متى يلجأ الطفل إلى الكذب؟ وكيف العلاج؟

واحدة من المشكلات التي تؤرق الآباء هي الكذب عند الأطفال؛ خوفًا من أن تستمر معهم حتى الكبر، كونها أمرًا معيبًا أخلاقيًّا ومذمومًا دينيًا.

في هذه المقالة نسلط الضوء على مشكلة الكذب عند الأطفال، وأسبابها، وطريقة علاجها.

اقرأ أيضًا: 5 حيل نفسية بسيطة لكشف الكذب

ماذا يعني الكذب؟

في أبسط تعريفاته، مخالفة القول الفعل، فهو نوع من التضليل والتزييف، بقصد الخداع وقلب الحقائق، وهو عكس الصدق، وتحرِّمه الأديان السماوية.

كأن يتأخر ابن العاشرة ليلًا، وعندما يسأله الأب: أين كنت طوال حتى هذا الوقت؟ فيرد قائلًا: كنت أحضر طلبًا لجدتي. في حين أنه كان يسهر مع زملائه.

الملاحظ في هذا الموقف، هو إخفاء الطفل الحقيقة عن والده للتستر على خطأ ما ارتكبه، ليس فقط مجرد السهر مع الزملاء، ولكن ماذا كان يفعل مع أصدقائه؟ وأين كانوا؟

دائمًا ما نقول للوالدين، عندما يأتي ولدك ويستأذنك للخروج مع أصدقائه، عليك أن تسأله ثلاثة أسئلة لكي تعرف إجابتها مسبقًا قبل الموافقة على خروجه؛ فتكون مطمئن القلب مرتاح البال وولدك بالخارج.

تسأله: مع من ستخرج؟ أين ستذهبون؟ متى ستعود إلى البيت؟ في ضوء الإجابة عن هذه الأسئلة تقرر ما إذا كنت مطمئنًا لخروج ولدك معهم أم لا.

اقرأ أيضًا: لماذا يكذب الأطفال؟ وكيف نساعدهم على التخلص من الكذب؟

أين المشكلة إذن؟

مشكلة الكذب فضلًا عن أنها محرمة دينيًا، فهي أيضًا مشكلة أخلاقية، يترتب عليها ظلم لشخص ما، كونه يتستر على خطأ لا يريد لولي الأمر معرفته.

مع كثرة الكذب قد يعتاد الطفل عليه من باب الاستسهال؛ لكونه يجد فيه ملاذًا من العقاب، ما قد يؤدي إلى إدمان الابن للكذب، وهنا مكمن الخطورة.

هذا يقودنا إلى سؤال أهم: لماذا يكذب الطفل؟

بداية، الكذب ليس سلوكًا فطريًّا أو وراثيًّا يولد به الطفل، ولكنه سلوك مكتسب، يكتسبه الطفل من بيئته، سواء عن طريق التقليد أو التعليم. فعندما يدق جرس المنزل، فيقول الأب للابن: مَن يسأل عني، قل له أبي نائم! وكأن تقول له الأم: هيا بنا لنذهب إلى الملاهي، قبل أن يفاجأ بأن أمه أخذته إلى عيادة الأسنان!

هل تصرف الأب أو الأم على هذا النحو صحيح، أم أنه يزرع في طفله بذرة الكذب منذ نعومه أظفاره؟ خاصة إذا أصبح أسلوب حياة في كثير من المواقف الحياتية اليومية التي يتعرض لها، فيكون الابن بهذا قد اكتسب سلوك الكذب من الأب، وهنا على الآباء أن يقفوا مع أنفسهم قليلًا للتفكير في هذا الأمر.

قد يلجأ الطفل إلى الكذب هربًا من العقاب، خاصة إذا كان الأب من نوعية الآباء الذين يلجؤون إلى الضرب والإهانة والإحراج أمام الأغراب، عند ارتكاب طفله خطأ ما، فما يكون من الولد، سوى اللجوء إلى الكذب هربًا من عقاب والده.

