بين المعاني والأماني مرثية الجمال الفاتن

في هذا النص الشبيه بالقصيدة الغنائية الرمزية، ينحت الشاعر وجعًا في جسد اللغة، يستنطق فيه المفارقات التي تنشأ بين المعنى والمظهر، بين «المُحَيّا» الفاتن و«البيان» الحائر. تتخذ القصيدة من الأسئلة المتلاحقة أداة للكشف عن التناقضات بين الجمال الظاهري والأخلاق الباطنية، في تنقّل حاد بين صور الحسن والخذلان، والعطاء والخداع، والافتتان والانكسار. إنها مرثية رمزية لعالم يُؤْسر فيه الجمال، ويُحرَم فيه البيان من اتّزانه.

كلُّ شانِ     في المعاني

والغواني    في الأمـاني

كيف يحيا   بالـــــــمُحَيَّا

كان أعــيا   في الـثواني

يوم يسـعى  رام منعــــا

ردَّ قطـــعا   للعـــــــيانِ

ذاك ذئـــبٌ   فيه رعــبُ

كيف ركبٌ    في الأمانِ؟

طاب سـعيٌ   وهو حــيُّ

كيف نــــهيٌ   عن تفانِ؟

ذاق حلـــــوا   وهو يُنوَى

كـــيف سوَّى   في الكيان؟

في اســـتــتارٍ   وافتـــخارِ

وانتـــــــصارٍ   للــــدواني

صاد صــــيدًا   فكَّ قــــيدَا

رام غَيــــــــدا   ءَ الحــنانِ

شقَّ حســــــنا    حين غنَّى

كيف أضـــنى    في العنان؟

قاسَ أمـــــــرا    حين أغرى

وهــــــو أدرى    بالحســــانِ

عمر خــلــــــقٍ    بيـــن فرقِ

كيف يسقـــــــي    بالبــــيان؟

وهو يـفــــــــدي    حين يهدي

لا يـــــــــــــهدِّي    لاتـــــزانِ

جاد خـــــــــــيرًا     كان طيرَا

رام ســــــــــــيرًا     لافتنــــانِ

تمثل هذه القصيدة نموذجًا على الشعر التأملي الذي يعيد النظر في بديهيات الجمال، ويفكك العلاقة بين المظهر والجوهر. بقوافيها المحكمة وتساؤلاتها اللاذعة، تُعيد طرح الأسئلة الكبرى حول الحب والافتتان، والخديعة والتجلي، لتصبح المرآة التي يرى فيها القارئ ذاته وسط ضباب الصور المذهلة. هي ليست مجرد قصيدة، بل شهادة لغوية على هشاشة الإدراك حين يغوي الجمال ولا يفصح البيان.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة