في السنوات القليلة الماضية، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا أساسيًّا من حياتنا اليومية على مدار الساعة، فلم تعد مجرد وسائل للتواصل، بل صارت أيضًا مصادر رئيسة لتبادل الأخبار، والحصول على فرص للعمل، وعاملًا أساسيًّا لجميع التأثيرات الاجتماعية على الرغم من الاختلافات الثقافية في حياتنا.
لكن كثير من التساؤلات والحيرة تكون عن تأثير هذه الوسائل على حياتنا ومستقبلنا. فهل تستمر في التطور لتحسين حياتنا، أم أننا مع مرور الوقت نقترب من زمن تصبح فيه هذه الوسائل مصدرًا للقلق والتوتر بدلًا من كونها وسيلة للتواصل؟
التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي: هل تسهل حياتنا؟
بسبب التقدم السريع والخيالي في تقنيات الذكاء الاصطناعي ومشتقاته، أصبح بإمكان المستخدمين الاستفادة من تجربة أسهل بكثير، إذ توافر الوقت والجهد.
فمثلًا، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعرف اهتمامات الناس، وبذلك يقترح عليهم المحتوى الذي يلائمهم مهما كان، وذلك يجعل تصفح الإنترنت أكثر سهولة. ومع ذلك، يرافق هذا التقدم قلق بشأن الخصوصية، فقد تستطيع معظم الشركات أن تحصل على كميات هائلة من البيانات والمعلومات التي تخص المستخدمين دون وجود إشراف واضح.
تأثير وسائل التواصل على العلاقات الاجتماعية
على الرغم من أن هذه الوسائل أدت إلى تقليل الفجوة بين الناس، فإنها حتمًا سوف تؤدي إلى الشعور بالعزلة والوحدة، إذ أصبح كثير من الأشخاص يعتمدون على الرسائل النصية والمكالمات عبر الإنترنت بدلًا من اللقاءات المباشرة وجهًا لوجه، ما قد يؤثر سلبًا في نوعية العلاقات الاجتماعية، وذلك قد يسبب صعوبة في بدء موضوعات فعالة مع الأفراد الآخرين.
وأظهرت دراسة حديثة أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل يمكن أن يزيد مشاعر القلق والاكتئاب، خاصة بين الشباب (الفئة الأكثر نشاطًا على جميع مواقع التواصل الاجتماعي).
تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية
كما قلنا سابقًا، تُعد وسائل التواصل الاجتماعي عنصرًا مهمًّا في حياتنا اليومية، وهذا أمر لا مفر منه، ولكن مع زيادة استخدامها، بدأنا نلاحظ آثارًا سلبية على الصحة النفسية لا سيما بين الشباب.
من المخاوف الشائعة التي تثير القلق هي المقارنات المستمرة بين الحياة الحقيقية والحياة التي تظهر على مواقع التواصل. كثير من «المشاهير» يعرضون صورًا مثالية؛ ما يجعل بعض المتابعين يشعرون بعدم الرضا عن حياتهم، وبذلك يؤدي ذلك إلى ضعف الشخصية والتقليل من شأن الذات، وهذا حتمًا قد يتسبب في زيادة مستويات القلق والاكتئاب.
أيضًا يمكن أن يؤدي الإفراط في استخدام هذه المنصات إلى تدهور الصحة النفسية، وذلك بسبب إدمان التفاعل الرقمي، أي وسائل التواصل الاجتماعي، ما يؤدي إلى العزلة الاجتماعية وصعوبة التفاعل في الحياة الواقعية، حتى الصعوبة في بدء محادثة مباشرة؛ لذا، يجب على الأفراد جميعهم أن يكونوا واعين للمخاطر المحتملة، وأن يتبعوا طرقًا لتحسين التوازن بين حياتهم الإلكترونية والواقعية.
التحولات في طرق التعليم عبر وسائل التواصل الاجتماعي
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي منصة أساسية لنقل المعرفة والتعليم، فتقدم منصات عدة فرصًا للتعلم عن بُعد (وخاصة في تلك السنوات حيث انتشر فيروس كوفيد-19)، بواسطة مقاطع الفيديو التعليمية والمجموعات الدراسية التفاعلية، ومن المحتمل أن تصبح هذه المنصات في المستقبل أداة رئيسة لتسهل التعليم الذاتي وتوافر الجهد والوقت، ما يساعد الأفراد على تطوير مهاراتهم ومعرفتهم بطريقة سلسة وشخصية.
في نهاية هذا المقال، حتمًا ستستمر وسائل التواصل الاجتماعي في التقدم والتطور، لكن ذلك لا يعني أنها لا تحتاج إلى تنظيم أفضل لحماية خصوصية المستخدمين وتقليل آثارها السلبية علينا. ومن الضروري أن نتعامل مع هذه المنصات بوعي أكبر وبحرص مضاعف؛ لأننا مسؤولون عن كيفية استخدامها، ومسؤولون أيضًا عن جميع سلبياتها التي قد تؤثر فينا.
أوصي بأن يخصص كل شخص وقتًا محددًا لاستخدام هذه الوسائل، مع التركيز على بناء علاقات اجتماعية حقيقية مباشرة بعيدًا عن الشاشات، التكنولوجيا وسيلة لكن يجب ألا نتركها تتحكم في حياتنا بالكامل، وشكرًا.
👍👍👍
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.