في وقت أصبحت فيه صالات السينما تعج بأفلام الأبطال الخارقين التي غالبًا ما تتبع حبكات وأحداثًا متشابهة، يبرز فيلم "Kraven the Hunter" بوصفه إضافة جديدة لمحبي هذا النوع من الأفلام. ويقدم الفيلم شخصية كريفن الصياد، أحد أشهر أعداء سبايدرمان وأكثرهم تعقيدًا في تاريخ الكوميكس.
ومع الترقب الكبير من الجمهور والنقاد، تعلَّق كثيرون بالأمل في أن يكون الفيلم تجربة سينمائية جريئة ومختلفة، تُبرز أبعاد هذه الشخصية الفريدة. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل استطاع الفيلم أن يحقق التوقعات ويفرض بصمته بوصفه عملًا استثنائيًّا، أم أنه وقع في فخ التكرار والإحباط الذي يلاحق بعض أفلام الأبطال الخارقين مؤخرًا؟
معلومات عن الفيلم
فيلم "Kraven the Hunter" يُعد أحدث إنتاج من استوديوهات Sony Pictures بالتعاون مع Marvel، ومن إخراج جي سي تشاندور، المعروف بقدرته على المزج بين الإثارة والدراما.
يقوم ببطولة الفيلم النجم آرون تايلور جونسون في دور كريفن، بمشاركة راسل كرو، وأريانا ديبوز، وفريد هيشينجر في أدوار مساعدة.
يُعد الفيلم جزءًا من سلسلة عالم Sony السينمائي المرتبط بشخصية سبايدرمان، فهو يقدم قصة تمهيدية لشخصية كريفن الصياد. ويستعرض الفيلم أصول الشخصية ونشأتها المعقدة، لكنها جاءت بعيدة جدًّا عن القصة الأصلية في الكوميكس؛ ما قد يُخيِّب آمال محبي الإصدارات الأصلية.
تتناول القصة علاقة كريفن المتوترة بوالده التي تُعد العامل الأساسي في تشكيل شخصيته ودوافعه. ويظهر كريفن بصفته شخصية محورية، تحمل صراعات داخلية وأهدافًا متشابكة.
ومع تصاعد الأحداث، يُظهر الفيلم الصراع بين الطبيعة الوحشية التي تتحكم به ورغبته في تحقيق العدالة بأسلوبه الخاص، ويناقش موضوعات الانتقام، والهوية، والتصالح مع الماضي بأسلوب يمزج بين الحركة والدراما.
الأداء التمثيلي
قدَّم آرون تايلور جونسون شخصية كريفن بجسد رياضي وعضلات منحوتة تشبه مظهر الشخصية في الكوميكس. لكن أداءه التمثيلي افتقد العمق والإقناع؛ ما جعله ضعيفًا بالمقارنة مع المتوقع من شخصية بهذا التعقيد. هذا الانطباع ينطبق أيضًا على معظم الشخصيات الأخرى باستثناء راسل كرو، الذي قدَّم أداءً مقبولًا على الرغم من بعض التحفظات على لهجته الروسية التي بدت مفتعلة وغير متقنة.
الإخراج والتصوير السينمائي
بدا أن المخرج جي سي تشاندور لم يبذل جهدًا كافيًا في دراسة تاريخ شخصية كريفن بالكوميكس. بدلًا من تقديم فيلم يظهر الفلسفة والصراعات النفسية التي تميز الشخصية، ركَّز على تقديم مشاهد أكشن تُبرز قوة كريفن الجسدية. ومع ذلك، لم تكن مشاهد الأكشن مبتكرة؛ بل افتقرت إلى الأصالة، وبدت مكررة ومنحوتة من أفلام أخرى، وبعض المشاهد افتقدت تسلسلًا واضحًا في الأحداث.
أما التصوير السينمائي، فقد كان مقبولًا، مع بعض اللقطات الجميلة التي أبرزت الطبيعة والانتقالات البصرية بين المشاهد الداكنة والمضيئة. لكن حتى هذه الجوانب بدت مقتبسة من أعمال سابقة.
