في السنوات الأخيرة تزايدت شكاوى الأمهات من مشكلة عدم الانتباه أو التركيز لدى أطفالهن، لاسيما في الدراسة، ما يؤثر في تحصيلهم المدرسي تأثيرًا سلبيًّا، يتجلى في حصولهم على درجات منخفضة.
في هذه المقالة نسلط الضوء على اضطراب نقص الانتباه، كونه أحد الاضطرابات الشائعة بين الأطفال في العقدين الأخيرين، وأعراضه من واقع الدليل التشخيصي الخامس.
قد يهمك أيضًا هل طفلك مصاب باضطراب العناد والتحدي؟
مفهوم الاضطراب
سبق وأن عرّفنا في مقالة سابقة الاضطراب على أنه خلل في وظيفة العضو، ويتضح من مفهومه أنه أقل حدةً من الإعاقة.
من بين هذه الاضطرابات الشائعة في العقدين الأخيرين، اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، وليس بالضرورة أن يكونا معًا، بمعنى أن الطفل المصاب بنقص الانتباه، ليس بالضرورة يعاني اضطرابَ فرط الحركة.
قد يهمك أيضًا قراءة في الازدياد المقلق لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
الدليل الإحصائي الخامس.. الأعراض
يحدد الدليل التشخيصي الخامس للاضطرابات العقلية -الصادر عن جمعية الطب النفسي الأمريكية- أعراضًا لنقص الانتباه لدى الأطفال المصابين بهذا الاضطراب حال استمرت 6 أشهر -في الأقل- بما يؤثر سلبًا في النشاطات الاجتماعية والمهنية أو الأكاديمية، وهي:
- الفشل في الانتباه الدقيق للتفاصيل، أو ارتكاب أخطاء دون مبالاة في أثناء كتابة الواجبات المدرسية، أو في العمل أو النشاطات الأخرى.
- يعاني صعوبة المحافظة على الانتباه في أداء العمل أو ممارسة الأنشطة، كأن يواجه صعوبة التركيز خلال المحاضرات أو المحادثات أو القراءة المطولة.
- دائمًا ما يبدو غير مُصغٍ أو منصتٍ لما يقال عند توجيه الحديث إليه مباشرةً، كما نقول باللغة الدارجة: «عقله في وادٍ آخر».
- يرفض تنفيذ الأوامر والتعليمات ويخفق في الانتهاء من الواجبات المدرسية أو الأعمال الاعتيادية اليومية، فهو يبدأ المهمة، ولكنه يخفق في التركيز مدة طويلة.
- يواجه صعوبة في تنظيم المهام والأنشطة، على سبيل المثال: يفشل في الحفاظ على متعلقاته الشخصية، فوضوي، غير منظم، يفتقد حسن إدارة الوقت، لا يلتزم بالمواعيد المحددة.
- دائمًا ما يتردد في الانخراط في مهام تتطلب منه جهدًا عقليًّا متواصلًا، كالعمل المدرسي أو أداء الواجبات المنزلية.
- يضيع أغراضه دائمًا، مثل الأقلام والكتب والأدوات والمفاتيح والأوراق والنظارات والهواتف النقالة.
- من السهل تشتيت انتباهه بمثير خارجي.
- يعاني النسيان في الأنشطة اليومية، مثل الأعمال الاعتيادية، إنجاز المهام، والمحافظة على المواعيد.
قد يهمك أيضًا أسباب الرهاب الاجتماعي وعلاجه.. من التشخيص إلى التعافي
متى نقول إن الطفل يعاني نقص الانتباه؟
إذا ظهرت عليه 6 علامات من الـ9 السابقة، واستمرت مدة تصل لـ6 أشهر -في الأقل- استمرارًا يؤثر سلبًا في نشاطاته اليومية.
مشكلة كثير من الآباء وبسبب نقص المعلومات الكافية لديهم عن طبيعة هذا الاضطراب، فإن كثيرًا ما يتم الخلط بين نقص الانتباه، وغيره من الاضطرابات الأخرى.
فنجدهم مثلًا يصفون الأطفال المصابين بهذا الاضطراب، بالعدوانية والمشاكسة وفرط الحركة أو أنهم يعانون مشكلات تتعلق بصعوبات التعلم أو التأخر الدراسي، ومشكلات التحصيل المدرسي.
قد يهمك أيضًا تقنية "EMDR" لعلاج الصدمات و نوبات الهلع وغيرها من الأمراض النفسية
أهمية الانتباه
والانتباه عملية عقلية لها دور كبير في النمو المعرفي، يستطيع بها انتقاء المثيرات التي يتعرض لها التي تساعده على اكتساب المهارات وتكوين العادات السلوكية الصحيحة.
والأنشطة والتدريبات في هذا المجال كثيرة، مثل تدريب الطفل على السير بكوب الماء، إذ نطلب من الطفل حمل كوب به ماء ويسير به لمسافة معينة ذهابًا إيابًا، ويستمر ذلك التدريب عدة مرات يوميًّا -10 مرات- إلى أن يصل الطفل إلى السير حاملًا كوب الماء دون وقوع نقطة واحدة منه.
وهناك تدريب الوقوف على قدم واحدة، حيث يطلب المدرب من الطفل الوقوف على قدم واحدة دون الاستناد على أي شيء، ويبدأ بالعد (1،2،3....إلخ)، وهكذا في أنشطة أخرى متعددة من شأنها تقوية الانتباه لدى الطفل.
والانتباه له أنواع، فقد يكون انتباهًا بصريًّا، وقد يكون انتباهًا سمعيًّا، حسب الحاسة التي تستقبل المثير.
وقد يحدث الانتباه من مثير واحد، وقد تشترك فيه أكثر من حاسة في عملية الانتباه لمثير معين، مثل مشاهدة مباراة كرة قدم، فيكون الشخص منتبهًا لحركة الكرة وتنقلات اللاعبين داخل المستطيل الأخضر، وكذلك يكون منتبهًا لصوت المعلق الذي يعلق على المباراة.
في المقالة القادمة من هذه السلسلة، سوف نلقي الضوء حول معدل انتشار اضطراب نقص الانتباه بين الأطفال، والأسباب المؤدية إليه.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.