تحدثنا في مقالين سابقين عن التربية الجنسية للأطفال في مرحلتي ما دون الخامسة، ومرحلة فوق الخامسة دون العاشرة، وفي هذه المقالة نكمل الحديث عن أهمية التربية الجنسية للمراهق، تلك المرحلة المحفوفة بالخطر في حياة الأبناء؛ نظرًا لطبيعة التغيرات التي تطرأ عليهم في جوانب مختلفة من شخصيتهم.
والتربية الجنسية مفهوم يشير إلى تثقيف الطفل وتزويده بالمعلومات الضرورية التي تبصره بنفسه، فيتعرف عليها، وعلى الحدود في التعاملات مع الجنس الآخر وبني جنسه عمومًا، ولكي نصل بأمان لهذه المرحلة يجب أن يكون الطفل قد مر بالمرحلتين السابقتين. ببساطة من يزرع يحصد، ولا يستوي الآباء الذين يدربون ويعلمون أبناءهم مفهوم الخصوصية والحدود في التعاملات الشخصية منذ الصغر، ومَن أهمل تربية الأبناء إلى أن وصل مرحلة المراهقة أو البلوغ.
في هذه المقالة عندما نتحدث عن البلوغ فإننا نقصد بذلك المصطلح الذي توافق عليه علماء النفس لوصف هذه المرحلة وهو "المراهقة".
اقرأ أيضًا: «فوق الخامسة».. كيف تربي طفلك جنسيًّا؟
نقطة ومن أول السطر
هذه المرحلة (10 : 15 عامًا) غاية في الأهمية فهي مرحلة التمهيد للبلوغ (10 : 13 للذكور)، فتبدأ التغيرات الجسمية في الظهور شيئًا فشيئًا، فيبدأ الشعر في الظهور بمناطق مختلفة من جسد الطفل، وتبدأ عضلاته في الكبر والتضخم، حتى صوته، مشاعره وانفعالاته حتى علاقاته الاجتماعية.
ما يعني أنه يتعين على الآباء عدم الانتظار لوصول الابن أو الابنة مرحلة البلوغ، بنزول المني عند الذكر، والدم عند الفتيات، وإنما لا بد من التمهيد، الأم مع ابنتها، والأب يجلس ويتحدث إلى ابنه، وهذا أمر ضروري حفاظًا على الأبناء من الانحراف أو تشويش عقله بمعلومات مغلوطة، أو الدخول في اكتئاب بسبب التغيرات التي تحدث.
اقرأ أيضًا: علامات البلوغ عند الشباب وأخطاء يقع فيها الأبوان
علامات البلوغ
تبدأ علامات البلوغ في الظهور عند الفتيات قبل الذكور لأسباب عدّة، ويرافق هذه العلامات تغيرات في المزاج والحالة النفسية للأبناء، ظنًّا منهم أن هذه التغيرات تحدث لديهم فقط، ودون أسباب أو فهم لطبيعة هذه التغيرات، فالأم لم تجلس مع ابنتها، والأب لم يتحدث إلى ابنه عن طبيعة المرحلة التي يقدم عليها، وأهم التغيرات التي تطرأ عليه، فيستقر نفسيًّا وذهنيًّا، ويكون مستعدًّا لتقبل هذه التغيرات ما دام أنها لا تخصه وحده، بل تخص كل الأقران في هذه المرحلة العمرية.
الأبناء في هذه المرحلة يسمعون ويشاهدون ويتابعون كثيرًا من الموضوعات عن الشذوذ والاغتصاب والتحرش والإباحية وغيرها، خاصة عبر منصات التواصل الاجتماعي، كل هذه الموضوعات يجب فتحها وتبصير الأبناء بها، ولا نفعل كالنعام الذي يضع رأسه في الرمال؛ لأن الأبناء بحاجة لمن يعطيهم المعلومة الصحيحة، ولن يكون ذلك إلا عن طريق الوالدين؛ كونهم الأكثر خوفًا، والأكثر حرصًا على مصلحة الأبناء.
ترك الأبناء في حيرة مما يسمعون ويشاهدون، ويتخبطون يمنة ويسرة، يجعلهم مشوشين، غير قادرين على فهم التغيرات التي تحدث، حتى يتدخل الآباء والأمهات لفض الاشتباك في هذه النقطة تحديدًا، وتبصير الأبناء بطبيعة هذه التغيرات، ومن ثم يطمئن قلبهم ويستقر ذهنهم.
اقرأ أيضًا: هل يعامَل المراهق معاملة الرجال أم الأطفال؟
علاقة الجنسين مفصلة
من الأشياء الضرورية في هذه المرحلة العمرية ضرورة التحدث عن العلاقة بين الجنسين على نحو كامل، وبين الجنس الواحد كذلك؛ لأننا نبني وعي الطفل في هذه المرحلة الدقيقة، ونبصره بالصواب والخطأ، ولكي يكون على علم بالانحرافات الحاصلة وموقف الدين منها.
العلاقة بالجنس الآخر خاصة في ظل الاختلاط بين الجنسين في المدارس وبعض الألعاب الرياضية، ما الحدود مع الجنس الآخر في المعاملات؟ قضايا الحجاب والمحارم وأصنافه وغض البصر والزنا وعقوبة الزاني والزانية، وكذلك الاستئذان وزينة المرأة والزوج، كلها قضايا يجب أن تُفتح مع أبنائنا في هذه المرحلة لتصحيح أفكارهم عن هذه المفاهيم.
وأنتم أعزائي القراء من الآباء والأمهات شاركوني آراءكم من واقع خبراتكم وتجاربكم في التربية في التعليقات أسفل هذه المقالة.
مقال رائع جدا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.