القصة والسيناريو والحوار
جاءت قصة الفيلم وحبكته سطحية وغير متناسبة مع تعقيد شخصية كريفن. فالسرد كان متذبذبًا؛ إذ بدت بعض الأحداث بطيئة ومملة، في حين افتقدت مشاهد أخرى إلى التفاصيل والتسلسل المنطقي. والسيناريو والحوار كانا باهتين في معظم الأوقات، باستثناء بعض اللحظات القليلة التي أظهر فيها راسل كرو أداءً جيدًا. وللأسف، لم يتمكن الفيلم من تقديم شخصية كريفن بالصورة التي تستحقه الشخصية، وظلت كثير من المشاهد مملة وغير فعَّالة.
الموسيقى التصويرية والمؤثرات البصرية
لم تضف الموسيقى التصويرية أي قيمة تُذكر إلى المشاهد، سواء كانت أكشن أو درامية. وبعد نهاية الفيلم، لن تجد مقطعًا موسيقيًّا يبقى في ذاكرتك، وكأن العمل خالٍ من الموسيقى تمامًا.
المؤثرات البصرية والجرافيك كانت ضعيفة، وأعطت انطباعًا بأنها صُممت بتقنيات قديمة؛ ما أفسد التجربة البصرية. وتصميم المعارك بدوره كان مكررًا وغير مُريح بصريًّا؛ ما جعل الفيلم يبدو هزيلًا تقنيًّا.
التقييم العام
قبل الانتقال إلى جزء حرق الأحداث، يجب التنويه أن هذا الفيلم من النوع الذي قد لا تكون فيه الأحداث قابلة للحرق؛ إذ إن الحبكة ضعيفة ومفككة. وعامةً، الفيلم أقل من عادي، وغير مترابط، ولا يستحق المشاهدة أو الانتظار. تقييمه بالنسبة لي: 1 من 5.
افتتاحية مثيرة تخفي خلفها خيبة أمل كبرى
يُفتتح فيلم Kraven the Hunter بمشهد يمتد لثماني دقائق يعرض شخصية كريفن (آرون تايلور جونسون) في السجن. هذا المشهد، الذي أطلقته شركة Sony مسبقًا ضمن حملتها الترويجية، يوحي بأننا بصدد مشاهدة فيلم مليء بالإثارة والأكشن.
والمشهد يتضمن تفاعلًا فريدًا بين كريفن وذئب جليدي في أثناء عاصفة ثلجية، في لحظة شاعرية تحمل رمزية القوة والوحدة مع الطبيعة. ومع ذلك، يظل هذا المشهد إحدى النقاط الإيجابية القليلة في الفيلم، حيث تنحدر الجودة تدريجيًّا مع تقدم القصة.
ماضي كريفن: إطالة دون جدوى
ينتقل الفيلم بعد ذلك إلى استعراض ماضي كريفن، كاشفًا عن علاقته المعقدة بوالده (راسل كرو) وأخيه غير الشقيق (فريد هيشينغر)، في محاولة لتأسيس جذور شخصيته ودوافعها. لكن هذا الجزء جاء طويلًا ومملًّا، معتمدًا على سرد تقليدي افتقر إلى العمق.
مشهد اكتساب كريفن لقواه الخارقة -عبر مواجهة مع أسد- كان يمكن أن يكون لحظة درامية محورية، لكنه أُفسد بجرافيك ضعيف وتصميم رقمي بدائي لم يرتقِ لمستوى التوقعات.
الأكشن المكرر ومشاهد مستعارة
تتخلل القصة كثير من مشاهد الأكشن التي -على الرغم من عنفوانها- لم تضف شيئًا للقصة. مشهد مطاردة كريفن للخاطفين وإنقاذ أخيه بدا مستعارًا على نحو واضح من فيلم Captain America: Civil War، دون تقديم أي جديد. أيضًا مواجهاته مع الصيادين غير الشرعيين كانت خالية من أي عمق درامي أو ارتباط بأحداث القصة؛ ما جعلها تبدو وكأنها حشو زائد.
