قد يتساءل البعض عن وجود علاقة بين جنسية الأم أو الطفل وقوة التوحد لدى المصابين به، في هذه المقالة سوف نجيب عن هذا التساؤل بحكم التجربة والخبرة في علاج حالات طيف التوحد وتأهيلها من مختلف الجنسيات.
يرى الدكتور أحمد عبد الخالق اختصاصي تأهيل حالات طيف التوحد من واقع خبرة وصلت إلى 25 عامًا في العمل على علاج حالات طيف التوحد وتأهيلها من مختلف الجنسيات أن جنسية الأم علامة فارقة فرقًا كبيرًا في قوة حالة طيف التوحد لدى الأطفال المصابين به.
حالات التوحد في السودان
يوجد كذلك عدد من المفارقات الغريبة المرتبطة بهذه النقطة، منها على سبيل المثال أن غالب حالات الإصابة بطيف التوحد في دولة مثل السودان من الحالات السهلة والسريعة في التأهيل والعلاج.
قد يعود ذلك إلى طبيعة الشعب السوداني نفسه، فهو شعب طيب ودود على الفطرة، لذا معظم الحالات التوحدية يسهل التعامل معها كون الطفل مطيعًا للأوامر، وينفذ التعليمات، ولا يعاني العناد على غرار أطفال آخرين مصابين بطيف التوحد.
المفارقة في ذلك أن الأمهات السودانيات تحديدًا أكثر طيبة من الأطفال، فالأم السودانية لا تحتمل بكاء طفلها للحصول على شيء ما، ما يدفعها إلى الاستجابة إلى طلباته، لذلك يبدو الطفل السوداني أكثر تحكمًا وسيطرة على والدته من أي طفل آخر، وهو أمر غير صحي في مرحلة العلاج والتأهيل.
في حالات التوحد يجب أن تكون الأم هي المسيطرة، وليس العكس، وذلك حتى يستجيب الطفل إلى الأوامر التي تعدّ الخطوة الأولى في العلاج والتأهيل؛ لذلك على الرغم سهولة من حالات طيف التوحد بين الأطفال السودانيين لكن النتائج لا تكون على هذا القدر نفسه؛ لسيطرة الطفل في غالب الأحيان على الأم.
من الأمور التي يجب أن تكون واضحة لأمهات أطفال طيف التوحد تحديدًا أن أكثر من 90% من العلاج والتأهيل بيد الأم بعدّها الأكثر التصاقًا بالطفل؛ لذلك إن لم تكن مسيطرة على طفلها، فإن نتائج التأهيل ستكون ضعيفة.
طفل التوحد عنيد، ويرغب في فعل ما يحلو له، ويفضل البقاء داخل حالة التوحد التي يعيش فيها، لذا يحتاج إلى شخصية قوية من الأمهات، أكثر إصرارًا منه على الخروج من هذه الحالة إلى التفاعل مع الآخرين، والاستجابة إلى الأوامر.
الأطفال الأكراد والأمازيغ.. حالة خاصة
في المقابل من أطفال طيف التوحد السودانيين، نجد أن الأطفال الأمازيغ والأكراد على درجة كبيرة من العناد والتمسك بالرأي حتى إن البعض يطلق عليهم لقب (الحصان الجامح) من فرط قوتهم وعنادهم في أثناء الجلسات.
المعركة الحقيقية هي: هل الأمهات على القدر نفسه من القوة، فيمكنها السيطرة على طفلها المتوحد أم لا؟
لا ننكر دور البيئة التي نشأ بها هؤلاء الأطفال، سواء البيئة الكردية أم الأمازيغية، فالقواسم المشتركة من الحياة الصعبة، والحروب والصراعات التي لا تتوقف سواء عند الأمازيغ أم الأكراد؛ لذا تعد البيئة التي ينشأ فيها الطفل صعبة، سواء كانت في مناطق جبلية أم صحراوية أم ساحلية، فالسكان يشعرون بالمعاناة في الحصول على الخدمات الأساسية خاصة الأطفال.
غالب هذه المناطق تعاني التهميش والفقر والبطالة ونقص الخدمات، وعلى رأسها التعليم والرعاية الصحية، فعدد من الأطفال في هذه البيئات لا يتلقون التعليم، ولا يلتحقون بالمدارس.
الحروب والصراعات المسلحة في هذه المناطق لها تأثير كبير في نفسية الأطفال، فيصاب غالبهم بالصدمات النفسية من جراء الأهوال التي يعيشها ويراها، فالحروب مستمرة، والأزمات الإنسانية نزيف لا يتوقف، تشهد بذلك غالب مناطق الأكراد على سبيل المثال في وطننا العربي.
إذن، الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، والصراعات والحروب التي لا تتوقف، والتهميش الثقافي والسياسي، كلها قواسم مشتركة بين الأمازيغ والأكراد، تطبع شخصية أطفالهم بسمات وخصائص مميزة عن غيرهم من الأطفال.
يزداد الأمر سوءًا إذا كانت جنسية الأم مختلفة عن جنسية الأب، كأن يكون الأب كرديًا والأم من جنسية أخرى، لا شك أنها ستعاني كثيرًا في التعامل مع طفلها المتوحد، وتدريبه على طاعة الأوامر وتنفيذ ما يطلب منه، فالمعركة بينهما في النهاية معركة سيطرة، من منهما ينجح في فرض سيطرته على الطرف الآخر.
لذلك عند وضع خطة العلاج والتأهيل لمثل هذه الحالات، غالبًا ما تأخذ وقتًا أطول مقارنة بالأطفال العاديين، نظرًا للسمات الشخصية التي يتميز بها هؤلاء الأطفال.
يشيد الدكتور أحمد عبد الخالق اختصاصي تأهيل حالات التوحد من واقع خبرته الطويلة في علاج وتأهيل حالات طيف التوحد بالأمهات من دول الجزائر والعراق وسوريا واليمن، فهن يلتزمن بتنفيذ الأهداف التي يضعها الأخصائيون.
توجد بلدان أخرى تحكمهم العاطفة أكثر، على غرار دولتي مصر وتونس، فالأمهات يخشين على أطفالهن، ولا يحتملن بكاءه أو صراخه، وهذه نوعية ثالثة من الأمهات.
وأنتم أعزائي القراء من الآباء والأمهات، شاركونا آراءكم في التعليقات أسفل هذه المقالة فيما ورد فيها بشأن تأثير جنسية الأم في قوة التوحد لدى الأطفال المصابين به.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.