"أنا عندي نص" مسلسل كويتي من الطراز الرفيع؛ فقد ناقش قضايا إنسانية هادفة وحساسة في المجتمع الكويتي بالخصوص.
مسلسل "أنا عندي نص" يتميز بنكهة كوميدية ممزوجة بالذكاء والسواد ومرشوش ببعض من التراجيديا ليكون للنص مذاق لذيذ يسهل للمشاهد تذوقه والاستمتاع به دون أن يسمم تفكيره ودون أن تتشوش هواجسه.
المسلسل من تأليف د.حمد الرومي ومن إخراج منير الزعبي وبطولة الفنانة القديرة سعاد عبد الله وعرض في سنة ٢٠١٩ وهو موجود على منصة "نتفلكس" وهذا يحسب للدراما الكويتية.
اقرأ أيضاً تعرف على شؤون القوه الكويتية وطريقة الاستعلام عنها
العمل الفني أخطر الأسلحة تأثيرًا بالوعي الفردي والمجتمعي
المسلسل هو من ممتلكات الأسرة الصغيرة؛ فهو فرصتهم للاستمتاع، ورابط يربطهم لمناقشة أهم أحداثه ورؤية الوجهات المختلفة بين أفراد الأسرة. فلكل واحد منا رؤيته الخاصة للعمل وإدراكه للرسائل المرسلة من خلال تلك الشاشة الصغيرة.
ويجب على الكاتب والمنتج والمخرج والممثل أن يساهموا بشكل كبير في طرح قضايا تخص أفراد المجتمع لتُعالج. فالعمل الفني كحملة تحسيسية هو من أخطر الأسلحة تأثيرًا بالوعي الفردي والمجتمعي؛ فيجب أن يؤثر بشكل إيجابي لنحيا بعد الدمار.
قضايا مسلسل "أنا عندي نص"
الأمومة المستعارة
طفلة في مقتبل العمر تُوفيت والدتها فتجد نفسها أصبحت أُمًّا لإخوانها ومدبرة منزل بدون سابق إنذار وتقبلتها بصدر رحب فضحت بعمرها في سبيل إنجاح مهمتها فكانت من نصيبها العنوسة ولم تتأفف يومًا من هذا العمل النبيل رغم الإهانات التي تتلقاها من إخوانها. ولعبت الدور الفنانة الكبيرة سعاد عبد الله بدور أسماء.
التفكك الأسري
لم يكن الانفصال هو السبب الوحيد في تفكك الأسرة؛ فيوجد عدة عوامل تساهم في ذلك ومن بينها الخلافات بين الإخوة صلاح وناصر، اللذين تخليا عن أختهما أسماء فقط لأنها وقفت في وجه الباطل وأنصفت الحق فكان مصيرها أن يطرداها ولا يباليا بمصيرها. وكان للمال طبعًا حصة في هذا النزاع؛ فقد ظهر أخوهم الأصغر خالد وطالب بحقه في الميراث، وكان هذا سبب التفكك بين الإخوة؛ ولأن أمه هندية وكانت عاملةً، أهانوه وأبوا أن ينصفوه فحكمت المحكمة بينهم بالعدل. ولكن إخوانه لم ينصفوه كما أسماء أخته الكبيرة.
الهوية
كانت موجودة وبقوة في المسلسل؛ فعاملة هندية تعيش نصف هوية في وطنها الهند ونصفها الآخر في الكويت لم تُنصف من الجبهتين، تتلون حسب طباع وتقاليد البلد، وللأسف لم تُرضِ الطرفين فعاشت كظل إنسان. وهذا دور لعبته الممثلة العمانية سميرة الوهيبي في دور أم خالد، تزوجت سرًّا من كويتي وأنجبت منه ولدًا وحصلت على الجنسية الكويتية لكن لم يقبلها المجتمع الكويتي فهي بنظرهم دخيلة وليست مواطنة فقوبلت بالرفض.
الثقافة
الثقافة في الوطن خليجية، وكواليس ما يحدث بصالونات الثقافة وبالمؤتمرات من نميمة، وكذلك الازدواجية التي يعيشها المثقف بين أن يكون ناضجًا وفي نفس الوقت مملوكًا لتربيته على أساليب سطحية خالية من الرقي والوعي فيتأرجح بين الوعي والجهل. وتقمصت هذا الدور الفنانة العراقية سلمى سالم بشخصية غنيمة. المرأة ذات شواهد ولكن أثر تبعيات المجتمع يلحقها رغم اطلاعها على ثقافات أخرى وظلت حبيسة عادة النميمة رغم أنها غاصت في بحر الثقافة والفكر. ومن هنا نستخلص أن الثقافة لا علاقة لها بالكتاب بل بوعي واستيعاب الفرد.
المرض النفسي
هذا المسلسل تناول موضوعًا حساسًا جدًّا وهو الميول الجنسية لكن بطريقة راقية لا تعبث بعقيدة المشاهد والذي أداه الممثل مثيم البدر بشخصية مشعل بدون مبالغة أو تكلف وبحركات غير مميعة وبطريقة احترم بها المشاهد.
أما المرض الثاني فهو مرض ثنائي القطب والذي أدته شجون الهاجري بشخصية نور والتي ظهرت من خلال المسلسل بعدم توازنها مرة تكون هادية ومرات غير متزنة وعائلتها يتعاملون معها بشكل عفوي غير آبهين لها إلا أن يحصل حادث لها حيث صدمت طفلًا صغيرًا بسيارتها وكانت بجوارها صديقتها وتعاملت مع الأمر كأنه شيء عادي وهذا ما أثار مخاوف صديقتها وفي الأخير كان مكانها عيادة الطب النفسي.
أما بالنسبة لمشعل فاختار الهروب من البيئة التي تنمرت عليه ولم تحتوِهِ، ولا نعلم ما مصيره هل سيستسلم أم أن دعاء أمه سينجيه.
اقرأ أيضاً العنوسة بين بنات العرب .. هذه هي الأسباب
كواليس عمل فني لا يراها المشاهد
نحن نحكم على العمل دون مراعاة للخفايا. وبالمسلسل تطرق نلهذا العنصر الأساسي في حياتنا اليومية وأشار إلى الوجه الخفي خلف الكاميرات. فأحيانًا لا يكون الكاتب هو الذي كتب نصًّا بدايةً، ربما يكون مخرج متطفل لعب بأوراقه دون علمه فشوَّه النص بأنامله وربما أنانية الممثل باستحواذه على العمل كبطل وبنجوميته يسحق المؤلف والمخرج ويصبح الفريق ملزمًا بإرضائه بحجة المود والنفسية، أما المنتج فيهمه النجاح دون مراعاة الحس والذوق الفني ولا حتى الرسائل الهادفة.
التنمر
هذه ظاهرة عالمية قبل أن تكون خليجية وبالأخص التنمر الإلكتروني سواء على مؤثر أو فنان أو مؤلف دون الترؤف بحالهم وبحياتهم الشخصية وبنفسيتهم وعدم مراعاة أحاسيسهم وله أضرار وخيمة على الفرد.
الاختلاف
الاختلاف لا يقتصر في الطبقات الاجتماعية أو الجنسية كذلك الاختلاف الديني بحيث إن أبوي أسماء بطلة العمل من مذهبين مختلفين وهما السنة والشيعة، وكذلك جارتها المصرية التي عوضتها عن أهلها هالة والتي أدت دور الشخصية الفنانة المصرية بدرية طلبة، وهي مسيحية، والتعايش بين الشخوص دون إعارة الاهتمام للفوارق؛ فالعامل الإنساني كان أقوى من الفوارق.
مسلسل "أنا عندي نص" سلة مليئة بأحداث وأشخاص ملونة ومختلفة ولها نصفان: نصف مليء ونصف فارغ، وأظهرت ما يعايشه المجتمع الكويتي من صراعات اجتماعية وإنسانية.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.