كثيرة هي الشكاوى التي ترد من الوالدين بشأن النزعة العدوانية والسلوك العنيف لدى أحد الأبناء تجاه إخوته أو أقرانه في الشارع أو المدرسة أو النادي، أو قد يخرب بعض الأشياء داخل البيت، أو تصدر منه ألفاظًا بذيئة غير معتاد سماعها داخل البيت، ما يصيب الوالدين بالصدمة والذهول، ولا يعرفان طريقة الحل لهذه المشكلات.
مفهوم العدوانية
العدوانية هي إلحاق الأذى أو الضرر بآخرين سواء كان بطريقة لفظية كالسباب والشتائم، أو بطريقة جسدية كالاعتداء بالضرب والركل، وقد تكون بنظرة استحقار أو استهزاء أو تقليل من آخرين.
أسباب العدوانية عند الطفل
حقيقة ليس الوالدين فقط من يقعان في الحيرة بسبب السلوكات العدوانية التي تظهر لدى طفلهما، وإنما أيضًا المتخصصين في مجال التربية في الأسباب التي من شأنها أن تدفع الطفل لهذه السلوكات العنيفة تجاه المحيطين به أو الممتلكات داخل البيت، لا سيما في ظل تنامي هذه المشكلة بين الأطفال في السنوات الأخيرة، وإن كانت تختلف من بيئة إلى أخرى.
غير أنه يوجد شبه اتفاق على أن الطفل الذي ينشأ في أسرة محافظة يسودها الهدوء والاحترام بين أفرادها، وتشبع حاجاته الفسيولوجية والنفسية والعاطفية، فإن هذا الطفل ينشأ أكثر انضباطًا واحترامًا لنفسه ولغيره.
وما يتفق عليه أيضًا أن النزعة العدوانية مكتسبة من البيئة التي يولد بها الطفل ويترعرع فيها، سواء في البيت أم النادي أم الشارع أم وسائل التواصل الاجتماعي، أم الشاشات بأنواعها.
قد تكون النزعة العدوانية لدى الطفل متوارثة عن الآباء والأجداد، وقد تكون بسبب اعتلال في الجهاز العصبي للطفل.
مظاهر السلوك العدواني
توجد علامات للسلوك العدواني عند الأطفال تظهر في مظاهر عدة منها:
الاعتداء الجسدي
أبرز مظاهر النزعة العدوانية عند الطفل تتمثل في إيذاء نفسه أو إيذاء الآخرين، سواء لفظيًا أم بدنيًا، وقد يأخذ الإيذاء البدني صورًا مختلفة، كالعض أو الرفس أو الدفع الشديد أو ضرب الوجه، وقد يتجاوز كل ما سبق ويصل لدرجة الاعتداء بآلات حادة، وفي بعض المجتمعات الغربية والمناطق الشعبية.
وللأسف توجد بعض الأعمال الدرامية التي تشجع الأطفال على البلطجة والاعتداء على الآخرين باستخدام السلاح الأبيض أو السلاح الناري، ويتصدر هؤلاء على أنهم أبطال وأساطير، وهم في الحقيقة يهدمون بناء المجتمع لبنة لبنة.
الاعتداء اللفظي
قد يأخذ العدوان شكل الكلام البذيء والسباب والشتائم والوصف بأوصاف لا تليق، للأسف بعض الآباء والأمهات يفرحون عندما يسب طفله أحد أقاربه، بل إنه قد يدفعه إلى سب وشتم الآخرين، ويضحكون عندما يفعل الطفل هذه السلوكيات الخاطئة. هذه السلوكات تظهر بقوة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل والتخلف والأمية؛ مثل: المناطق الشعبية في مصر.
يوجد نوع آخر من العدوان، كأن يتجاهل الطفل المصافحة باليد، أو رد السلام على زميله، أو حين ينظر إليه بسخرية واستهزاء أو استخفاف، أو نقل كلام من شأنه يأن يوقع العداوة والبغضاء بين الزملاء، للأسف هذا النوع من الأذى يكون أشد خطرًا من الضرب أو الإهانة اللفظية، وكثيرًا ما يظهر هذا النوع من العدوان مشاعر الأسرة التي نشأ فيها الطفل العدواني.
التخريب وتدمير الممتلكات
قد يأخذ السلوك العدواني للطفل مظهرًا آخر يتمثل في تخريب متعمد للأشياء داخل المنزل، فهو يكسر الأكواب الزجاجية ويبعثر كل ما تصل إليه يده، ولا يبالي بسكب المياه أو الطعام على السجاد.
السؤال: ما الذي يجعل الطفل عدوانيًا؟
التربية القاسية
التربية القاسية من أهم الأسباب التي تخرج طفلًا عدوانيًا، شتان بين البيت الذي يسوده الهدوء والاحترام ولغة الحوار، وبين بيت آخر يسوده الصوت المرتفع والخلافات المتواصلة بين الزوجين، والضرب والإهانة للأبناء والزوجة.
التربية القاسية من شأنها أن تنمي لدى الطفل السلوك العدواني وممارسته مع الآخرين وسيلة للحصول على حقه، أو التعبير عن نفسه، وعندما يفشل في إيذاء من ألحقوا الأذى به قد يحاول تفريغ هذه الشحنة العدوانية التي داخله على أقرب الناس إليه، إخوته الصغار أو زملائه في الفصل أو أبناء الجيران.
ضيق مساحة المسكن وعدم إتاحة الفرصة أمام الأطفال للعب وتفريغ الطاقة داخلهم من شأنها أن تزيد السلوك العدواني لدى الطفل، وهذه المشكلة موجودة بكثرة بين الأسر الفقيرة.
الشعور بالنقص
يلجأ الطفل إلى السلوك العدواني كنوع من التعويض لشعوره بالنقص أو الدونية، فيحاول عبر إيذاء الآخرين لفت أنظار المحيطين بأنه قادر على إثارة المشاعر وجذب الانتباه، وكأنه يقول: أنا هنا.. انظروا إليّ.
التعرض للشاشات
تعرض الطفل للشاشات بأنواعها ومشاهدة المحتوى العنيف سواء الكرتون أم الألعاب أم الدراما، من شأنه أن يدفع الطفل إلى تقليد ما يراه على الشاشة مع الزملاء والأقارب والإخوة داخل البيت، وهو ما يحتم على الوالدين ضرورة متابعة ومراقبة ما يشاهده الأبناء على الشاشات.
الخلاصة
يكتسب الطفل السلوك العدواني من البيئة التي يعيش فيها الطفل، بدءًا من البيت فالشارع فالمدرسة، وصولًا لوسائل الإعلام المختلفة، والشاشات بأنواعها، لا سيما الألعاب الإلكترونية العنيفة والأعمال الدرامية التي تروج للعنف وإظهار أعمال البلطجة على أنها بطولة وأسطورة، وبهذا تقع مسؤولية الآباء في مراقبة ما يشاهده الأبناء عبر هذه الشاشات.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.