متى يصبح الحب عبئًا؟!.. خواطر وجدانية

الحب شعور إنساني عظيم، لكنه أحيانًا يتحول إلى ساحة معركة بين السلوك السوي والتعلق المرضي. كلنا نحلم بالحب الحقيقي، ذلك الذي يشبه دفء الشمس وسكينة البحر.

لكن هل توقفنا لحظة لنسأل أنفسنا: هل نعرف كيف نحب؟ وهل مشاعرنا تجاه الشريك هي حب صادق، أم أنها قناع لأنانية أو خوف أو رغبة في السيطرة؟

الشخصية السوية في الحب تسعى دائمًا لبناء علاقة متوازنة قائمة على التفاهم والاحترام المتبادل. الحب الحقيقي لا يعني تملك الآخر أو تشكيله وفق رغباتنا، بل يعني شراكة تمنح الطرفين فرصة للنمو معًا.

أن تحب شخصًا يعني أن تدعمه ليصبح أفضل نسخة من نفسه، لا أن تفرض عليه أن يكون النسخة التي تناسبك أنت. الحب السوي لا يخاف الحرية، بل يزدهر بها؛ لأنه مبني على الثقة والاحترام المتبادل.

في المقابل، قد تتحول بعض العلاقات إلى ساحة صراع تظهر رغبات السيطرة أو الحاجة المرضية للشعور بالقوة. عندما يتحول الحب إلى هوس بالجوانب الجسدية فقط، أو عندما يُصر أحد الطرفين على تشكيل الآخر دون احترام لرغباته، فإن هذه العلاقة لا تعدو كونها محاولة للسيطرة، لا شراكة حقيقية.

الحب الذي يعزلك عن أصدقائك وعائلتك بحجة الخوف عليك، أو الذي يجعلك تضحي بذاتك وطموحاتك لتكون حياتك كلها مكرسة للشريك، ليس حبًّا، بل أنانية صريحة.

أما إذا وجدت نفسك تخشى باستمرار ردود أفعال الشريك، وتبرر كل تصرفاتك لتجنب المشكلات، فأنت في علاقة غير آمنة تستنزف طاقتك.

الحب الحقيقي ليس معركة إثبات، ولا سباقًا للسيطرة. هو مساحة للطمأنينة، للحرية، وللنمو. إذا كنت تجد نفسك في علاقة تستهلك روحك وتسلب منك شعورك بالراحة، فتوقف واسأل نفسك بصدق: هل هذا حب؟ أم مجرد تعلق مرضي بشخص غير قادر على تقديم الحب؟

ليس الرجال وحدهم من يمارسون الحب غير السوي، فالنساء أيضًا قد يقعن في فخ الأنانية والتملك. لكن إذا وجدت شريكًا يحترمك، يدعمك، ويُشعرك بالأمان، فتشبث به. أما إذا كنت تحاول انتزاع الحب من شخص لا يبادلك إياه، فتوقف، لأنك بذلك تستنزف نفسك بلا جدوى.

الحب السوي يبدأ من حبك لنفسك. إذا لم تكن قادرًا على أن تمنح نفسك السلام والاحترام، فلن تستطيع تقديمهما لشريكك. قبل أن تسعى للحب، تعلَّم أن تكون إنسانًا سويًّا؛ لأن العلاقات ليست ميدانًا لعلاج مشكلاتك النفسية. الحب الحقيقي هو حرية وشراكة ونمو، فإذا لم يكن كذلك، فهو ليس حبًّا.