الحبكة السطحية والقرارات غير المريحة
الحبكة الأساسية التي تتمثل في استغلال والد كريفن قدرات ابنه الخارقة للتخلص من أعدائه، افتقرت إلى التعقيد والإقناع. حتى مشهد المواجهة النهائية بين كريفن ووالده، حين يقتل الأول الأخير، كان غير مريح دراميًّا وغير مبرر على نحو كافٍ. أما محاولة تقديم كريفن بوصفه شخصية صالحة ذات أهداف نبيلة، فقد جاءت مغايرة تمامًا لما هو معروف عن الشخصية في القصص المصورة؛ ما أفقدها أصالتها.
غياب سبايدر مان وخطأ في تعريف الشرير
على الرغم من أن كريفن هو أحد أعداء سبايدر مان الكلاسيكيين، فإن غياب أي إشارة مباشرة أو غير مباشرة لسبايدر مان أضعف ارتباط الفيلم بعالم Marvel. وظهور العناكب بصفته مصدر هلوسة لكريفن كان غير كافٍ، حيث لم يُستغل لتقديم رابط واضح مع خصمه اللدود.
الشخصيات الجانبية: فرصة مهدرة
شخصية أخيه غير الشقيق، التي تتحول لاحقًا إلى شخصية الحرباء (Chameleon)، تم تقديمها بطريقة سطحية وسريعة دون بناء كافٍ. أيضًا، من بين الشخصيات التي تظهر في الفيلم، كاليبسو التي تؤدي دورها أريانا ديبوز، فعلى الرغم من أهمية دورها، فإن الشخصية بدت ضعيفة، وافتقرت إلى الكيمياء مع كرافن؛ ما جعل تفاعلها معه غير مقنع.
قدم الفيلم أيضًا شخصيتين شريرتين بارزتين:
أليكس أوهيون، الرجل الذي يستطيع التلاشي والظهور مجددًا.
وأليكسي سيتسيفيتش، الرجل الذي يتحول إلى وحيد القرن Rhino.
أليكس أوهيون كان لديه قدرة خارقة على التلاشي والظهور؛ ما جعله يشكِّل تحديًا في المواجهات القتالية، لكن دوره كان محدودًا ولم يُستغل على نحو يضيف عمقًا دراميًّا.
أما أليكسي سيتسيفيتش، الذي يعرفه عشاق سبايدرمان باسم Rhino، فقد تم تقديمه بوصفه رجلًا وحشيًّا يحمل غضبًا كبيرًا تجاه كريفن. ومشهد تحوله إلى وحيد القرن كان واحدًا من أكثر اللحظات إثارة في الفيلم، لكنه افتقر إلى الجودة البصرية بسبب المؤثرات الضعيفة؛ ما أثر في تأثير المشهد كله.
على الرغم من أن ظهور هاتين الشخصيتين كان من المفترض أن يرفع مستوى التوتر في الأحداث، فإن بناءهما السطحي وتهميش دورهما في الحبكة جعلهما يبدوان إضافات غير متقنة، بدلًا من عناصر رئيسة مؤثرة.
مقارنة غير متكافئة مع أفلام الجوكر
كان من المتوقع أن يقدم الفيلم معالجة نفسية عميقة لشخصية كريفن، مشابهة لما قدمته أفلام الجوكر في عالم DC. لكن على النقيض، افتقر الفيلم للحوار القوي، والصراعات النفسية، والحبكة المتقنة التي تجعل الجمهور يتعاطف مع الشرير. وبدلًا من ذلك، قدمت شخصية مشوشة بلا مبادئ واضحة أو دوافع مثيرة للاهتمام.
الخلاصة: فيلم بلا روح
Kraven the Hunter لم يرقَ لتوقعات الجمهور، بل قدَّم نسخة ضعيفة من شخصية مميزة في عالم Marvel. إن غياب العمق النفسي، والحبكة المكررة، والجرافيك الضعيف، وغياب الارتباط بعالم سبايدر مان، جميعها جعلت الفيلم تجربة مخيبة للآمال.
في النهاية كريفن الصياد اصطاد كثيرًا من الأشرار داخل الفيلم، ولكنه لم يستطع اصطياد رضا وإعجاب النقاد والمشاهدين والأرباح أيضًا في صالات السينما.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.