مرحلة المراهقة من أهم وأخطر المراحل في حياة أي شخص، إذ يعاني الوالدان والابن أو الابنة على حد سواء خلال هذه المرحلة؛ فالوالدان يشكوان سوء خلق الابن أو الابنة وتجاوز الحد وعدم الاستماع للنصائح، وفي المقابل، يشكو الأبناء سيطرة الآباء والأمهات ومحاولة التحكم في أقوالهم وتصرفاتهم وعدم ترك المجال أمامهم للتعبير عن أنفسهم، مع الإصرار على النظر إليهم على أنهم ما زالوا أطفالًا صغارًا.
هذا المقال يناقش تحديات مرحلة المراهقة وتأثيرها على العلاقة بين الوالدين والأبناء، موضحًا الفرق بين التمرد في الثقافات الغربية والترابط الأسري في العالم العربي، مع تسليط الضوء على أهمية التربية السليمة وأثرها في بناء شخصية متزنة.
المراهق في بلاد العرب
من نعم الله على عباده في منطقتنا العربية، أن للأسرة مكانة كبيرة اجتماعيًّا ودينيًّا، فتجدها مترابطة، يسود بين أفرادها المودة والرحمة، قلوبهم على قلب رجل واحد، على عكس الغرب؛ فالمراهقة في الغرب تعني التمرد والانفكاك عن سيطرة الوالدين، فيحدث الانفصال والانفصام ما بين الطرفين، الوالدين والأبناء.
في كتابه "المراهقة" يقول الدكتور "دي بيس" المتخصص في علم النفس التربوي: "حين يكبر الأطفال في بلادنا فلا بد أن يظهر التمرد بصورة حتمية أو شاملة، وعلى الآباء والأمهات أن يدركوا هذه الناحية، ويتعاملوا مع أولادهم على أساس قبولهم بهذا الأمر والتسليم به، فالنمو يعني التمرد".
أما في بلادنا العربية والإسلامية، فإن العلاقة بين الطرفين تقوم على الإحسان للوالدين ولا سيما الأم، والرحمة بالصغار، فينشأون على حب والديهم وإظهار المحبة والتقدير لهما، وقلما تجد متنكرًا لفضلهما أو متجاوزًا لحدوده معهما. وإن حدث، فهؤلاء بمنزلة خارجين عن الأخلاق والأدب، بالضبط مثل الخارجين عن القانون، يبغضهم القريب والبعيد.
لقد حثت الأديان السماوية جميعًا على الإحسان إلى الوالدين، لا سيما عندما يكبرون، حتى إن الدين الإسلامي جعل الجنة تحت أقدام الأمهات، بل وجعل برهما في المرتبة التالية لعبادة الله وإظهار العبودية له.
التربية السليمة
هذا في الوضع السليم الصحيح، عندما تقوم الأسرة بدورها المنوط بها في تربية الأبناء وتقويم سلوكياتهم الخاطئة بأساليب العقاب والرد المناسبة، بعيدًا عن الضرب والإهانة التي تشعر الطفل بالدونية، وتهز ثقته بنفسه، وتخرج في النهاية عضوًا في المجتمع ضعيف الشخصية. أما الحاصل الآن، فهو يظهر حجم التقصير من قبل الوالدين في تربية الأبناء، وإهمال تربيتهما، وتركهم لأصدقاء السوء ووسائل الإعلام المختلفة لكي تربيهم عوضًا عنهم، فكانت النتيجة سوء الأدب والأخلاق، والتشبه بالغرب فيما لا ينفع.
جحود الأبناء
هذه الفئة من الأبناء المتحللين من كل قيم الوفاء وحفظ الجميل لوالديهم، وما قدماه من أجله منذ أن كان جنينًا في بطن أمه حتى لحظة ميلاده، ومكابدة الآلام وسهر الليالي من أجل راحته وسعادته، غالبًا ما يكون التقصير بحقهم عندما كانوا صغارًا. فلم تحسن تربيته بالشكل الكافي لأن ينشأ طفلًا سويًّا بارًا بوالديه، أو أنهما أقاما علاقتهما بأطفالهم على أساس التمييز.
ناديته فلم يجبني.. ماذا أفعل؟
تشكو إحدى الأمهات أنها تعاني عند إيقاظ ابنها المراهق من النوم من أجل الذهاب إلى المدرسة كل صباح. فماذا تفعل لكي تجعل من إيقاظه عملية سهلة غير متعبة؟
نقول لهذه الأم: يكفي أن تناديه مرة واحدة، وأن تتحققي فعلًا من أنه قد سمعك، وبعدها اتركي له أمر النهوض من على سريره. المشكلة هنا أن الأمهات يكن أحرص من الأبناء على مصلحتهم وعدم تعرضهم للعقاب إذا ما ذهب متأخرًا إلى المدرسة، والأفضل أن تتركه يواجه مصيره بنفسه، لكي يصحح خطأه. هذا يعني أن نربي الطفل منذ الصغر على تحمل المسؤولية، وتحمل نتائج اختياراته.
وأنتم، أعزائي القراء من الآباء والأمهات، شاركونا آراءكم في تربية أطفالكم المراهقين من واقع تجربتكم في التعليقات أسفل هذه المقالة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.