مرض الجذام: مرض قديم في عالم حديث.. هل يمكن التعامل معه؟

مرض الجذام الذي كان يُعد لعنة في العصور القديمة ما زال حاضرًا في عالمنا اليوم. على الرغم من أن التعافي منه أصبح ممكنًا بفضل تقدم الطب، لكن الصور النمطية والخرافات حوله لا تزال تسيطر على كثير من العقول.

في هذا المقال، سنتناول التاريخ والوقاية والتشخيص والعلاج لهذا المرض، مع توضيح كيفية حماية أنفسنا ومن حولنا منه.

دعونا نستكشف معًا هذا الموضوع ونفكك المفاهيم الخاطئة المرتبطة به، لنكتشف أن الجذام ليس مجرد تاريخ، بل قضية صحية تتطلب وعينا واهتمامنا.

قد يهمك أيضًا طرق وعادات مهمة للوقاية من الأمراض والأوبئة

 ما مرض الجذام؟

الجذام، المعروف أيضًا باسم مرض هانسن، هو مرض معدٍ تسببه بكتيريا تُدعى المتفطرة الجذامية.

يمكن أن يؤثر في بعض أجزاء من الجسم، مثل العينين والجلد والأغشية المخاطية والأعصاب.

ومن الأعراض الشائعة لهذا المرض تكوُّن تقرحات جلدية وتشوهات، إضافة إلى تلف الأعصاب الذي يمكن أن يؤدي إلى فقدان الإحساس في بعض المناطق.

تاريخيًا، كان يُعتقد أن الجذام مرض خطير ومعدٍ على نحو كبير، ما دفع المجتمع لعزل المصابين به وتجنبهم.

لكن في الوقت الحاضر، أصبحت العوامل المسببة لهذا المرض مفهومة على نحو أفضل، ويوجد علاج فعال له، ما يعني أنه لا حاجة بعد الآن لعزل المصابين.

يُعد هذا التطور خطوة مهمة في مجال الصحة العامة، فيمكن تقديم الدعم والعلاج للمصابين دون تمييز أو وصمة اجتماعية.

قد يهمك أيضًا علاج حساسية الجلد: استراتيجيات الوقاية والعلاج لتجنب التهيج والحكة

هل ما زال مرض الجذام موجودًا؟

الوضع عالميًا

نعم، مرض الجذام لا يزال موجودًا على الرغم من أنه أصبح نادرًا. تشير التقديرات من منظمة الصحة العالمية إلى وجود نحو 208,000 شخص مصاب بالجذام في جميع أنحاء العالم.

تتركز معظم الحالات في مناطق معينة مثل آسيا وإفريقيا، حيث يمكن أن تكون الظروف الاجتماعية والاقتصادية أحد العوامل المؤثرة في انتشار المرض.

قد تسأل: ماذا عن الوطن العربي؟

تشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن عدد حالات الجذام في منطقة الشرق الأوسط لا يزال منخفضًا نسبيًا.

على سبيل المثال، سجلت المنطقة 4,206 حالة في عام 2021، وهو ما يعادل معدل 5.5 حالة لكل مليون نسمة.

مع أن الأرقام تبدو منخفضة، فإن وجود حالات جديدة يعني وجود استمرار في نقل العدوى.

تشير التقارير إلى أن مصر، إلى جانب اليمن، تُعد من الدول التي بها عدد ملحوظ من حالات الجذام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

قد يهمك أيضًا الصدفية وأنواعها وأسبابها وطرق علاجها.. تعرف عليها الآن

من المصاب بمرض الجذام؟

المصاب بمرض الجذام هو أي شخص تعرض لبكتيريا المتفطرة الجذامية التي تسبب هذا المرض. يمكن أن يصيب الجذام الأشخاص من جميع الأعمار، لكن أكثر الفئات تأثرًا تشمل:

· الأطفال: يتراوح عمرهم بين 5 إلى 15 عامًا.

·  البالغين: خصوصًا أولئك الذين تزيد أعمارهم عن 30 عامًا.

تشير الدراسات إلى أن أكثر من 95% من الأشخاص الذين يتعرضون للبكتيريا لا يصابون بالجذام، حيث تتمتع أجسامهم بمناعة طبيعية تقاوم العدوى.

وهذا يعني أن المرض ليس سهل الانتشار كما كان يُعتقد سابقًا، ويعتمد الأمر على الاستجابة المناعية للفرد.

