مجلات للأطفال.. واقع وتطلعات

لطالما كانت مجلات الأطفال نافذة يطلون منها على عالم مليء بالقصص والمعرفة والتسلية، فهي لا تكتفي بالتعليم فقط، بل تُغذي الخيال وتنمّي الذوق وتشكّل وجدان الطفل منذ سنواته الأولى. ومع تطور وسائل الإعلام وتعدد مصادر الترفيه، أصبح من الضروري أن نقف أمام واقع هذه المجلات في الوطن العربي، لنرصد ما تواجهه من تحديات، وما يمكن أن تحققه من تطلعات. فهل ما زالت مجلات الأطفال تلعب دورها كما يجب؟ وهل تُعبّر بالفعل عن اهتمامات الطفل العربي؟ أم أنها أصبحت مجرد صدى لمحتوى مستورد لا يجد صداه في وجدان الصغار؟.

نظرة فاحصة على مجلات الأطفال في الوطن العربي

تعتبر مجلات الأطفال من أهم وسائل الإعلام المعاصرة للأطفال لما لها من دور كبير في تنشئة الطفل كوسيلة تواكب ما يحدث في عصرنا ، بالإضافة إلى أن المجلة متنوعة حيث يتم مزج الرسومات والصور بقصص وترانيم مختلفة حيث تتميز بقلة صفحاتها وهذا ما يدعو الطفل إلى مواصلة قراءتها. لأنه يمكن الانتهاء منه في وقت قصير إذا قارناه بالكتاب وإذا كان يحتوي على معلومات حديثة ومتجددة.

المجلة بهذه الجوانب الإيجابية تعتبر وسيلة ضخمة من شأنها أن تضع الأطفال تحت ضغط كبير ، مما يجعلنا نتساءل لماذا يتجنب الأطفال قراءة هذه المجلات.

وببحث هذه الأسباب نجد أن السبب الذي يأتي أولاً هو عدم وجود مجلات مناسبة للطفل العربي ، حيث يقدر عددها بـ 90 مليونًا ، ويمكن عد مجلاتهم على أصابعهم (لا تزيد عن 40 مجلة). حاليًا) وإذا قسمنا عدد النسخ المطبوعة على أطفالنا في الوطن العربي ، فسيحصل الجميع منهم كل عام ، سطر أو كلمة وجانب من الصورة ، ونرى أيضًا ندرة الكتاب الذين يكتبون للأطفال في الوطن العربي ، وهناك من يتميز باغترابهم عن عالم الطفولة ، لأنهم يفرضون على الطفل ما يريد ، وليس ما يريده الطفل ويختاره. . بفضل طبيعته الفنية ، ساعد التلفزيون على زيادة سلبية الأطفال وإحجامهم عن القراءة. يجلسون أمام التلفزيون كمتلقين دون أن يكون لهم دور أو دور مباشر فيما يشاهدونه. هم فقط يشاهدون ويستمعون.

وبالمثل ، فإن محتوى مجلات ومنشورات الأطفال التي تحتوي على الكثير من المحتوى السلبي الذي لا يخدم أي غرض تعليمي أو إعلامي وليس له علاقة ببيئة الطفل أو العالم الحقيقي، وخاصة الوثائق مترجمة من مجلات أجنبية تسودها القيم السلبية والمفردات الغربية عن واقع الطفل الذي لم يتعامل معه قط ، إضافة إلى بعض العوامل التي دفعت الطفل إلى الابتعاد عن هذه المجلات يمكن الإشارة إليها ، على وجه الخصوص:

• ارتفاع أسعار العديد من المجلات في معظم الدول العربية مقارنة بالقدرة الشرائية للأطفال.

• ضعف الجانب الإعلامي للمجلات مما يمنعها من رؤية الأطفال.

• دخول المكون التجاري في المجلات مما أثر على محتوى المجلة وهذا ما لوحظ في المادة المقدمة.

• تزويد بعض المجلات بمواد ثقافية بسيطة يفتقدها الأطفال ، وخاصة الأطفال المتقدمين منها ، حيث أن معظم هذه المجلات تستهدف الفئة العمرية (8-14 سنة).

ملامح مجلات الأطفال

تتميز مجلات الأطفال بعدة مزايا تجعلها من الوسائط الإعلامية المؤثرة التي جذبت الأطفال وجذبتهم لعالم القراءة والمعرفة ، ورغم ظهور وسائل إعلام أحدث وأقوى ( إذاعة - تلفزيون - كمبيوتر) ، بقيت المجلات في الساحة الإعلامية وهذا يجعلنا نتساءل لماذا استمرت. هذه المجلات تحافظ على جمهورها رغم وجود وسائل إعلام حديثة؟

من أهم الركائز التي أتاحت للمجلة الاستمرار في تطوير مهارات الاتصال لدى الأطفال ، كالقراءة والتحدث ، في حال مشاركة الأطفال في تحرير بعض مقالات المجلة إضافة إلى وجود بعض المجلات المتميزة التي تعنى بحل مشاكل الأطفال من قبل مختصين في مجالات التربية وعلم النفس ، وهذه الميزة تفتقر إلى وسائل الإعلام الحديثة الأخرى.

