تناولت قصة «روضة النسيان» للقاص خليل الزيني، التي نشرت على صفحات 41- 45 من مجموعته القصصية «النميمة الحلال»، الصادرة طبعتها الأولى عام 2020 عن المكتبة العربية للنشر والتوزيع، مسألة إصابة كبار السن بمرض ألزهايمر.
تدور أحداث القصة حول زوج قضى عمره كله بين الغربة والعمل المكثف والمتقطع، إلى أن قرر التنازل عن كل ما يملك لزوجته، وذلك بعد أن أدرك أنه بدأ في الإصابة بمرض ألزهايمر، وترصد القصة مشهدًا واحدًا داخليًّا، بمكتب مدير البنك (أسامة العربي) وهو صديق هذا الزوج المريض (الدكتور نديم) وبصحبته زوجته.
تاركين ابنتهم (آمال) في السيارة بالخارج، في حين من دخلت عليهم المكتب وأصبحت محور الاهتمام هي (الأستاذة آمال)، التي كانت زميلة لكلًّ من أسامة ونديم بمدرسة الروضة الابتدائية المشتركة.
فقد حصلوا على الابتدائية من أكثر من أربعين سنة، ولكن ما زال "نديم" المريض بالنسيان يتذكرها، وتفاصيل الفصل الدراسي وذكريات المدرسة كافة، وزوجة نديم كانت تستشيط من الغيظ، وارتسمت تعبيرات الدهشة والاستنكار على وجهها، فـ"نديم" يتذكر كل تفاصيل حياته وهو طفل ونسي كل ما حدث له وهو كبير.
وهذا ما أكدته زوجته عندما قالت: (صدق الطبيب ده أنت فاكر آمال الكبيرة وناسي الصغيرة صبرني يا رب!)... كما قالت: (وأنا ما كنت أصدق الطبيب عندما قال لي إن نديم سيذكر الماضي البعيد جيدًا وعلينا أن نبعثه فيه)، طبعًا تقصد بالصغيرة ابنتها (آمال نديم) عندما دخلت عليهم مكتب المدير تاركة السيارة خارج البنك وهي غاضبة ومنقطعة الأنفاس قائلة (خلاص الونش هايشد العربة من أمام البنك).
تقريبًا الدكتور نديم أوقف سيارته في الممنوع أمام مبنى البنك، وترك آمال ابنته التي لا يتذكرها داخلها، وتتضمن العلامات المبكرة للمرض نسيان الأحداث الأخيرة أو المحادثات، ومع تفاقم المرض، سيشعر المصاب بداء ألزهايمر باختلال شديد في الذاكرة ويفقد القدرة على أداء المهام اليومية.
فمن الواضح أن "نديم" ما زال يتذكر زوجته، بل وتذكر على الفور زميلته "آمال" من أيام الابتدائي، ولكنه نسي ابنته "آمال"، وهذا يعني أنه مع تطور حالته المرضية بألزهايمر سوف ينسى زوجته أيضًا.
اكتشفت زوجة الدكتور نديم المصاب بألزهايمر صدفة أن زوجها سمى ابنتهما "آمال" على اسم زميلته بالمدرسة الابتدائية، كما تأكد نديم في أثناء تلك المقابلة الصدفة بحبه القديم "آمال" بأن زوجته بمجرد أن يتمم نقل أملاكه لها ستلقي به في الشارع!!
وانتهى اللقاء بأن ودع مدير البنك الآنسة "آمال الشواف" زميلتهما، التي قالت لنديم قبل خروجها من المكتب: (أنا منتظراك في الروضة، وهنلعب سوا)، في الحوار الأخير بتلك القصة، ترك القاص "خليل الزيني" للقراء أن يتخيلوا ويطرحوا على أنفسهم عدة أسئلة، هل لا تزال آمال زميلة أسامة العربي مدير البنك والدكتور نديم آنسة لم تتزوج.
وظلت عزباء طوال هذه السنوات؟! وهل أدركت آمال الكبرى أن زميلها "نديم" مصاب فعلًا بألزهايمر، إذ قالت له قبل أن تتركه أنا منتظراك بمدرسة الروضة الابتدائية لنلعب معًا؟!
والأمر الذي لفت انتباهي بقصة «روضة النسيان» أن المؤلف لم يكتفِ بأن يسمي مدير البنك باسمه الأول حتى زميلتهما باسمها الأول، بل أتى بلقب العائلة لكليهما، كأنه يريد أن يؤكد صدق وواقعية المشهد القصصي، حتى إن كانت الأسماء مستعارة بمرادفات كل اسم، علمًا بأن عائلات (العربي والشواف) من الأسر المنتشرة والشهيرة في ربوع مصر.
ولا يوجد علاج لدرجة الشفاء من داء ألزهايمر أو إيقاف التغيرات التي يحدثها في الدماغ، وفي مراحل متقدمة من المرض، تؤدي المضاعفات الناجمة عن التدهور شديد الْخَطَر في وظائف الدماغ، مثل الجفاف أو سوء التغذية أو العدوى، إلى الوفاة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.