قد يهمك أيضًا أسباب جلد الوزة ووسائل علاجه

ما أنواع الجذام الثلاثة؟

توجد ثلاثة أنواع رئيسة من مرض الجذام، كل منها يختلف في الأعراض وشدة المرض.

الجذام السلي

· يُعرف أيضًا باسم الجذام قليل العصيات.

· يُعاني الأشخاص المصابون بهذا النوع من أعراض خفيفة، حيث تظهر لديهم بضع تقرحات فقط.

· ترجع هذه الحالة إلى استجابة مناعية جيدة، ما يؤدي إلى ضعف شدة المرض.

الجذام الجذامي

· يُعرف أيضًا باسم الجذام متعدد البكتيريا.

· يعاني الأشخاص المصابون بهذا النوع من تقرحات وإصابات واسعة النطاق تؤثر في الأعصاب والجلد والأعضاء.

· في هذا النوع، تكون الاستجابة المناعية ضعيفة، ما يجعل المرض أكثر عدوى وخطورة.

الجذام الحدِّي

· يُطلق عليه أيضًا اسم الجذام ثنائي الشكل.

· يتضمن هذا النوع أعراض الجذام السلي والجذام الجذامي، ما يعني أن الاستجابة المناعية تكون متوسطة.

· هذا يجعل الأعراض أكثر تعقيدًا، حيث يمكن أن تتنوع من خفيفة إلى شديدة.

قد يهمك أيضًا ما هو مرض تصلُّب الجلد المجموعي؟

ما أعراض مرض الجذام؟

الأعراض الرئيسة لمرض الجذام (أو مرض هانسن) تتضمن:

البقع الجلدية

- تظهر بقع حمراء أو تعاني من فقدان التصبغ.

- قد تكون هذه البقع غير مؤلمة، ما يجعل المصابين غير مدركين لوجودها.

فقدان الإحساس

قد يحدث انخفاض أو غياب في الإحساس في المناطق المصابة، ما يؤدي إلى عدم القدرة على الشعور بالحرارة أو البرودة أو الألم.

الخدر أو الوخز

يشعر الأشخاص المصابون بخدر أو وخز في اليدين والقدمين والذراعين والساقين.

أعراض إضافية

بالإضافة إلى الأعراض الرئيسة، يمكن أن يعاني المصابون من:

· جروح أو حروق غير مؤلمة في اليدين والقدمين.

· ضعف العضلات.

· جلد سميك أو صلب.

· تضخم الأعصاب الطرفية.

·  فقدان الرموش أو الحواجب.

· احتقان الأنف ونزيف الأنف.

المراحل المتقدمة

عندما يتقدم المرض، قد تتضمن الأعراض:

· شلل.

· فقدان البصر.

·  تشوه الأنف.

· ضرر دائم في اليدين والقدمين.

· قصر أصابع اليدين والقدمين.

·  تقرحات مزمنة في أسفل القدمين لا تلتئم.

قد يهمك أيضًا الناسور العصعصي.. أعراضه وطرق علاجه

مدة ظهور الأعراض

بمجرد الإصابة ببكتيريا المتفطرة الجذامية، قد يستغرق ظهور الأعراض من ثلاث إلى خمس سنوات، وأحيانًا تصل إلى عقدين من الزمن.

هذه المدة الطويلة تجعل من الصعب تحديد متى وأين حدثت العدوى.

ما السبب الرئيس لمرض الجذام؟

السبب الرئيس لمرض الجذام (أو مرض هانسن) هو التلامس الوثيق مع بكتيريا المتفطرة الجذامية.

تنتقل هذه البكتيريا من شخص إلى آخر، وغالبًا ما تتطلب التعرض المطول لشخص مصاب.

قد يهمك أيضًا الحساسية.. أنواعها وأعراضها وطرق الوقاية منها

كيفية انتقال العدوى

· التلامس المباشر: يحدث عادةً عن طريق ملامسة الجلد أو سوائل الجسم مثل اللعاب.

· الفترة المعدية: الأشخاص المصابون بالجذام قد لا يكونون مُعدين إلا بعد ظهور الأعراض، ما يعني أن العدوى لا تنتشر بسهولة.