كما تقوم المجلة بإنشاء العديد من الروابط بينها وبين جمهورها من خلال فصول ثابتة بالمجلة مثل الهوايات والألغاز والتحضير للمسابقات ونشر صور الأطفال الموهوبين أو الراغبين في ذلك. التعارف مع الأطفال الآخرين.

ماذا تقدم المجلة للطفل؟

تنقسم مجلات الأطفال إلى أقسام وزوايا مختلفة تجذب أكبر عدد ممكن من الأطفال إلى المجلة. وبالنظر إلى المحتوى والمواد الثقافية التي توفرها المجلات ، نجد أن معظم المواد السائدة في المجلة بشكل عام هي قصص متسلسلة مزينة برسومات معينة يحبها الأطفال وأن هناك ألعاب تختبر قوة الملاحظة أو الذكاء أو تطوير الذاكرة والمسابقات الثقافية وصفحات المواعدة ومساحات التلوين وزوايا الفكاهة وما إلى ذلك. تعرف على البلدان والشعوب والأقسام الأخرى التي تكون تعليمية للطفل ، والبعض الآخر مفيد للترفيه والاستجمام ، والمسابقات التي تنشرها بعض المجلات والصحف تشجع الأطفال على القراءة و للبحث في القضية وإنشاء رابط دائم بينهم وبين المجلة والكتاب في نفس الوقت.

صعوبات تواجه مجلات الأطفال

تعاني مجلات الأطفال من عدة مشاكل تمنعهم من الاستمرار في حمل الرسالة النبيلة للطفل المتمثلة في رعاية الأطفال وتعليمهم بشتى الوسائل.

من أهم العوامل التي تعاني منها مجلات الأطفال توقف نشرها ، وقد يكون ذلك بسبب عدم دعم المؤسسات العامة والخاصة ، إضافة إلى أن البعض يعتبر مجلات الأطفال مشكلة. مشروع تجاري يملأون فيه المجلة بمعلومات بعيدة كل البعد عن مستوى تفكير الأبناء وقلة كفاءة المحررين المسؤولين عن المجلة. مجلة تجارية ، بالإضافة إلى الترجمة الحرفية للمجلات الأجنبية التي لا تتوافق مع الخلفية الثقافية وعادات وتقاليد الجالية العربية ، مما يجعل المجلة مهددة بالفشل.

ما السبل لتأسيس مجلة متميزة للأطفال؟

تنقسم مجلات الأطفال الحالية إلى قسمين ، الأول هو مجلات تخريبية بحتة تسعى إلى انتزاع الفضيلة ونشر الرذيلة وتشويه هوية الطفل المسلم ، ومجلات أخرى ذات هدف تخريبي بحت. محاولات تجارية لاستغلال رغبات الطفل غير الناضجة لتوفير الترفيه بمحتوى أدبي وتعليمي رديء.

ولمواجهة هذه المجلات لا بد من ابتكار مجلات موجهة للأطفال تعالج همومهم ومشاكلهم وتغذي عقولهم بالفكرة والمعلومات الهادفة والمتنوعة من خلال التكامل الثقافي الذي تتضمنه المجلة الرئيسية.

هنا يمكننا تقديم بعض النقاط الأساسية لمثل هذه المجلة

• يحتوي محتوى بعض المجلات على معلومات تتعلق بالعملية التعليمية ولكن بشكل غير مباشر بحيث يتعلم الطفل بطريقة مختلفة وهذه المعلومة جديدة ولا يتدخل عنصر التكرار مع الطفل بحيث الطفل لا يشعر بالملل ومناسب لما يتعلمه الطفل في المدرسة.

• لإنشاء مجلة ، يجب أن يتم التعاون الإعلامي التربوي ضمن مجموعة عمل مشتركة تهدف إلى الاهتمام بثقافة الطفل ، حيث يضع المربون أهدافاً تعليمية تتلاءم مع المراحل المختلفة لنمو الطفل. وفيه ينفذ الإعلاميون التوجيهات والأهداف المرسومة لهم من الاتجاهات والأهداف. نتأكد من تزويد الطفل بما يريده من المعلومات.

• الإنتاج الفني للمجلة بشكل شيق وجميل ، وبألوان جديدة جذابة للطفل ، بالإضافة إلى التصميمات التي تعتبر أهم عامل في إدمان الطفل في هذه المرحلة على حاسة البصر بشكل رئيسي وإهمال هذا الجانب يضعف من حيوية المجلة بل ويجعلها تفشل في الوصول إلى الطفل وإقناعه بالموضوعات الشيقة والمفيدة فيها.

في الختام، تبقى مجلات الأطفال أداة تربوية وثقافية مهمة، لكنها في عالمنا العربي ما زالت تعاني من نقص في الكم، وضعف في المحتوى، وغياب للرؤية التي تضع الطفل في مركز الاهتمام. إن مستقبل هذه المجلات يتوقف على قدرتها على فهم احتياجات الطفل العربي، ومواكبة عصره، وتقديم محتوى يجمع بين المتعة والفائدة. وإذا أردنا حقًا أن نستثمر في أجيال قادمة قارئة ومبدعة، فعلينا أن نعيد النظر في صناعة هذه المجلات، بدءًا من من يكتبها، إلى كيف توزّع، وانتهاءً بمحتواها الذي يجب أن ينبض بالحياة من واقع الطفل لا من خارجه.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة