لا شك أن الأمية خطر يداهم الشعوب والأمم ويهدد كيان الدول عبر العصور والأزمنة، وفي خلال السطور التالية سوف نتعرف على نوع جديد من أنواع الأمية، ألا وهو أمية المثقفين.
اقرأ أيضاً أهمية محو الأمية حول العالم من وجهة نظر علماء الأنثروبولوجيا
︎أمية المثقفين
من المعروف أن الأمية تعني في اللغة العربية الجهل بالقراءة والكتابة، إذ توجد فئة كثيرة من الناس في أغلب بلدان العالم لا تستطيع القراءة والكتابة، ولكن تعريف الأمية هنا له منظور آخر ألا وهو: «أمية من يعرف القراءة والكتابة».. وهذا النوع من الأمية له صور متعددة وكثيرة.
اقرأ أيضاً كيف ظهر الجهل للملأ في عزّ أزمة كورونا
أنواع أمية المثقفين
منها على سبيل المثال :
︎أمية الشخص المتعلم
وهي عدم اهتمامه بالقراءة والاطلاع نهائيًّا، فقد كان آخر عهده بالقراءة عندما كان طالبًا في المدرسة أو الكلية، وقد انقطعت الصلة بينهما منذ ذلك الحين، وأصبحت العلاقة بينه وبين القراءة علاقة عداء مستمر، فهو لا يهتم بالقراءة ولا يعرف عنها شيئًا طوال حياته وكأنه طلقها طلاقا لا رجعة فيه، فهو مسكين تجوز له الصدقة، ولكن الصدقة هنا هي أن يعطى كتابًا ويقال له اقرأ وتعلم واعلم، فالقراءة نبراس الأمم وواحة العلوم وقلعة العلماء.
︎أمية الكتاب والأدباء
إن هذه الفئة من الناس هي التي تصنع الفكر وتنير العقول وتساعد في نهوض الأمم، ولكن عندما تكون هذه الفئة تحتاج لمن ينير لها عقلها ويأخذ بأيديها فقد مات الفكر والإبداع وحل بدلًا منه الجهل والظلام.
وخلاصة الكلام هنا أنه توجد فئة من الكتاب والأدباء تكتب خارج السرب، تكتب في الاتجاه الواحد والفكر الأوحد، تكتب في مواضيع لا جدوى من ورائها إلا هدم الشعوب والأمم، فمنهم على سبيل المثال من يبدع في الكتابة عن الجنس والروايات والقصص الجنسية التي تثير الغرائز وتحول الإنسان من مخلوق بشري إلى كائن شهواني أصم يعبد الجنس ويقدسه.
وهذا الكاتب دون أن يدري افتعل حربًا ضروسًا دمر بها شباب وشابات هذه الأمة، وجعلهم ألعوبة في يد الشيطان يصنع بهم ما يشاء، فنرى في المجتمع من تدمير للأخلاق ومن ضياع للقيم والمبادئ، وتكمن الخطورة هنا من وراء هذه الكتابات والروايات التي يكتبها هؤلاء الكتاب عندما تتحول الرواية من رواية مقروءة إلى رواية مرئية على شاشات السينما أو شاشات التلفاز، فيراها الشاب والشيخ، والصغير والكبير، فينفلت عقد الأخلاق وتفسد الأجيال وتضيع الأمم وتغرق في بحر الظلمات.
أمية الكتاب مزيفي التاريخ
︎ونرى هنا أمية من نوع آخر ألا وهي «أمية الكتَّاب مزيفي التاريخ»، فهم الكتاب الذين يزيفون التاريخ ويكتبون ما يحلو لهم وحسب هواهم ومعتقداتهم المريضة، فيشوهون تاريخ الأمم والشعوب من أجل إرضاء غرورهم أو من أجل المال أو من أجل عدائهم الشخصي، فهذا النوع من الكتاب يفتقد الشفافية والحيادية والأمانة العلمية فيما يكتب ويطرحه من مواضيع للعامة والخاصة على حد سواء.
قد يطول بنا الكلام عن تعريف الأمية في صورتها الجديدة وهي أمية المثقفين، ولكن في النهاية نرى أن الأمية اتسع مفهومها عن المفهوم التقليدي السائد عبر العصور، وهو الجهل بالقراءة والكتابة، ولكن أصبحت الأمية الآن أشمل وأعم من ذي قبل، فقد شمل مفهومها أيضًا أمية من يعرف القراءة والكتابة وهي... «أمية المثقفين».
سبتمبر 24, 2023, 5:00 م
موضوع جيد
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.