الطلاق المنجز هو الذي يقع بشكل منجز وفوري في الحال، كأن يقول الزوج لزوجته "أنت طالق" فالطلاق يقع في هذه الحالة دون أن يثور أي خلاف أو جدال.
ولكن المشكلة تثور بحق إذا كان الطلاق غير منجز، وهو الطلاق الذي يتعلق وقوعه على أمر ما، كأن يقول الزوج لزوجته "أنتِ طالق إذا فعلتِ كذا" أو "أنتِ طالق إذا خرجتِ دون إذني" أو "أنتِ طالق إذا لم تفعلي كذا وكذا".
فما الحكم إذا تحقق فعلًا الأمر المعلق عليه الطلاق؟
الرأي الشرعي
لقد اتجه جمهور الفقه الإسلامي وأئمة المذاهب الأربعة إلى وقوع الطلاق في هذه الحالة، فالطلاق يقع بمجرد تحقق ما تعلق عليه، بغض النظر عن أي اعتبار آخر. فلو قال الزوج لزوجته "أنتِ طالق إذا خرجتِ دون إذني" وخرجت فعلًا دون إذنه فيقع الطلاق في هذه الحالة، نظرًا لتحقق الأمر المعلق عليه.
ولكن اتجه بعض الأئمة ومنهم الإمام ابن تيمية إلى اتجاه آخر مغاير، مفاده هو التعويل على نية الزوج. فالعبرة عندهم تكون بنية الزوج الحقيقية، فإذا كان قاصدًا إيقاع الطلاق فعلًا فيقع، وإذا كان لا يقصد إيقاع الطلاق كأن يكون غرضه هو مجرد حث زوجته على عدم القيام بأمر ما أو مجرد تخويفها فحسب فلا يقع الطلاق.
فعند أصحاب هذا الرأي، لو قال الزوج لزوجته "أنتِ طالق إذا خرجتِ دون استئذاني" وخرجت فعلًا دون استئذانه، فنفرق بين أمرين، إذا كان الزوج قاصدًا فعلًا إيقاع الطلاق، فيقع حينئذ، أما إذا كانت نيته هي مجرد التهديد والتخويف لا أكثر، فلا يقع الطلاق في هذه الحالة، لعدم وجود نية طلاق حقيقية لدى الزوج.
وذلك على سند من القول إن الطلاق المعلق والمقصود منه مجرد حث الزوجة على القيام أو عدم القيام بشيء ما، يكون فيه معنى اليمين، والطلاق لم يُشرع يمينًا، ويكون على الزوج فقط كفارة اليمين.
الحكم القانوني للطلاق غير المنجز
إن المشرع المصري أخذ بهذا الرأي الأخير، حيث ينص في المادة (2) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929: "لا يقع الطلاق غير المنجز إذا قُصد به الحمل على فعل شيء أو تركه لا غير".
وكذلك حكمت محكمة النقض المصرية بـ "تعليق الطلاق الذي لا يُقصد به سوى التخويف أو الحمل على فعل شيء أو تركه، واعتباره في معنى اليمين ولا يقع به طلاقًا".
والخلاصة أن جمهور الفقه الإسلامي قضى بوقوع الطلاق في حالة تعلقه على أمر ما، إذا ما تحقق هذا الأمر المعلق عليه فعلًا. في حين ذهب رأي وهو ما أخذ به المشرع المصري بوقوع الطلاق المعلق فقط إذا كان الزوج قاصدًا إيقاعه.
بمعنى أنهم فرقوا بين أمرين، إذا كان الزوج قاصدًا الطلاق فعلًا فيقع، وإذا كانت نيته وقصده لم يتجها إلى إيقاع الطلاق فلا يقع.
المرجع
دكتور عبد العزيز رمضان سمك، الفُرق بين الزوجين في الفقه الإسلامي والقانون المصري، 2019/2018، دار النهضة العربية، ص 63 وما بعدها.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.