كنت لي بيت آوي إليه من عتمة الزمان، ومن جور الحكم وقسوة الظلام.
آلام السودان
أوهام داخل أوهام أراها تأخذني لبعيد بعيد، أراك حلماً لن يتحقق، أراك نوراً لن يشع مرة أخرى، أراك ورداً اجتُث من مكانه ليزرع مكانه أشواك، أشواك من عذاب وبحر من الأضغان، أراك تغرقني في دمي، وتحكم عليّ بالعصيان.
ما بالك تغيرت وتغيرت ضحكتك لتصبح سفاكاً لدماء أبنائك وسفاكاً لبناء أحلامك وسفاكاً لزرع طال انتظار حصاده وقد عجلت عليه بالهلاك؟ ما بالك تغيرت مشيتك تغير مجرى المياه فأصبحت ضحلة؟
ما بالك يا سودان!
لقد تغير كل شيء حتى الشعاع أصبح سيفاً يقطع الأحلام، أضحيت شعلة من حقد ومن بغض وكره وعذاب تلونت أعلامه بلون الكذب، وتبدلت أفكاره بأفكار عقيمة، وتغيرت أعراقه العظيمة.
ما بالك يا سودان أنهيت الحرب وبدأت حرباً من جديد؟ حرباً تقوم عليّ مقام الجهل فكلنا عبيد، ما بالك كسرت مجاديف الحياة؟ أعزمت علي حياة جديدة أم الحياة عزمت عليك؟
أتقتل أبناءك لتحصل على لقب السفاح؟ أتهدم قصورك ليُقال عنك غاوٍ أم أنك فعلاً غويت؟ أتشهر في وجهنا السيف لتروي للكون عنا قصة جديدة؟ قصةً مسطرةً مكتوبة بأقلام بعت شرفها لتكسب القضية؟
أتلعب لعبة كانت بيادقها وجنودها هي الحمية؟ أتكسر رقماً عد عشراً وعشراً وعشراً ليجعل منك دالة أسية؟ هل تسيء لمن أحسن إليك أم الإحسان في زمننا قد انتهى؟ كيف تجعل منا أقواماً دون هوية؟ أقواماً يعيشون كذباً ويأكلون كذباً ويسمعون كذباً ويعيشون، نعم يعيشون.
كيف تجعل من نسائك باكيات ومن بناتك خائفات؟ كيف تجعل أبناءك عبيداً لغيرك، بل كيف تجعل رجالك أسوداً مكبلة وهل للأسود أن تكبل؟ كيف تجعل منا نصاً مكتوباً بلغة غير مفهومة؟ كيف تخطو خطوة قبل أن تشير إلينا بأصبع البنان؟ كيف تقسو علينا وتزرع في قلوبنا شراً وخذلاناً؟
خاطرة عن السودان ونيله
كيف تكمم أفواهنا لنسمع كلاماً ملقناً، كلاماً مشبعاً بالقتل والإعدام؟
قل لي ما بالك؟
ها هو النيل يبكي بحرقة يودع ديارنا مسالماً، وها هي البيوت تشكو وقوعها وتكتم آلاماً، ها هي الأشجار ترثُى ويُرفع مع الطيور العزاء، ها هي الجبال تثور بقوة لتغطي دماءنا، ها هي الصحارى تنادي للسلام، حتى السحاب يدنو ليسألك ما بك يا سودان؟
تبكي.. وهل للرجال أن يبكوا؟ ما بالك تبكي بفجيعة؟ هل هو كلامي قد أثر فيك أم أنك سمعت صوت طفلك يبكي فبكيت؟ ألم تقل أنك حُر؟ ألم تقل أنك لا تهتم؟ ما بالك يا سودان؟
Jun 29, 2022
ابداع في الكتابة ما شاء الله ...
بتعيش مع القصة
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.