اقرأ أيضًا: مشكلة الكذب لدى الاطفال وعلاجها

القسوة في التربية

كثير من نتائج الدراسات تؤكد أن القسوة في التربية معاملة الأبناء، تدفع بهم إلى الكذب، فالخوف يدفع الطفل للكذب، ما يعني أنه كلما استمر أسلوب التربية على هذا النحو من القسوة، اعتاد الطفل على هذا السلوك المشين هربًا من بطش الأب.

وقد يكذب الطفل على سبيل المزاح أو رغبة في إضحاك الآخرين، وهذا أمر منهي عنه دينيًّا، فالصدق منجاة في كل المواقف، في الجد والهزل.

كيف العلاج إذن؟

دعونا في البداية نفرق بين الكذب بمعناه المتعارف عليه الذي يكون مع إدراك ووعي بأنه مخالفة للحقيقة، وبين الكذب الذي يمارسه طفل الرابعة أو الخامسة، وهذا يجب ألا يقلق الآباء لأن الطفل في هذه المرحلة غير قادر على التمييز بين الحقيقة والخيال، فيطلق عليه كذب تخيلي.

لجوء الوالدين إلى أسلوب الحوار مع الأبناء كفيل بأن يقتلع هذه المشكلة من جذورها، فالحوار ليس فقط طمأنة للابن، ولكنه أيضًا يبني جسورًا من الثقة والأمان، ويجعل الأب صديقًا لابنه، والأم صديقة لابنتها. شعور الابن بأن السيف مسلط على رقبته في كل مرة يرتكب فيها خطأ، من شأنه أن يدفعه إلى الكذب.

ومن ثم على الآباء طمأنة الأبناء، وألا يدفعوا بهم إلى التفكير في الكذب هربًا من العقاب القاسي الذي ينتظرهم إذا قالوا الحقيقة، وإلا فكيف إذن نعلِّم ونربي أبناءنا أن الصدق منجاة؟

يلجأ الطفل إلى الكذب أحيانًا عند شعوره بالنقص أو أنه أقل من غيره، وأنه بذلك يجذب أنظار المحيطين به، وهنا يتعين على الآباء تعزيز ثقة أطفالهم بأنفسهم، ومنحهم مساحة من الحرية والاختيار واحترام رأيهم ومناقشتهم عن طريق الحوار.

التربية بالقدوة، تعني أن يكون سلوك الوالدين قدوة ونموذجًا يُحتذى للأبناء، وبذلك وجب تحلي الوالدين بالصدق في الأقوال والأفعال خاصة أمام أعين أطفالهم، فكثيرًا ما نسمع بعض الأمهات وهي تتحدث إلى جارتها أمام أطفالها متفاخرة بأن زوجها مسؤول مرموق في مؤسسة ما، والحقيقة أنه مجرد موظف عادي كغيره من الموظفين بالشركة أو المؤسسة التي يعمل بها.

اقرأ أيضًا: الكذب عند الأطفال

التربية الإيمانية

لا ننس نحن الآباء أهمية تنمية الوازع الديني في نفوس الأبناء وتربيتهم عليه منذ الصغر، فكل الشرائع والأديان السماوية تحرِّم الكذب، وتدعو إلى تحري الصدق وقول الحقيقة، وأن نعلمهم أن الصدق منجاة، فهذا مبدأ يجب غرسه في الأطفال منذ نعومة أظفارهم.

خلاصة القول

الكذب سلوك مكتسب وليس وراثيًّا أو فطريًّا يولد به الطفل، ومن ثم وجب تهيئة البيئة المناسبة لتنشئة الطفل على الصدق في الأقوال والأفعال، والبيت هو المربي الأول للطفل، ما يعني ضرورة تمثُّل الوالدين الصدق في الأقوال والأفعال أمام الأبناء، وأن يعتمدا أسلوب الحوار والنقاش، بدلًا من أسلوب العقاب، حتى لا ندفع الطفل للكذب هربًا من العقاب الذي ينتظره إن قال الحقيقة، وألا نعطيه انطباعًا بأنه إذا قال الحقيقة، فسوف يتعرض للعقوبة. 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة