أضافت دراسة جديدة من قسم التغذية والرياضة في جامعة كوبنهاغن فهمًا أكبر لحياة الأمعاء والبكتيريا المعوية، إذ أظهرت هذه الدراسة -من بين أمور أخرى- أن التغيرات في بيئة الأمعاء تؤثر على تكوين البكتيريا المعوية ونشاطها. وقد يساعد ذلك في النهاية في تفسير لماذا يختلف تكوين البكتيريا المعوية من شخص لآخر، ولماذا نستجيب على نحو مختلف للطعام نفسه.
قد يهمك أيضًا انتبه: 5 مؤشرات تحذرك من تفاقم صحة أمعائك والإصابة بأمراض أخطر
رحلة اكتشاف عبر الأمعاء
في عام 2021، ابتلع 50 مشاركًا كبسولات بحجم عقلة إصبع الإبهام في أثناء تناولهم للإفطار. ثم بدأت الكبسولات في المرور عبر المعدة والأمعاء الدقيقة والأمعاء الغليظة، إذ جمعت معلومات حول قيمة الرقم الهيدروجيني (pH) ودرجة الحرارة والضغط.
وبعد 12 إلى 72 ساعة، خرجت الكبسولات مع البراز، ولاحظ الباحثون أن بيئة الأمعاء ومدة مرور الكبسولة عبر الأمعاء تختلف من شخص لآخر.
على سبيل المثال، يمكن أن تستغرق الكبسولة ساعتين للمرور عبر الأمعاء الدقيقة لدى بعض الأشخاص، في حين قد تحتاج إلى 10 ساعات لدى آخرين. نظرًا لأننا نعلم أن معظم العناصر الغذائية التي نمتصها يتم امتصاصها في الأمعاء الدقيقة؛ فإن الاختلافات في وقت العبور في الأمعاء الدقيقة قد تؤثر على كمية العناصر الغذائية التي نمتصها، وعلى كمية العناصر الغذائية التي يتم نقلها إلى الأمعاء الغليظة، وهي المكان الذي تؤدي فيه البكتيريا المعوية دورها، حسبما قال الأستاذ المشارك في قسم التغذية والرياضة والتربية البدنية بجامعة كوبنهاغن الذي قاد هذه الدراسة.
قبل هذا، كانت الأنشطة في الأمعاء عادة ما تُقاس عن طريق عينات البراز ومقارنتها بما يأكله الناس. أما الآن، فإن الكبسولات تتيح لنا فهم التغيرات في بيئة الأمعاء بدقة أكبر.
الكبسولة تعني أنه يمكننا جمع معلومات تساعد في تفسير اختلافات الأفراد في الهضم وامتصاص العناصر الغذائية وأنماط حركة الأمعاء. وهذا يوفر لنا معرفة أكبر بكثير مما كنا نحصل عليه عن طريق أنماط الغذاء وعينات البراز في الماضي.
قد يهمك أيضًا كيف تساعد ميكروبات الأمعاء في محاربة الأمراض؟
بيئة الأمعاء: من المعدة الحمضية إلى الأمعاء الدقيقة القلوية
في رحلتها عبر الجهاز الهضمي، تصل الكبسولات والطعام أولًا إلى المعدة. هنا، يكون الرقم الهيدروجيني للكبسولة منخفضًا للغاية؛ بسبب إفراز حمض المعدة لتفكيك الطعام. ثم ينتقل الطعام والكبسولة إلى الأمعاء الدقيقة، حيث تفرز خلايا الأمعاء البيكربونات القلوية لمعادلة حمض المعدة، وهو المكان الذي يتم فيه امتصاص العناصر الغذائية.
ثم تنتقل الأجزاء المتبقية من الطعام التي يصعب هضمها والكبسولات بعد ذلك إلى الأمعاء الغليظة، حيث تخمر البكتيريا المعوية الطعام، كما تنتج الأحماض الدهنية؛ ما يؤدي إلى انخفاض قيمة الرقم الهيدروجيني في الجزء الأول من القولون. ومع ذلك، مع امتصاص الأحماض الدهنية تدريجيًّا عبر جدار الأمعاء، يتغير نشاط البكتيريا المعوية؛ ما يؤدي إلى زيادة قيمة الرقم الهيدروجيني على طول القولون.
"تسجل الكبسولة جميع هذه التغيرات في قيمة الرقم الهيدروجيني، ويمكننا عن طريقها تقدير الوقت الذي يقضيه الطعام في أجزاء مختلفة من الأمعاء. نعلم أن قيمة الرقم الهيدروجيني هي عامل رئيس في نمو البكتيريا ونشاطها؛ لذلك يمكننا رؤية العلاقة بين بيئة الأمعاء وقيمة الرقم الهيدروجيني وتكوين البكتيريا في الأمعاء ونشاطها، وهذا منطقي تمامًا". "هذا يعني أن بيئة الأمعاء لكل شخص يمكن أن تساعد في تفسير لماذا توجد بكتيريا مختلفة في أمعائنا".
التغذية الشخصية
وفقًا للأستاذ المشارك هنريك روج، فإن هذه المعرفة الجديدة ستكون مفيدة جدًّا في تطوير الإرشادات الغذائية المستقبلية. إذ قال: "تشير نتائجنا إلى أن كل شخص منا فريد، وكذلك أمعاؤنا. فنحن معتادون على الافتراض أننا جميعًا نهضم ونمتص العناصر الغذائية بالطريقة نفسها وبالدرجة ذاتها، لكننا نرى أن الأمر ليس دائمًا كذلك. حيث قدمت دراستنا دليلًا إضافيًّا على أن الأفراد يستجيبون للطعام بطرق مختلفة، وأن الفروق في بيئة الأمعاء قد تؤدي دورًا كبيرًا في ذلك".
تُشير النتائج إلى أن الفسيولوجيا وبيئة الأمعاء تؤديان دورًا مهمًّا في الفروق الفردية في ميكروبيوم الأمعاء البشرية والتمثيل الغذائي.
عن الدراسة
كانت الكبسولات التي ابتلعها 50 مشاركًا بحجم 26 × 13 ملم، إذ تناول المشاركون الكبسولة مع وجبة إفطار موحدة تشمل خبز الجاودار مع الزبدة والمربى وبيضة مسلوقة، وزبادي طبيعي مع المكسرات والتوت الأزرق وكوب من الماء.
أشرفت على الدراسة نيكولا بروتشاكوفا، طالبة الدكتوراه والباحثة ما بعد الدكتوراه في قسم التغذية والرياضة والتربية البدنية بجامعة كوبنهاغن في المدة من 2020 إلى 2024.
ونُشرت الدراسة في مجلة "Nature Microbiology" بعنوان "فسيولوجيا الأمعاء وبيئتها مفسرة التغيرات في تكوين ميكروبيوم الأمعاء البشرية والتمثيل الغذائي". أُجريت هذه الدراسة بالتعاون مع باحثين من كلية الغذاء في جامعة دلفت للتكنولوجيا في هولندا وجامعة لوفان في بلجيكا، وهي جزء من مشروع التحدي PRIMA ("Partnership for Research and Innovation in the Mediterranean Area").
هذه المرة الأولى التي اقراء فيها عن كبسولات الأمعاء
اعتقد أنه مقال رائع جدا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.