ما قيل لك في طفولتك يحدد حياتك الآن.. كيف تكسر القيود؟

كم مرة شعرت أنك عالق في دائرة لا تستطيع الخروج منها؟ تتردد في اتخاذ خطوة جديدة، أو تخاف من الفشل قبل حتى أن تحاول؟ في الواقع كثير من هذه المخاوف ليست منك، بل نتيجة برمجة قديمة تلقيتها من الطفولة دون أن تدرك، كلمات سمعناها من الأهل أو المعلمين أو المجتمع، مثل (لا تحلم كثيرًا)، (الأمان أهم من المغامرة)، (هذا ليس لك) أصبحت جزءًا من تفكيرنا، تحدد اختياراتنا، وتحبسنا في أمكنة لا ننتمي إليها.

لكن الخبر الجيد أن ما لم نختره في الماضي، يمكننا تغييره اليوم بمجرد أن ندرك أن هذه القيود ليست حقيقية، يمكنك استبدال أفكار جديدة بها تدفعك إلى الأمام، لا أحد مسؤول عن تحريرك سوى أنت، حان الوقت لإعادة كتابة قصتك وفق قناعاتك أنت، لا وفق ما زُرع فيك دون وعي.

تخيل أنك تجلس مع صديقك في مقهى هادئ، وبينما تحتسي قهوتك، تلاحظ عليه نظرة حيرة، كأنه غارق في دوامة أفكاره، بعد لحظة صمت يقول لك:

- لا أعرف لماذا أفشل في كل مرة أحاول فيها تحقيق شيء جديد كأنني محكوم بالفشل مسبقًا.

- تسأله: ماذا تعني؟

فيتنهد ويبدأ سرد قصته، يخبرك أنه كلما فكر في التقدم إلى وظيفة جديدة، أو بدء مشروع خاص، أو تجربة شيء قليل مثل تعلّم مهارة جديدة، يشعر كأن صوتًا داخليًا يهمس له:

- لن تنجح، لا تتعب نفسك، الأفضل أن تبقى في مكانك.

يعود بذاكرته إلى طفولته التي كان فيها يسمع عبارات مثل: (لا تحلم كثيرًا)، (ستخيب آمالك)، (لا تغامر)، (قد تخسر كل شيء)، لم يكن يدرك أن هذه الكلمات التي بدت وقتها عادية كانت تبرمج عقله ليصبح شخصًا خائفًا من التغيير، مترددًا أمام الفرص.

لكنه لم يدرك حجم تأثير هذه البرمجة إلا عندما بدأ يلاحظ كيف أن الآخرين حتى الذين لم يكونوا أكثر مهارة منه يتقدمون في حياتهم، في حين هو عالق في مكانه، حينها قرر أن يسأل نفسه بجدية: (لماذا أعيش وفق أفكار لم أخترها؟)، (لماذا أسمح لمخاوف ليست لي أن تتحكم بي؟).

شيئًا فشيئًا بدأ يواجه هذه المعتقدات في أول مرة قرر كسرها، تقدم إلى وظيفة كان يعتقد أنه غير مؤهل لها، ورغم أنه توقع الرفض، لكنه حصل عليها، كانت تلك اللحظة كفيلة بأن تجعله يدرك أن العائق لم يكن العالم من حوله، بل كان في رأسه.

من ذلك اليوم بدأ يتعامل مع كل فكرة سلبية على أنها برنامج قديم يحتاج إلى تحديث عندما يسمع عقله يقول: (لا تستطيع)، فيرد عليه: (ولم لا؟ دعني أجرب).

اليوم، بعد سنوات من الوعي والتغيير يخبرك بابتسامة:أدركت أنني لم أكن مسؤولًا عن البرمجة التي تلقيتها في طفولتي، لكنني مسؤول 100% عن تصحيحها.

ثم ينظر إليك ويسألك: وأنت؟ هل لا تزال تعيش وفق برمجة لم تخترها؟

يترك سؤاله معلقًا بين أفكارك، تنظر حولك، تتذكر مواقفك، تتساءل: كم مرة تراجعت عن خطوة كنت تريدها حقًا؟ كم مرة شعرت أنك غير كافٍ لمجرد أنه يوجد صوت داخلي، ربما ليس صوتك، يخبرك بذلك؟

تمرّ بذاكرتك لحظات قديمة: عندما أخبرك أحدهم أن الرسم ليس مهنة حقيقية فتوقفت عن المحاولة، عندما قالوا لك إن العالم لا يكافئ الحالمين، فبدأت تخاف من الطموح، عندما كنت طفلًا وأرادوا أن يحموك من خيبات الأمل، فزرعوا فيك الخوف بدلًا من الشجاعة.

تستيقظ فجأة على صوت صديقك وهو يسألك: بم تفكر؟

تنظر إليه، وتدرك أنه محق، البرمجة التي تلقيتها في الطفولة لم تكن اختيارك، لكنها ليست قدرًا لا يمكن تغييره، أنت الآن بالغ، لديك وعيك، لديك القدرة على إعادة برمجة نفسك كما تشاء.

تتنفس بعمق، ثم تقول له بابتسامة خفيفة: أعتقد أن الوقت قد حان لأجرب شيئًا جديدًا دون تلك القيود القديمة.

ينهض صديقك، يربت على كتفك ويقول: بالضبط؛ لأننا لم نُخلق لنعيش في قوالب صُنعت لنا، بل لنصنع نحن قصصنا الخاصة.

وتدرك في تلك اللحظة أن حياتك من اليوم لن تكون كما كانت من قبل.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.