الروحانية كل ما يناقش الباطن والروح.. الحياة الداخلية للنفس البشرية، لكننا هنا نشمل تحت هذا الغطاء كل القصص والروايات الدينية والفلسفية أيضًا.
حكايات تناقش التخبطات الذاتية وتستغل الروح لا المادة في علاج مشكلات مجتمعية متنوعة.
قد يهمك أيضًا تعرف إلى الكتابة الفنية المختلفة
ما الفئة الروحانية؟
الروحانية كل ما يناقش الباطن والروح، الحياة الداخلية للنفس البشرية، لكننا هنا في فريق النقد نشمل تحت هذا الغطاء كل القصص والروايات الدينية والفلسفية أيضًا، حكايات تناقش التخبطات الذاتية وتستغل الروح لا المادة في علاج مشكلات مجتمعية متنوعة.
ما أهم المميزات التي تبرز بهذا النوع؟
· من أهم المكونات في القصص الروحانية الجانب النفسي، يجب أن يوجد تعمق في هذا الجانب من عوامل نفسية تظهر في القصة بكل جوانبها والمشاعر المتدفقة الناتجة عن هذه النفسية والأخلاقيات التي تترتب عليها لذلك، من الضروري جدًّا التركيز على العامل النفسي في هذه الروايات.
· لا مجال للشك بأهمية الفلسفة والترميز في هذا الصنف تحديدًا، استعمال المجاز للتعبير عن أمور مختلفة أو استعمال الرموز عوضًا عن المباشرة في طرح الموضوع كما هو (مثلًا قصة عن الشمعة التي تنطفئ من أجل حبها للظلام، قد تكون مقالًا عن التضحية بالذات) لذلك ارتبط فن استخدام الرموز بالفئة الروحانية بكثير من الأحيان؛ لأن الرمزية هي مفتاح للحضارة ومرآة سرية للواقع الداخلي.
· تعزيز الإنسانية، تعمل القصص الروحانية على تحقيق مبدأ الإنسانية وتحفيز القيم التربوية التي تأخذ من فكرة الإنسان، كالتسامح والتآخي والمحبة والأمان.
· رحلة من الشك إلى اليقين، غالبًا ما تكون القصص الروحانية جسرًا يعبر بالقارئ من ضفة الشك والخوف والتردد إلى ضفة المعقول المنطقي والإيمان الراسخ، تمجد حرية الذات والزهد بالحياة مع تأمل عميق لكل ما حولك. (مثل شخص قرر السفر إلى الهند ليجد ذاته الحقيقية).
· تعمل القصص الروحانية على فهم التخبطات والاختلافات في النفس، التناقض الموجود بين كل مرغوب وممنوع، بين كل منشود وكل موجود.. تمجد هذه الفئة عمل العقل وإنارة القلب بعيدًا عن هذه الصراعات الداخلية.
· تناقش الفئة الروحانية نزعة الشر والخير فينا والدوامة القائمة بين الغرائز وصدى النزاعات كما يصورها فرويد، وبين القيم الروحية الشعورية.
قد يهمك أيضًا الكتابة وتحدياتها في المرحلة الإلكترونية.. معلومات لا تفوتك
عناصر قصصية بارزة في هذه الفئة
الشخصيات
يكون التركيز في هذه الفئة على بناء قالب واقعي للشخصية كصورة من شريحة الحياة، بالأخص بناء الجانب النفسي والأخلاقي لهذه الشخصية لتنعكس بدورها الأساسي في الحكاية.
هل هي شخصية سليمة عقليًّا؟ أم لا؟ ما الدلالات على ذلك؟ كيف أصف هذه الشخصية أخلاقيًّا؟ هل هي شخصية جيدة أم سيئة؟ مشاعرها متخبطة أم مستقرة؟ سعيدة عمومًا أم حزينة؟... إلخ.
طبعًا باقي جوانب الشخصية مهمة أيضًا، وقد تتفاوت أهميتها حسب حبكة وفكرة الرواية بحد ذاتها، فقد تجد مثلًا أن المكانة الاجتماعية في قصة معينة هي الدافع الأساسي للاتجاه في تيار روحاني جديد.
مثل رواية «الراهب الذي باع سيارته الفيراري»، الشخص الذي اختار أن يخوض رحلة للبحث عن الذات بعد أن ترك وراء ظهره كل الثراء الذي كان يعيش به.
