توجه تركيزها لنفسها وابنها.
بالمقابل، توجد علاقة خالد بزوجته كادي، شخصيات متضادة بكل معنى الكلمة. رجل بسيط يحب العمل كميكانيكي الذي تميز به الممثل فيصل فريد، ولا يخجل من عمله لأنه يحبه، أما زوجته فهي امرأة تحب الظهور والتباهي، وتخجل منه كثيرًا، ودائمًا ما تقارنه بأخيه، فكان دورًا رائعًا للممثلة زينب حداد.
وها هو ثنائي تحرير وأحمد يتشكل بواسطة قصة حب ممزوجة بالطموح. على الرغم من اختلاف المستوى الاجتماعي بينهما، لكنهما تغلبا عليه لأنهما متمسكان ببعضهما البعض. شيلاء سبت أدت دور الفتاة المدللة لأنها آخر العنقود.
لنعود معًا ونتناول شخصية نورة التي أدتها الممثلة سناء بكر يونس. صحيح أنها شخصية راقية وكانت كريمة مع العنود، لكن لا ننكر أنها أخطأت ولم تفكر إلا بنفسها. كان بإمكانها أن تعود بالطفلة للكويت بعد التحرير، ولكن بعد القرارات تكون من مخططات القدر ولها حكمة يعلمها الله. ومع ذلك، ونعم المرأة، فقد صانت الأمانة بكل حب.
هذا المسلسل أراه عملًا متكاملًا، فقلم مريم القلاف كان مميزًا في معالجة قضايا كثيرة. قضية الغيرة بين أم بدر ونورة التي ربت العنود، وكيف أنها لم تجعل شخصية شيخة مثالية.
سمحت لهذه الشخصية أن تنجرف بعواطفها وتترك الأنانية تأخذ حيزًا، ولم تستطع أن تبصر حقيقة الوضع؛ أن ابنتها ترعرعت مع نورة ولا يمكن بين ليلة وضحاها أن تأخذها دفعة واحدة، ويجب عليها الصبر واحترام مشاعر بنتها حصة التي غدت العنود، وتشكر نورة التي اعتنت بابنتها بكل معنى الكلمة، وجعلت منها شخصية معتمدة على نفسها وربتها على الحشمة والوقار. لربما لو لم تأخذها لكان مصيرها مجهولًا.
أبو بدر شخصية بقيت على عهدها متزنة وحكيمة، لم تتزحزح أبدًا بحكم الخبرة الحياتية.
بينما مرام اختُبر إيمانها بفقد ابنها ناصر، وقد نجحت في الاختبار وفوضت أمرها لله.
بينما بدر انقلب على وجهه، لم يستطع تخطي صدمة فقدانه لولده، ومع ذلك ظل متشبثًا بشخصيته التي عهدناها؛ شخص لا يتعلم أبدًا مهما مرت عليه من صدمات.
خالد، الرجل الذي يبحث عن امرأة تحتويه، لكن مع الأسف لم تكن زوجته، فاختار أن يتزوج مرة أخرى. ولم يكن يعلم أن زواجه الثاني سيكون صفعة لأخيه، فالمرأة كانت حبيبة أخيه. لكن ومع ذلك، وجد فيها ما كان يبحث عنه، وهي الأخرى وجدت ما تريده. لم تسعَ للانتقام، بل سعت من أجل الاحتواء والاستقرار. على الرغم من الظروف المشحونة، فإن هذا الزواج اكتمل.
المخرج عبد الله عبد الحميد التركماني له كل التقدير والاحترام. لقد زاد للنص لمسة إبداعية بواسطة خبرته في الإخراج، وأضاف للعمل حسًّا فنيًا فخمًا، وأوصل المعنى بكل احترافية.
أنا أشكر صُنَّاع العمل، بدءًا من الإنتاج والتأليف والإخراج والتمثيل، حتى الموسيقى التصويرية كانت قمة في الإبداع، كما أنصح بمشاهدة مثل هذه الأعمال؛ فهي هادفة وترتقي بالمشاهد العربي.
اقرأ أيضًا أفضل مسلسلات الـ 15 حلقة التي عُرضت في رمضان
رااائع
شكرا لك سعدت بمرورك الراقي
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.