إذا كنت مهتمًا بالطب النفسي أو تدرس علم النفس في مجال تخصصك، فربما صادفت مصطلح متلازمة ستوكهولم، فما هذه المتلازمة؟
لقد اتضّح لنا أنها بالتأكيد تشخيص معقّد محاط بضباب جدال العلماء.
اقرأ أيضاً متلازمة ستوكهولم.. لماذا تبدي الرهينة تعاطفاً مع خاطفيها؟
متلازمة ستوكهولم
تُعرف متلازمة ستوكهولم على أنّها ميل الرهينة النفسي وتعاطفها مع خاطفها، وتظهر متلازمة ستوكهولم عندما يبدي الشخص المحتجز عنوةً مشاعر إيجابية تجاه الشخص أو مجموعة الأشخاص الحاجزين له، فرغم أن متلازمة ستوكهولم ظاهرة نفسية فإنها لا تعد علّة نفسية...
إذن، لم عددناها متلازمة؟
لنتعرف أولًا إلى معنى المتلازمة، هي ظاهرة تحدد بمجموعة من الأعراض التي غالبًا ما تظهر في وقت واحد، حتى يشخص المرء بمتلازمة كمتلازمة ستوكهولم، يجب أن تظهر عليه معظم الأعراض المصاحبة لهذه المتلازمة وليس بالضرورة كلها.
ومثلما تعرّفنا مسبقًا فمتلازمة ستوكهولم تظهر نتيجة احتجاز شخص أو خطفه عنوةً دون إرادته، لكن هل كل شخص يُحجز أو يُخطف سيعاني متلازمة ستوكهولم؟
اقرأ أيضاً مفهوم متلازمة المنحبس وأهم أعراضها
متى يصاب الشخص بمتلازمة ستوكهولم؟
قال البعض إن مدة الخطف أو الاحتجاز هي التي تحدد إذا كان الشخص سيعاني هذه المتلازمة أم لا، لكن أظهرت البحوث أن مدة عملية الخطف أو الاحتجاز ليست هي العامل المحدد، بل هي ظروف الاحتجاز ودرجة شدتها.
إضافة إلى ذلك بينت البحوث أن احتمال ظهور متلازمة ستوكهولم أعلى في الحالات التي لا يؤذي المحتجز فيها الرهينة جسديًا، وبدلًا عن ذلك يتبع المحتجز أساليب التهديد بالعنف التي من الممكن أن تشمل الرهينة نفسها أو عائلتها أو رهائن أخرى.
ويعود السبب في ذلك إلى أن تهديد الرهينة باستمرار يشعل مشاعر الخوف داخلها ما يجعلها تظهر نوعًا من الطواعية لمن احتجزها؛ لأنها ترى عدم ممارسة المحتجِز العنف سلوكًا لطيفًا منه مع أنّه قادر على ممارسة العنف تجاهها، لكنَه لا يريد ذلك، فنتيجة هذا التوتر تظهر الرهينة مشاعر الاستعطاف مع راهنها، وهذه هي مظاهر متلازمة ستوكهولم.
اقرأ أيضاً ما مرض متلازمة راي؟ وما أعراضه وطرق علاجه؟
رأي العلم والطب النفسي في متلازمة ستوكهولم
أظهرت لنا عدة حالات من متلازمة ستوكهولم أنها شكل من أشكال التلاعب العاطفي أو الاستغلال، كأن يقنع الخاطف الرهينة أن العالم الخارجي هو أخطر من البقاء معه أو يقنعه بأنه ضحية مثله ما يجعل الرهينة تسلّم بأن لا مهرب، وهذا ما يجعل معظم الرهائن تتمسك بخاطفها فلا تحاول الهروب منه.
لكن من جانب العلم والطب النفسي يؤمن أطباء وعلماء النفس أن جوهر متلازمة ستوكهولم غريزة الإنسان في النجاة.
فمن الطبيعي أن تتصرف الرهينة محاولةً أن تغيّر من تصرفات خاطفها، كأن تجعله يتعاطف معها كي لا يؤذيها أو يقتلها، وبذلك تستطيع في النهاية أن تنجو، لكن يوجد ما يستحق الذكر، وهو أن الشخص الذي يعاني من متلازمة ستوكهولم لا يتّخذ قراراته بوعي؛ أي إنّه يختار التعاطف مع خاطفه دون وعيه، وتستمر هذه المشاعر الإيجابية حتى بعد إطلاق سراحه.
هل متلازمة ستوكهولم علة نفسية أم لا؟
ورغم أن متلازمة ستوكهولم شغلت التفكير العام، إلا أن العلماء في جدال متعلق بتصنيفها علّة نفسية أم لا؟ حتى إن الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية الذي يعد مرجعًا مقدّسًا للاضطرابات النفسية لم يتضمن متلازمة ستوكهولم، لكن لماذا؟
-
لأن أعراض متلازمة ستوكهولم مشابهة لأعراض الارتباط الناتج عن الصدمة، أو اضطراب ما بعد الصدمة اللذين أدرجا في الدليل التشخيصي.
-
لأن متلازمة ستوكهولم نادرًا ما تحدث، ما يجعل عملية دراستها صعبة جدًا، ولأن كل حالة مختلفة ومميزة عن الأخرى.
في النهاية متلازمة ستوكهولم ليست اضطرابًا نفسيًا ولا علّة نفسية، وأعراضها ليست بسبب خلقي أو نفسي، لكن تداعيات أعراضها تشبه أعراض متلازمة اضطراب ما بعد الصدمة، أمّا بداية هذه المتلازمة فهي تتبع نهجًا ظرفيًا وليس نهجًا مرضيًا.
سبتمبر 9, 2023, 10:06 ص
رائع يا منة ...ارحو ان تقراي مقالاتي و تعطيني رايك فيها اذا احببت ذلك 💟
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.