يعد التقدم بالعمر تحديًا للعلماء، فالباحثون يسعون إلى فهم آليات التقدم بالعمر وأمراض الشيخوخة.
وتُعد مسألة إطالة العمر البيولوجي من أهم المجالات البحثية في العلوم الطبية الحديثة، فهي لم تعد فكرة خيالية، وفقًا لأحدث البحوث والاكتشافات العلمية.
ما العمر البيولوجي؟
والعمر البيولوجي هو مقياس يظهر الحالة الصحية للجسم بناءً على مجموعة من العوامل الوراثية ونمط الحياة، وليس له علاقة بعدد السنوات التي عاشها الشخص.
ففي حالات يكون العمر البيولوجي أقل من العمر الزمني أو أكبر منه؛ أي إن بعض الأشخاص يبدون أصغر من أعمارهم الحقيقية أو أكبر.
وتشير البحوث العلمية الحديثة إلى أنه بالمزج بين التقنيات الطبية المستحدثة والعقاقير المكتشفة، واتباع أسلوب حياة صحي يمكن تحقيق نتائج إيجابية ملموسة تحد من تدهور الخلايا مع التقدم بالعمر.
حساب العمر البيولوجي
حساب العمر البيولوجي يتطلب تقييمًا كاملًا للصحة العامة ونمط الحياة، ويمكن ذلك بـ:
· تقييم العوامل الصحية؛ مثل فحص ضغط الدم ومستوى الكوليسترول ونسبة كتلة الجسم، ويؤخذ في الحساب بعض العادات مثل التدخين وشرب الكحول والنشاط الرياضي من لعب الكرة، أو السباحة، أو الركض، أو المشي.
· اختبارات اللياقة البدنية؛ مثل القدرة على التحمل والقوة والمرونة التي تعطي فكرة عن مستوى اللياقة البدنية مقارنة بالأشخاص بالعمر نفسه.
· تقييم نمط الحياة كالنظام الغذائي ومستوى التوتر وجودة النوم.
· توجد أدوات حديثة وتطبيقات متاحة عبر الأنترنت لحساب العمر البيولوجي بناءً على المعلومات الخاصة بكل شخص.
· استشارة الطبيب المختص بالصحة أفضل سبيل للتقييم الشامل والدقيق لعمر الجسم.
هل توجد أي وسيلة لعكس عقارب الساعة وتحسين العمر البيولوجي؟
بالتأكيد توجد إستراتيجيات عدة أساسية يمكن بها تحسين طول العمر وجودة الحياة للشعور بالشباب، ومنها على سبيل المثال:
التدخلات الجزيئية والبيولوجية
تؤدي العقاقير المضادة للشيخوخة دورًا محوريًا في تنظيم الشيخوخة على المستوى الخلوي.
يعد مركب النيكوتيناميد مونونوكليوتيد (NMN) أحد الخيارات الواعدة في مجال مكافحة الشيخوخة، فيساعد على زيادة مستويات (NAD) داخل الخلايا، ومع التقدم في العمر تنخفض هذه المستويات طبيعيًا، ما يؤثر في وظائف خلوية مهمة مثل إصلاح الحمض النووي وتحسين عمل الميتوكوندريا وتنظيم العمليات الأيضية.
وقد أظهرت الدراسات على الحيوانات أن مكملات مركب النيكوتيناميد مونونوكليوتيد قد يسهم في الحد من التدهور المرتبط بالعمر في وظائف العضلات، إضافة إلى أنه يعزز حساسية الجسم تجاه الأنسولين.
وتوجد أيضًا عقاقير واعدة في هذا المجال؛ مثل مادة السيرولوموس (الراباميسين) التي تبطئ تقدم الخلايا في العمر، وهي منظم مناعي، واكتشف الباحثون أن العقار يزيد من نشاط نظام إعادة التدوير الداخلي للخلايا ومن وتيرة الالتهام الذاتي، وهي عملية التخلص من فضلات الخلية.
ويستخدم العقار الآن في علاج السرطان وبعد زراعة الأعضاء، وتمثل هذه المادة بداية تحقيق حلم البشرية لإطالة العمر، ومن المتوقع أن يكون في المستقبل إكسير الحياة الذي يطيل عمر البشر؛ لأن العقار الواعد أدى إلى إبطاء تطور التغيرات المرضية المرتبطة بالتقدم في العمر.
اتباع نمط الحياة الصحي
- تناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن كما هو المتبع في حمية البحر الأبيض المتوسط، هذه الحمية تركز على الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والأسماك، ويمكن أن تساعد في تقليل العمر البيولوجي.
- ممارسة الرياضة بانتظام، فالنشاط البدني المنتظم يساعد في تحسين اللياقة البدنية، ويقلل من أخطار الأمراض المزمنة، ويُنصح بممارسة تمارين القوة والمرونة.
- الحفاظ على وزن صحي؛ لأن الوزن الزائد يمكن أن يؤثر سلبًا في الصحة العامة والعمر البيولوجي، والحفاظ على وزن مناسب يساعد في تقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالسمنة مثل مرض السكر والضغط.
- الحصول على قسط كافٍ من النوم الجيد يؤدي دورًا مهمًا في الصحة العامة، ويؤثر في العمر البيولوجي، ويُنصح بالنوم من 7 إلى 9 ساعات يوميًا.
- تجنب العادات الضارة مثل التدخين وتناول الكحول، فهذه العادات يمكن أن تسرع من عملية الشيخوخة.
- إدارة التوتر والانفعالات السلبية وممارسة تقنيات جديدة مثل اليوجا والتأمل للمساعدة في التغلب على التوتر وتحسين الصحة العامة.
التقنيات الحديثة
نجد دورًا كبيرًا لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير علاجات جديدة للشيخوخة، فعلى سبيل المثال تحليل البيانات الجينية وتطوير أدوية لكل حالة على حدة، أيضًا التنبؤ بمصير بمسارات الشيخوخة.
العوامل البيئية
تجنب التعرض المفرط إلى الأشعة فوق البنفسجية، وتقليل التعرض إلى الملوثات البيئية والحفاظ على بيئة صحية ونظيفة.
ختامًا.. إن إطالة العمر البيولوجي ليس مجرد حلم، بل أصبح حقيقة علمية قابلة للتحقيق مع استمرار التقدم العلمي بالجمع بين التدخلات الطبية الحديثة، واتباع نمط الحياة الصحي للوصول إلى نتيجة مرضية، ونتوقع مزيدًا من الاكتشافات التي ستساعد في التحكم بتدهور الخلايا مع التقدم بالعمر.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.