قد يهمك أيضًا ما أسباب حدوث حكة في الجلد؟ وما طرق علاجها؟

هل مرض الجذام (مرض هانسن) مُعدٍ؟

نعم، مرض الجذام (أو مرض هانسن) يمكن أن يكون معديًا، لكنه ليس معديًا للغاية. إليك بعض النقاط الرئيسة حول انتقال المرض:

· يُعتقد أن بكتيريا المتفطرة الجذامية تنتشر من شخص لآخر عبر الرذاذ المحمول جوًّا، خاصة عندما يسعل الشخص المصاب أو يعطس. عند إطلاق البكتيريا في البيئة، يمكن للآخرين استنشاقها.

· لا يمكن أن ينتشر مرض هانسن عن طريق العناق أو المصافحة أو الجلوس بجانب شخص مصاب، ولا من خلال الاتصال الجنسي.

· لدى معظم الأشخاص مناعة طبيعية ضد بكتيريا المتفطرة الجذامية. فقط نحو 5% من الناس يكونون عرضة للإصابة بالجذام.

الخلاصة: بوجه عام، رغم أن الجذام معدٍ، فإن خطر انتقال العدوى يعد منخفضًا، ما يجعل المرض أقل انتشارًا مقارنة بأمراض معدية أخرى.

قد يهمك أيضًا ما هي التسلخات؟ وما طرق علاجه؟

هل ينقل حيوان المدرع مرض الجذام؟

نعم، حيوان المدرع يمكن أن ينقل مرض الجذام (مرض هانسن) إلى البشر. فالبكتيريا المسببة للجذام، تنمو فقط في العوائل الحية، بما في ذلك بعض أنواع حيوانات المدرع.

وقد أكدت الأبحاث أن نوعًا معينًا من حيوان المدرع، الموجود في جنوب الولايات المتحدة والمكسيك، يمكن أن يحمل هذه البكتيريا وينقلها إلى البشر.

تعد هذه الحيوانات من العوائل المحتملة للعدوى. ومع أن انتقال المرض من المدرع إلى البشر نادر، لكنه يمكن أن يحدث في بعض الحالات، وخاصةً إذا كان هناك تلامس مباشر مع الحيوان.

قد يهمك أيضًا مرض البهاق وأسبابه وطرق علاجه.. معلومات لا تفوتك

كيف يتم تشخيص مرض الجذام؟

يتم تشخيص مرض الجذام (مرض هانسن) بعدة خطوات وهي:

الفحص السريري

يبدأ الطبيب بفحص الأعراض مثل البقع الجلدية وفقدان الإحساس في مناطق معينة من الجلد.

عينة من الجلد

إذا كان يوجد اشتباه في الإصابة بالجذام، سيقوم طبيبك بأخذ عينة جلدية. في هذا الإجراء، يتم أخذ عينة صغيرة من الأنسجة من المنطقة المصابة وإرسالها إلى مختبر للتحليل.

تساعد هذه العينة في الكشف عن وجود بكتيريا المتفطرة الجذامية أو أي تغييرات أخرى في الأنسجة تشير إلى الإصابة بالجذام.

اختبارات إضافية

في بعض الحالات، قد يستخدم الأطباء اختبارات إضافية مثل الفحوصات المخبرية أو الأشعة السينية لتقييم صحة الأعصاب والعظام.

قد يهمك أيضًا ماذا تعرف عن التثليج أو (عضة الصقيع)؟

هل يوجد علاج لمرض الجذام اليوم؟

نعم، اليوم يوجد علاج فعال لمرض الجذام (أو مرض هانسن) بفضل التقدم في الطب واكتشاف المضادات الحيوية.

على مدى العشرين عامًا الماضية، تم علاج أكثر من 16 مليون شخص من مرض الجذام، ما يبرز فاعلية العلاج المتاح اليوم.

العلاج متعدد الأدوية

يعتمد علاج الجذام على نظام يسمى العلاج متعدد الأدوية، يجمع بين أنواع مختلفة من المضادات الحيوية.

 عادةً، سيصف طبيبك نوعين إلى ثلاثة أنواع من المضادات الحيوية في الوقت نفسه.

هذا يساعد في تقليل خطر مقاومة المضادات الحيوية، حيث تتحور البكتيريا وتصبح مقاومة للأدوية.

 من بين المضادات الحيوية الشائعة المستخدمة لعلاج الجذام: الدابسون، الريفامبين، والكلوفازيمين.

على الرغم من أن المضادات الحيوية فعالة في القضاء على البكتيريا المسببة للجذام، لكنها لا يمكن أن تعالج الأضرار التي تلحق بالأعصاب نتيجة للمرض.

