قد يكون العنوان صادمًا للبعض، إذ كيف يكون الأب سببًا في ظهور بعض المشكلات السلوكية عند طفله؟ بل كيف يكون سببًا مباشرًا في تفاقم هذه المشكلات على نحو قد يصعب معه العلاج؟!
في هذه المقالة، نسلط الضوء على بعض الأخطاء التي يقع فيها الآباء تحديدًا التي تؤدي على نحو أو أخر إلى تفاقم المشكلة لا حلها عند الأطفال.
اقرأ أيضًا: كن قدوة لأطفالك.. أهم الأسباب لتحسين سلوك الأبناء وجعلهم صالحين
الزمن كفيل بعلاجها
واحد من أكبر الأخطاء التي يقع فيها الآباء في تربية أطفالهم هو ظهور بعض المشكلات لدى أطفالهم في مرحلة الطفولة المبكرة. مثال ذلك، التبول اللاإرادي، وبدلًا من علاج المشكلة قبل أن تتفاقم، يقول لنفسه: غدًا يكبر وتنتهي وحدها.
فتكون النتيجة أن هذا الطفل، يصير شابًّا يافعًا ولا يزال يعاني من مشكلة التبول اللاإرادي، ما يضعه في كثير من الحرج أمام الزملاء والمقربين. ليس هذا فحسب، فالجروح والندوب التي تتركها في نفسه يصعب علاجها أو تجاوزها مع مرور الوقت، وقد تسبب له مشكلات نفسية كنا في غنى عنها لو أنه أحسن التعامل مع المشكلة مع بداية ظهورها.
فهذا الشاب الذي التحق بالجامعة وأصبح يسكن مع زملائه في السكن الجامعي، تخيل أيها الأب شعوره، عندما يستيقظ من النوم ويكتشف تبوله اللاإرادي، كيف يكون شعوره وقتها؟ أرجو أن تضع نفسك مكانه وتتخيل هذا المشهد ولو لثوانٍ معدودة.
اقرأ أيضًا: الطفل وأحدث طرق التربية
هكذا تتفاقم المشكلة
الوالدان إذن قد يكونان سببًا في تفاقم بعض المشكلات لدى أطفالهما، بسبب تدخلهما في الوقت الخاطئ وتجاهل المشكلة في بداية ظهورها، وقد يترتب على ذلك ضرر بالغ.
فالطفل العدواني الذي يعتدي على إخوته وأقرانه، رؤية هذا السلوك دون تدخل من الآباء، من شأنه أن يزيد السلوك العدواني لدى هذا الطفل، لدرجة أنه قد يلحق الضرر بالآخرين، وقد يصل إلى مرحلة التخريب وكسر مقتنيات المنزل.
هذا يعني ضرورة الحزم من الوالدين وعدم التساهل مع أخطاء الأبناء. فالطفل منذ نعومة أظفاره يجب أن يعرف أنه توجد قواعد وخطوط حمراء يجب عدم تجاوزها داخل البيت وخارجه، وإلا تعرض للعقاب.
وعندما أقول الحزم، أنا لا أقصد هنا القسوة على الإطلاق، فالحزم أساس من أسس التربية، أما القسوة فغير مطلوبة على الإطلاق؛ كونها تزيد الفجوة بين الوالدين والأبناء.
اقرأ أيضًا: أخطاء الآباء يدفع ثمنها الأبناء
صفات المربي الناجح
واحدة من أهم الصفات في المربي الناجح هي الحزم، هذه النوعية من الآباء وهم قلة للأسف الشديد، لا يرفع صوته على أولاده، وهنا يوصل لهم رسالة أن أخذ الحق ليس برفع الصوت.
لكن تعبيرات وجهه، ونبرة صوته، ونظرة عينيه، كفيلة أن توصل الرسالة للأبناء، بأنه من غير المقبول مواصلة هذا الأمر على هذا النحو. تخيل هذا الطفل المخرب، لو أن أبًا حازمًا في البيت، خاطبه قائلًا: ماذا تفعل؟ هل صحيح ما فعلته بحق إخوتك؟ بنبرة صوت حازمة، وتعبيرات وجه معبرة، ونظرة عين غاضبة من هذا التصرف الذي أقدم عليه الابن، هل يمكن تخيل تكرار هذا التصرف مرة أخرى من الابن؟
ونحن مقبلون على بداية عام دراسي جديد، واحدة من المشكلات التي تؤرق الأمهات أسابيع ربما، هي مشكلة استيقاظ الأطفال في الصباح الباكر من أجل الذهاب إلى المدرسة، وتكون النتيجة تأخرهم اليومي عن طابور الصباح وربما الحصة الأولى.
المشكلة هنا أن الأبناء تعوَّدوا على السهر ليلًا حتى ساعات الصباح الأولى خاصة وقت الإجازة، واستمر الوضع هكذا إلى أن بدأت الدراسة، في وقت كان يُفترض في الأقل تدريبهم على النوم مبكرًا والاستيقاظ مبكرًا قبل شهر من بدء الدراسة؛ لكي يتعودوا على الاستيقاظ المبكر والذهاب إلى المدرسة.
لو عُدنا إلى هذا الأب وهو يطلب من أبنائه الذهاب إلى السرير في تمام الساعة العاشرة مساءً، لوجدنا أن الأبناء يقولون له: لماذا الساعة العاشرة ونحن في إجازة؟ أبناء الجيران ينامون كل يوم قبل أذان الفجر؟ لماذا لا نكون مثلهم؟
فما يكون من الأب إلا أن ينصاع لكلام الأبناء، فيعتادوا النوم في ساعات الصباح الأولى دون اعتبار لصحتهم الجسدية وحاجتهم للحصول على قسط كافٍ من ساعات النوم ليلًا التي لا يعوضها ساعات النوم نهارًا، فضلًا عن إخلالهم بالنظام العام في البيت.
الخلاصة
خلاصة القول إن الرعونة الزائدة من الأب وإن شئت فلنقل التدليل الزائد، وعدم الحزم من قبل الوالدين، والأب تحديدًا، تكون سببًا مباشرًا لتفاقم بعض المشكلات السلوكية عند الأطفال منذ الصغر، وقد تستمر معهم إلى مرحلة الجامعة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.