الأطفال هبة عظيمة من الله - عز وجل - يهبها لمن يشاء، وهدية لا تقدر بثمن.. فهل يُعقل أن أقول لمن أحضر لي هدية "هديتك ليست جيدة" أو "تلك الهدية لا تعجبني"؟!
اقرأ أيضاً سن المراهقة وكيفية التعامل مع الأطفال داخل المدرسة
الأطفال ومراعاة المرحلة العمرية
ذلك هو ما نفعله عندما نسخط على أطفالنا طوال الوقت على أبسط الأشياء دون توجيه أو نُصح أو حتى مراعاة المرحلة العمرية لهذا المخلوق الضعيف أو احتياجاته الفسيولوجية والنفسية وغيرها.
الأبناء قبل أن يُربيهم المجتمع والمدرسة لا بد أن يُربيهم البيت والأسرة. إن تربية الأبناء والحرص عليهم وعلى مستقبلهم ومعتقداتهم وأفكارهم هي من معالي الأمور وأعظمها على الإطلاق.
لذلك وجب على الوالدين أن يكون لديها رؤية واضحة في تربية أبنائهما التربية التي تُرضي الله - عز وجل - وتشرِّفهم أمامه سبحانه يوم القيامة.
اقرأ أيضاً لماذا تخلَّى الأطفال عن براءتهم؟! الأسباب والمسببات..
عملية التربية للأطفال
بدايةً يعتقد البعض أن عملية التربية تبدأ حين يبلغ الطفل مثلًا أربع سنوات أو خمسًا، وربما أحيانًا في العاشرة، ولكن للأسف سيُصدم هؤلاء حين يعلمون أن تربية الأبناء تبدأ في الأصل قبل الزواج، وذلك منذ اختيار الزوجين بعضهم بعضًا، وهذا بنصوص الكتاب والسنة.
قال جل وعلا: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾[ الروم: 21].
اقرأ أيضاً هل المشاكل الزوجية سبب في انحراف الأطفال؟
البيئة الصالحة لتربية الأطفال
لا سكينة بلا سكن، السكينة والأمان والرحمة والرفق بين الزوجين بعضهم بعضًا من مقومات البيت الناجح، فإذا سكن البيت كانت بيئته صالحة لتربية ذُرية سوية صلبة غير هشة ولا قابلة للكسر. ومن كلام خير الخلق الذي لا ينطق عن الهوى.
قال صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، وقال أيضًا للرجل الذي يريد الزواج: "فاظفر بذات الدين تربت يداك".
كل هذه العوامل كفيلة بأن تبني بيتًا قائمًا على الود والحب والسكن والسكينة والهدوء الذي يحتاجه الطفل ليخرج للمجتمع إنسانًا صالحًا مصلحًا، سوي النفس.
حق الرعاية للأطفال
بعد أن يولد الطفل ويرعاه الأبوان حق الرعاية تبدأ عملية التوجيه من آنٍ لآخر، مع مراعاة عمره، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لاعب ابنك سبعًا، وأدبه سبعًا، وآخه سبعًا، ثم ألق حبله على غاربه".
من هنا وجب علينا حفظ أبنائنا من شتات الحياة ومُلهياتها، بل وحفظ وقته وصحته وأخلاقه، بل كل شيء؛ حتى يخرج لنا جيل قادر على مواجهة تحديات الحياة.
أعلم أن أمر التربية لا بد وأن يُدرس جيدًا قبل الزواج وليس قبل الإنجاب كما يظن البعض.. معظم الأمراض النفسية الجسيمة سببها يعود إلى أخطاء التربية. الآن صارت الأجيال بلا هوية وبلا هدف أو غاية.
إذا سألت أحدهم: ماذا تريد أو ماذا تصنع في حياتك؟ يكون جوابه غير واضح المعالم، وكثيرًا ما يقتصر على كلمتين (لا أعلم) صارت الأجيال هشة سهلة الكسر كرقائق الثلج فقط لأنه جيل فقد هويته.
عملية التربية الصالحة للأطفال
عملية التربية تحتاج كثيرًا من الصبر والتصبر والمثابرة، بل وبذل الجهد من أجل صنع أجيال تعلم الغاية من وجودها في هذه الدنيا.
وما ضاع الأجيال إلا لأن المسؤولين عن عملية التربية لم يتموا مهمتهم على أكمل وجه؛ حين غفل الأب والأم عن أبنائهما وتركاهم يتخبطون في هذه الحياة دون أدنى توجيه، حين أهمل المعلم تلامذته، وكل من له دور في تربية وصناعة الأجيال.
نتاج التربية سيحصده الوالدان أولًا ثم المجتمع ثانيًا، إذا خرج للمجتمع أجيال تعرف هويتها والغاية من وجودها؛ ستنهض الأمم وتعلو رايتها بالسواعد القوية لهذا الجيل، وبعقليته الناضجة.
نسأل الله - عز وجل - أن يهدي أبناءنا ويصلحنا ويصلحهم إلى ما يحبه ويرضاه..
لنا في المقال القادم إن شاء الله خطوات عملية في تربية الأبناء تربية سليمة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.