وقد يكون الدافع في قصص أخرى هو الجانب التكويني الشكلي، فيكون الجمال الخارق لبطلة القصة أو القبح الشديد هو الدافع الذي كوَّن تيارًا روحانيًّا وبعدًا نفسيًّا للقصة، وهذا لا ينفي أن الجانب النفسي هو الأهم بكل حال.
قد يهمك أيضًا الكتابة .. تنسيق رسومي ذو طابع لغوي
الصراع
تؤدي الصراعات دورًا أساسيًّا في حركة الروحانية لأنها المحرك الأساسي للقصة، خصوصًا إذا ما كان صراعًا داخليًّا في النفس (مثلًا شخص يقع بين أنياب الذنب أو التوبة النصوح).
وقد تؤدي الصراعات الخارجية أحيانًا دورها بانعكاس تأثير المجتمع أيضًا على النفس (مثلًا صراع فتاة مع أفراد عائلتها لفرض رغبتها بخلع الحجاب).. لكن التركيز على الصراع الداخلي أهم غالبًا.
الحوار
الحوار أساسي في تكوين صورة واضحة عن ماهية الصراع، كما نعلم فإن الحوار ينشطر إلى حوار خارجي وداخلي، ذكرنا سابقًا مثالًا عن صراع خارجي يتمثل بفتاة تريد خلع الحجاب.
في قصة كهذه سيكون من الضروري عكس الحوارات الخارجية لمعرفة مزيد عن هذا الصراع وعن الشخصيات المشاركة، لذلك تعتمد أهمية الحوار على فكرة القصة لكن يبقى الحوار الداخلي (المونولوج) مهمًّا وأساسيًّا بكل حال.
فقد تستطيع الاستغناء أو الاكتفاء بقليل من الحوارات الخارجية في قصة روحانية، لكن الحوار الداخلي لا يمكن الاستغناء عنه غالبًا لأنه الذي يكشف عن دواخل الشخصية وعن لب المعضلة الروحانية.
من المهم معرفة أن الحوار لا يعتمد فقط على مزاج الشخصية، بل يعتمد كذلك على عوامل مختلفة تتعلق بالحدث والظروف والشخصية التي يتحدث معها (التحدث مع عدو ليس كالتحدث مع صديق)، ويعتمد كذلك على الجنس والبيئة.
على الكاتب أن يختار بعناية الشخص الذي ستعبر شخصيته عن أفكارها أمامه، فقد يعبر الشخص لذاته في مذكرات أو لحيوان أليف، لكنه قد يقرر التعبير لرجل دين أو صديق أو حبيب أو طبيب نفسي.
ليصل الكاتب إلى لحظة انفجار العواطف على طريقة الحوار، ويجب أن يوجد تمهيد مسبق في الأحداث عن ماهية الضغوطات أو المشاعر أو الظروف التي تعيشها الشخصية.
تحقق من أن الكاتب لا يبالغ في حواراته بجعلها بعيدة عن الواقعية تمامًا، وعدم استخدامه تعابير شائعة خصوصًا تلك التي تشعرك بأنها ترجمة حرفية خالية من العواطف، وتميل الحوارات في هذه الفئة بأن تكون تعبيرًا عاطفيًّا ذاتيًّا وهذا مهم، وقد تحمل عبرًا عميقة وقيمة.
قد يهمك أيضًا ما مفهوم الكتابة؟ وما أهميتها؟
الراوي
من المفضل في هذه الروايات أن يكون الراوي هو أنا الراوي (مثلا: كنتُ تائهًا في ذلك الوقت.. لا أدري ماذا أفعل...) لأنه يعبر عن ذاته ويعرفها خير معرفة.
لكن يجوز بالطبع استخدام راوٍ عليم بكل شيء ﻻ سيما لو كانت الرواية تناقش شخصيات عدة مختلفة مع حبكة مركبة ومعقدة وصراعات متداخلة، (مثل: كان الأول تائهًا في هذه الحياة، أما الثاني فيحاول أن يتماسك قدر المستطاع لأنه ابن وحيدٌ ...).
الزمكان
قد يظن البعض أن وجود الزمكان بعينه أمر ضروري جدًّا، وهذا يرتبط حقيقةً بفكرة القصة بعينها، لكن بكثير من القصص الروحانية يلجأ الكاتب لتمويه الزمكان وصهره متعمدًا (أي التعميم في الزمان والمكان في معظم الحالات).
وهذا لسبب بسيط واضح، وهو إرسال مغزى بعيد المدى، هو أن التجربة الروحانية لا تقتصر على فئة معينة أو زمان معين أو مكان معين، بل هي تجربة قابلة للوجود في كل العصور والأماكن.
وقد يعد بعض النقاد هذا الشيء عيبًا بحد ذاته لكن كثيرًا من النقاد يتفقون من جانب آخر مع فكرة التعميم هذه.
في قصص روحانية معينة قد يكون التحديد ضروريًّا للحبكة، مثلًا قصة شخص عربي يحاول الاندماج في مجتمع أجنبي جديد والبحث عن الأمان النفسي والاستقرار الذاتي في هذا المجتمع مع كل التغييرات الحديثة.
في قصة كهذه لا بد من تحديد الزمكان والتركيز عليه بطريقة مضاعفة، أو في قصة تناقش ظاهرة روحانية معينة كانت ترتبط بشعب من الشعوب قديمًا، مثل شعائر طرد الأرواح التي كان يلجأ لها الآسيويون ويؤمنون بها، وتأثير هذه العادات في الحياة والمجتمع في ذلك الزمان.
هنا لا بد أن يكون وصف الزمكان مفصلًا ليخدم الحبكة، لذلك نقول إن أهمية بروز الزمكان تكمن في فكرة القصة.
قد يهمك أيضًا فن الكتابة وأهميته في تطوير المهارات اللغوية
كيفية ارتباط الروحانية مع المغزى والفكرة
غالبًا ما تكون الفكرة أو المغزى من الرواية الروحانية هادفة، إذ يريد الكاتب إيصال شيء جوهري وأساسي، يجادل مبدأ معينًا أو عقيدة راسخة أو معتقدًا رئيسًا لديه.
قد ترتبط الأفكار مع الدين أو المذاهب العلمية أو الفلسفية أو النفسية المختلفة، وقد ترتبط حتى وتتقاطع مع الفئة الاجتماعية في كثير من الأحيان، أو مع السياسة في أحيان أخرى وبطريقة غير مباشرة أصلًا.
من المهم جدًّا أن تجد المغزى الأساسي من القصة المعطاة، ثم تبحث عن أفكار وفوائد جانبية أخرى قد لا يلحظها القارئ العادي من المرة الأولى؛ لأن الرواية الروحانية تمتلئ بالعبر والمعاني الإيجابية التي تميزها عن باقي الفئات الروائية.
كيف أحلل الفئة وأنقدها؟
· اربط العناصر القصصية بالفئة وأعط تركيزًا أكبر على العناصر البارزة (الصراع الداخلي/ الحوار الداخلي/ الشخصيات بجانبها النفسي والأخلاقي/ والراوي بضمير الأنا).
· اهتم بالتركيز على مميزات هذه الفئة (هل تظهر التخبطات؟ أين وكيف؟ صراع الخير والشر؟ رحلة من الشك لليقين؟ تعزيز قيم تربوية؟ أي قيم؟ وكيف؟ ظهور الجانب النفسي؟ أين وكيف؟ وجود الرمزية؟...إلخ).
· من المهم جدًّا أن تتراشق الأسئلة دومًا عن كل شيء خاصة في القصص الفلسفية، فتحتاج إلى التحليل والاستنباط من الجمل الفلسفية جدًّا.
اسأل نفسك عن كل شيء، العناصر القصصية والمميزات وكل ما تجيب عنه بنعم أكمل تحليله بطريقة أوسع وأكثر تفصيلًا.
· غالبًا ما تميل اللغة في النصوص الروحانية إلى أن تكون أصعب من المعتاد مع طابعٍ فلسفي قليلًا، لذلك قد تجد بعض الجمل التي توظف الأساليب البلاغية كالتشبيه أو الاستعارة وما إلى ذلك، وهذا يرجع كما قلنا سابقًا إلى ما يميز بعض القصص الروحانية من تركيز على مبدأ الرمزية.
وهنا من المهم أن تحلل معنى الجملة وتفهمها جيدًا من الناحية اللغوية قبل أن تباشر بنقدها (فقد تفهم الحدث بطريقة مختلفة تمامًا عن حقيقته بسبب اللغة مثلًا).
· استخرج المغزى الرئيس ثم الأفكار والعبر الإيجابية الجانبية أيضًا، واربطها مع الفئة وأهميتها.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.