 قد يصف الطبيب أيضًا أدوية مضادة للالتهابات، مثل الستيرويدات، للسيطرة على الألم العصبي.

قد يهمك أيضًا 9 وصفات فعالة لتخفيف آثار سفعة الشمس

كم من الوقت يستغرق التعافي من علاج الجذام؟

· يعتمد طول مدة العلاج على شدة المرض، واستجابة المريض للعلاج. معظم الأشخاص يستجيبون جيدًا للعلاج، ما قد يساعد في تقليل مدة العلاج.

· يستغرق علاج مرض الجذام (أو مرض هانسن) عادةً ما بين عام إلى عامين.

· من المهم متابعة العلاج بانتظام لمراقبة أي مضاعفات محتملة أو آثار جانبية.

· التعافي من الجذام ليس فقط متعلقًا بالقضاء على البكتيريا، بل أيضًا بتخفيف الأعراض وإعادة تأهيل الأعصاب المتضررة إن أمكن.

قد يهمك أيضًا طرق فعالة للوقاية من تسلخات الفخذين

كيف يمكنني الوقاية من مرض الجذام (مرض هانسن)؟

للوقاية من مرض الجذام (مرض هانسن)، يمكن اتباع بعض التدابير البسيطة، رغم أن احتمالات الإصابة بالمرض منخفضة للغاية. إليك بعض الخطوات التي يمكن اتخاذها:

تجنب الاتصال الوثيق

إذا كنت بالقرب من شخص مصاب بالجذام، حاول تجنب ملامسة الرذاذ المحمول جوًّا من أنفه أو فمه.

هذا يشمل الابتعاد عن السعال أو العطس من الشخص المصاب.

زيادة الوعي

كن على دراية بعلامات وأعراض الجذام حتى تتمكن من التعرف عليها مبكرًا.

إذا كنت تشتبه في التعرض لشخص مصاب، يمكنك طلب المشورة الطبية.

العناية بالصحة العامة

الحفاظ على نظام مناعي صحي باتباع نظام غذائي متوازن، وممارسة الرياضة، والنوم الجيد، يمكن أن يساعد في تقليل المخاطر بوجه عام.

التطعيم

في بعض البلدان، يتم توفير لقاحات لمساعدة الأشخاص المعرضين للخطر. تحقق من العيادات المحلية لمعرفة ما إذا كان يوجد لقاح متاح.

تجنب الاتصال مع الحيوانات

نظرًا لأن بعض أنواع حيوانات المدرع يمكن أن تحمل بكتيريا الجذام، يُفضل تجنب الاتصال المباشر معها.

قد يهمك أيضًا ما هو تصبغ مفاصل اليد؟ وما علاجه؟

متى يجب عليَّ رؤية مقدم الرعاية الصحية الخاص بي؟

يجب عليك رؤية مقدم الرعاية الصحية الخاص بك إذا ظهرت لديك أي من الأعراض التالية:

· تقرحات جلدية: أي بقع جلدية جديدة أو غير طبيعية تستمر لمدة طويلة.

· خدر: شعور بفقدان الإحساس أو التنميل في أي جزء من الجسم، خصوصًا في اليدين أو القدمين.

· ضعف في العضلات: صعوبة في الحركة أو فقدان القوة في العضلات.

في ختام رحلتنا عبر عالم الجذام، نجد أنه ليس مجرد مرض تاريخي، بل هو قضية إنسانية تتطلب منا جميعًا الوعي والتعاطف.

على الرغم من أن التقدم العلمي قد مكننا من علاج هذا المرض والقضاء على معظم الحالات، لكن الوصم والجهل لا يزالان يمثلان تحديًا كبيرًا.

فلنتذكر أن المعلومات هي أفضل وسيلة لمكافحة الخرافات والمفاهيم الخاطئة.

عن طريق فهمنا لهذا المرض وأعراضه ووسائل الوقاية والعلاج، يمكننا أن نكون صوتًا للتغيير ونساعد في إنهاء المعاناة التي يعيشها الكثيرون.

فلنتكاتف جميعًا، لنرفع الوعي ونتعامل مع الآخرين بلطف واحترام، لنبني مجتمعًا أكثر شمولية. دعونا نكون جزءًا من الحل، ونسعى نحو عالم خالٍ من الجذام والتمييز.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

مقال رائع مع وصف دقيق للمرض
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة