الصرع هو أكثر الأمراض العصبية المزمنة، فيوجد 50 مليون شخص مصابون به، وتقول منظمة الصحة العالمية: يوجد كثير من الناس لديهم مفاهيم خاطئة وسوء فهم حول ماهيته، ولماذا يحدث، وهل يمكن الشفاء منه؟ ومن أجل ذلك سنحاول في هذا المقال توضيح تلك المفاهيم المرتبطة بمرض الصرع فتابع القراءة للنهاية..
اقرأ أيضاً صرع الأطفال.. وكيف نتعامل مع نوبات الهلع بشكل سليم؟
إحصائيات انتشار مرض الصرع
اسمح لي عزيزي قارئ المقال أن أخبرك أولًا بالحقائق والأرقام عن المرض الذي عدَّته منظمة الصحة العالمية واحدًا من أكثر الأمراض العصبية شيوعًا على الصعيد العالمي، فالصرع يؤثر في 3 ملايين شخص في الولايات المتحدة و50 مليون في أنحاء العالم جميعًا.
قد تكون نوبات الصرع مرتبطة بإصابة الدماغ أو الوراثة، ولكن بالنسبة لـ70% من مرضى الصرع السبب غير معروف، ويشير مشروع علاج الصرع إلى أن 10% من الأشخاص معرضون للإصابة بنوبات الصرع في حياتهم، ببساطة سيصاب واحد من كل 26 شخصًا بالصرع في حياته.
إن كنت تظن أن مرض الصرع يتوقف تأثيره في الكبار فقط، فدعني أخبرك أنه يؤثر في أكثر من 300.000 طفل دون سن 15 عامًا لكن على نحو كبير.
ويبدأ معدل البداية في الزيادة مع تقدم الأفراد في العمر، خاصة عند إصابتهم بالسكتات الدماغية أو أورام المخ أو مرض ألزهايمر، وكلها قد تسبب الصرع، وتشير التقارير إلى أن أكثر من 570 ألف بالغ فوق سن 65 يعانون هذا الاضطراب.
اقرأ أيضاً نوبة هلع "panic attack" .. أطمئن .. أنت في أمان .
ما الصرع؟
حان الوقت لنتعرف على مرض الصرع، الذي يعد اضطرابًا في الدماغ، ويتميز بنوبات متكررة، تُعرف النوبة عادة بأنها تغيير مفاجئ في السلوك بسبب تغيير مؤقت في الأداء الكهربائي للدماغ، وعادة يولد الدماغ باستمرار نبضات كهربائية صغيرة بنمط منظم، تنتقل هذه النبضات على طول الخلايا العصبية، في أنحاء الجسم جميعًا عبر ناقلات كيميائية تسمى الناقلات العصبية.
في حالات الصرع تميل الإيقاعات الكهربائية للدماغ إلى عدم التوازن، ما يؤدي إلى نوبات متكررة، وفي المرضى الذين يعانون النوبات، يُعطَّل النمط الكهربائي الطبيعي عن طريق الاندفاعات المفاجئة والمتزامنة للطاقة الكهربائية التي قد تؤثر مدة وجيزة في وعيهم أو حركاتهم أو أحاسيسهم.
ويُشخَص الصرع عادةً بعد إصابة الشخص بنوبتين في الأقل لم تنجم عن بعض الحالات الطبية المعروفة، مثل انسحاب الكحول أو انخفاض شديد في نسبة السكر في الدم.
إذا نشأت النوبات في منطقة معينة من الدماغ فإن الأعراض الأولية للنوبة غالبًا ما تظهر وظائف تلك المنطقة.
يتحكم النصف الأيمن من الدماغ في الجانب الأيسر من الجسم، ويتحكم النصف الأيسر من الدماغ في الجانب الأيمن من الجسم، على سبيل المثال: إذا بدأت النوبة من الجانب الأيمن من الدماغ في المنطقة التي تتحكم بحركة الإبهام، فقد تبدأ النوبة برعشة في اليد اليسرى حسبما ذكرت الجمعية الأمريكية لجراحي الأعصاب (AANS).
اقرأ أيضاً الخوف... أشياء يجب معرفتها
أنواع النوبات
تختلف النوبات كثيرًا لدرجة أن مختصي الصرع يعيدُون تصنيف أنواع النوبات على نحو متكرر، وعادة تنتمي النوبات إلى واحدة من فئتين أساسيتين: النوبات المعممة الأولية والنوبات الجزئية، ويكمن الاختلاف بين هذه الأنواع في كيفية بدايتها، تبدأ النوبات المعممة الأولية بتفريغ كهربائي واسع النطاق يشمل كلا الجانبين من الدماغ في وقت واحد، وتبدأ النوبات الجزئية بتفريغ كهربائي في منطقة محدودة واحدة من الدماغ.
الصرع الذي تبدأ فيه النوبات من جانبي الدماغ في الوقت نفسه يسمى الصرع الأساسي المعمم، وتعد العوامل الوراثية مهمة في الصرع المعمم الجزئي، الذي من المرجح أن يتضمن عوامل وراثية أكثر من الصرع الجزئي، وهي حالة تنشأ فيها النوبات في منطقة محدودة من الدماغ.
ترتبط بعض النوبات الجزئية بإصابة في الرأس أو عدوى في الدماغ أو سكتة دماغية أو ورم، ولكن السبب في معظم الحالات غير معروف.
أحد الأسئلة التي تُستخدم لتصنيف النوبات الجزئية على نحو أكبر هو: هل توجد قدرة على الاستجابة والتذكر؟ ضعيف أم محفوظ، قد يبدو الاختلاف واضحًا، لكن توجد درجات عدة من ضعف الوعي أو الحفاظ عليه.
