قد تكون مررت من قبل ببعض الأخبار عن حالات اختطاف تبدي فيها الرهينة تعاطفًا مريبًا مع مختطفيها، أو ربما سمعت عن حادثة مشهورة مثل حادثة اختطاف باتريشيا هيريست ابنة أحد رموز الإعلام الأثرياء في كالفورنيا، التي غسل دماغها المسلحون الثوريون الذين اختطفوها، فشاركتهم في عملية سطو مسلح على مصرف، ما أودى بها إلى السجن في النهاية[1]!
اقرأ أيضاً متلازمة أليس في بلاد العجائب وأعراضها الغريبة
متلازمة ستوكهولم
هذه الحالة الغريبة اسمها متلازمة ستوكهولم، ظهرت هذه التسمية إثر عملية سطو فاشلة على بنك ستوكهولم في عام 1973، حين احتُجز أربعة موظفين رهينة في البنك مدة ستة أيام، إذ تحولت العلاقة بين الرهائن والخاطفين إلى ثقة عجيبة ومتناقضة تمامًا.
ما الذي يجعل الأسير يرى خاطفه ملاكًا؟
أحد تفسيرات علماء النفس لتلك الظاهرة أن نشوء تلك الرابطة يحدث حين يهدد الخاطف حياة الأسير ثم يقرر عدم قتله، فيتحول شعور الرهينة بالارتياح عند إزالة هذا التهديد إلى امتنان للخاطف لأنه منحه الحياة مجددًا...
إذن، غريزة البقاء لدى الأسير هنا تؤدي دور البطولة في متلازمة ستوكهولم، فشعور الرغبة في الحياة يتفوق على أي كراهية للشخص المسؤول عن التهديد، في هذه الحالة أفعال اللطف الصغيرة النادرة تُفسَّر على أنها معاملة جيدة، هذه التبعية القسرية تولِّد لدى الضحية ارتباطًا بمشاعر الخاطف مباشرة والتعاطف مع معتقداته وسلوكه، إضافة إلى مشاركته في الحقد على السلطات التي تهدد هذه العلاقة المضطربة[2].
يعد عدة أطباء مشاعر الضحية الإيجابية تجاه المعتدي هي آلية تأقلم نفسية في محاولة للبقاء حيًّا وقتًا طويلًا من الصدمة والتعرض للإساءة.
اقرأ أيضاً مفهوم متلازمة المنحبس وأهم أعراضها
كيف يمكن تشخيص متلازمة ستوكهولم؟
في الواقع لا تعد متلازمة ستوكهولم حالة عقلية في الدليل التشخيصي للجمعية الأمريكية للطب النفسي، ونظرًا لذلك قد لا يتعرف مقدمو الرعاية الصحية إلى هذه الحالة.
لكن يمكن التعرف إليها إلى حد كبير في السلوكيات الناتجة عن المواقف المؤلمة، فهي تشبه اضطراب ما بعد الصدمة واضطراب الإجهاد الحاد[3].
ما علاقة متلازمة ستوكهولم بالبغايا وضحايا العنف الأسري؟
بحلول القرن الحادي والعشرين وسع علماء النفس مفهوم نظرية ستوكهولم لتشمل مجموعات أخرى تتعرض للعنف أو الاستغلال بما في ذلك البغايا أو العاملات بالجنس، فمعظم النساء من هذه الفئة اتضح أنهن قد تعرضن للخطف والاعتداء العاطفي والانتهاك الجسدي والجنسي والعزلة عن عائلاتهن وعن المجتمع.
ورغم تعرضهن لانتهاكات جسدية وجنسية وعقلية شديدة موثقة في الأدبيات الطبية والصحية العامة فإن السلطات حين أنقذتهن رفضوا الإدلاء بشهادتهن في المحكمة ضد المتاجرين بهم.
وقد وُجدت معايير متلازمة ستوكهولم الأساسية الأربعة متوافرة في حالة هؤلاء، وهي:
-
تهديد البقاء حيًّا.
-
إظهار اللطف من الآسر.
-
العزلة عن وجهات النظر الأخرى.
-
عدم القدرة على الهروب.
وفي تلك الحالة يؤدي وجود أمل لدى بعضهن في تكوين أسرة مع العميل دورًا واضحًا. [4]
إذن، لا يقتصر مفهوم متلازمة ستوكهولم على ضحايا الاختطاف والاتجار بالبشر فحسب؛ بل يشمل الأطفال الذين تعرضوا للعنف المنزلي كذلك، وكل من هو في مثل موقفهم النفسي.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.