اقرأ أيضاً كيفية التخلص من الخوف؟
عوامل تزيد من خطر نوبات الصرع
قد تزيد العوامل الآتية خطر حدوث النوبات لدى الأشخاص المعرضين للنوبات:
ضغط الحرمان من النوم أو التعب، تناول الطعام غير الكافي، تعاطي الكحول، أو تعاطي المخدرات، عدم تناول الأدوية الموصوفة من مضادات الاختلاج.
نحو نصف الأشخاص الذين يعانون نوبة واحدة دون سبب واضح سوف يعانون نوبة أخرى، عادة في غضون ستة أشهر.
تزداد احتمالية إصابة الشخص بنوبة أخرى مرتين إذا وجدت إصابة معروفة في الدماغ أو أي نوع آخر من تشوهات الدماغ.
وإذا كان المريض يعاني نوبتين فتوجد فرصة بنسبة 80% للإصابة، إذا حدثت النوبة الأولى في وقت حدوث إصابة أو عدوى في الدماغ، فمن المرجح أن يصاب المريض بالصرع أكثر مما إذا لم تحدث النوبة في وقت الإصابة أو العدوى.
اقرأ أيضاً كيف تتحرر من الخوف
ما الذي يسبب الصرع؟
في معظم الأوقات، يمكن القول إن 70% من الحالات يكون سبب النوبات فيها غير معروف، لكن تشمل الأسباب المعروفة ما يأتي:
يعتقد الباحثون بأنه رغم من وجود بعض الأدلة على تورط جينات معينة، فإن الجينات تزيد من خطر الإصابة بالصرع فتوجد بعض أنواع الصرع التي تنتج عن تشوهات تؤثر في كيفية تواصل خلايا الدماغ مع بعضها البعض، ويمكن أن تؤدي إلى إشارات دماغية غير طبيعية ونوبات صرع.
إصابات الرأس، يمكن أن تنجم إصابات الرأس عن حوادث المركبات أو السقوط أو أي ضربة في الرأس إلى الإصابة بالصرع، والتهابات الدماغ، ويمكن أن تشمل العدوى خراج الدماغ والتهاب السحايا.
وكذلك من ضمن الأسباب اضطرابات التمثيل الغذائي، يمكن للأشخاص الذين يعانون حالة الضعف الغذائي أن يصابوا بالصرع، وكذلك أمراض الدماغ وتشوهات الأوعية الدموية الدماغية.
وتشمل مشكلات صحة الدماغ التي يمكن أن تسبب الصرع: أورام المخ والسكتات الدماغية والخرف والأوعية الدموية غير الطبيعية مثل التشوهات الشريانية الوريدية.
علاج الصرع
يعد التشخيص الدقيق لنوع الصرع الذي يعانيه الشخص أمرًا بالغ الأهمية لإيجاد علاج فعال، توجد عدة طرق مختلفة للتحكم في النوبات بنجاح، يأتي الأطباء الذين يعالجون الصرع من عدة مجالات طب مختلفة، ومن بينهم أطباء الأعصاب وأطباء الأطفال وأطباء أعصاب الأطفال وأطباء الباطنية وأطباء الأسرة وجراحي الأعصاب واختصاصي الصرع.
بمجرد تشخيص الصرع من المهم أن تبدأ العلاج في أسرع وقت ممكن، تشير البحوث إلى أن الأدوية والعلاجات الأخرى قد تكون أقل نجاحًا بمجرد إثبات النوبات ونتائجها.
توجد عدة طرق للعلاج يمكن استخدامها اعتمادًا على الفرد ونوع الصرع، إذا لم يُتحكم في النوبات بسرعة فيجب النظر في الإحالة إلى اختصاصي الصرع في مركز متخصص للصرع، فيمكن إجراء دراسة متأنية لخيارات العلاج بما في ذلك الأساليب الغذائية والأدوية والأجهزة والجراحة من أجل الحصول على العلاج الأمثل للنوبات.
النهج الأكثر شيوعًا لعلاج الصرع هو وصف الأدوية المضادة للنوبات، ويتوفر اليوم أكثر من 20 دواء مختلف من مضادات الاختلاج، وكلها لها فوائد وآثار جانبية مختلفة.
لكن يمكن السيطرة على معظم النوبات بدواء واحد، ويعتمد تحديد الدواء الذي يجب وصفه والجرعة على عدة عوامل مختلفة، بما في ذلك نوع النوبة ونمط الحياة والعمر وتكرار النوبات والآثار الجانبية للأدوية.
وكذلك الجراحة قد يضطر الطبيب إلى إجراء الجراحة إذا لم تؤتِ الأدوية مفعولها، وإذا كانت النوبات شديدة للغاية فقد تستأصل الأنسجة غير الطبيعية في المخ، (وزراعة بعض أجهزة تعديل عصبي ترسل إشارات للمخ لتقليل النوبات).
هل يمكن الشفاء من مرض الصرع؟
دعنا نتفق عزيزي قارئ المقال أنه لا يوجد حالات شفاء من الصرع بنسبة كبيرة، لكن توجد عدة خيارات لعلاجه، ونسبة العلاج منه تصل إلى 70%.
وأخيرًا، يجد بعض الناس أنهم نادرًا ما يضطرون إلى التفكير في الصرع، إلا عند تناول أدويتهم أو الذهاب إلى الطبيب، وبغض النظر عن مدى تأثير الصرع في الشخص، من المهم أن تتذكر أن الاطلاع الجيد على حالتك والحفاظ على صحتك أمر مهم، فيهمنا أن تظل بأفضل حال.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.