ما الذكاء العاطفي؟ وهل يستحق كل هذا الاهتمام؟

هل سبق لك أن قابلت شخصًا سواءً في المدرسة أو الجامعة أو العمل، ويكون شخصًا مختلفًا عن الجميع؟

إنه ذلك الشخص الذي يمكنه الاستماع إليك دائمًا حينما لا تربطك علاقة مقربة به، تجده يظل ينصت إليك حتى لو كان موقفك المزعج عاديًا، إذا تحدث إليك؛ يعرف تمامًا ماذا عليه أن يقول، وما ليس عليه قوله.

مؤكد أنك شعرت بحال أفضل في كل مرة بعد التحدث مع مثل هذا الشخص والاستماع إليه.

إذن ما سرُّ هذا الشخص من بين جميع الأشخاص؟

اقرأ أيضًا أهمية الذكاء العاطفي في حياتنا اليومية

ما الذكاء العاطفي؟

هل تصدِّق إذا قلت لك إنها العاطفة؟

نعم إنها عاطفته الفريدة، ليست مهارة خارقة أو صفة عجيبة ولِدَت معه، بل إنها قدرته على إدراك شعورك ومشاعر الآخرين وفهمها على نحو جيد، ثم استخدام هذه المعلومات العاطفية لتوجيه تفكيرك وتصرفاتك.

تسمى هذه الصفة بالذكاء العاطفي، وهو غالبًا القدرة على إدراك، وفهم، وإدارة، وتحليل، واستخدام، والتعامل مع العواطف والأحاسيس، والتمييز بين المشاعر المختلفة بدقة!

ظهر هذا المصطلح أول مرة في الستينيات، وحصل على شهرة واسعة في التسعينيات؛ في الكتاب الأكثر مبيعًا في عام 1995، الذكاء العاطفي، من تأليف صحفي العلوم دانيال غولمان.

اقرأ أيضًا علم الذكاء العاطفي.. كيف يمكن للذكاء العاطفي تحسين حياتك الشخصية والمهنية؟

عناصر الذكاء العاطفي

عرَّف غولمان الذكاء العاطفي على أنه مجموعة من المهارات والخصائص التي تحرك أداءك في القيادة، تتمثل هذه العناصر فيما يلي:

الوعي بالذات

عندما يكون الذكاء العاطفي مرتفعًا لديك، سوف تكون أكثر وعيًا واستيعابًا لنفسك، يمكنك فهم أي شعور يراودك بإتقان.

لن تسمح لعواطفك بالسيطرة عليك أو لمشاعرك بالخروج عن السيطرة، واثق جدًا بنفسك، بحدسك، صادق مع نفسك، تدرك نقاط قوتك وأماكن ضعفك، تسعى جاهدًا لتحقيق أداء أفضل.

التنظيم الذاتي

لديك قدرة على التحكم في مشاعرك والسيطرة عليها جيدًا، إنها مهارة التحكم في الذات، حيث لن تسمح لنفسك بالشعور بالغضب الشديد أو الإهانة الشديدة.

لن تتخذ قرارات متسرِّعة، سوف تفكر جيدًا قبل التصرف في أي موقف يواجهك.

توجد صفات ترتبط بمهارة التنظيم الذاتي أذكرها فيما يلي:

· التفكير العميق.

· الاندماج بسرعة مع الظروف.

· النزاهة.

· القدرة على الرفض بطريقة مهذبة وواضحة.

الحماس والتحفيز

بسبب ذكائك العاطفي العالي سوف تكون عادة متفائلًا، تنظر دائمًا للجانب المشرق في الأمور، تبحث عن فرص للنمو، صاحب إنتاجية عالية، تحقق أهدافك بفاعلية وكفاءة.

التعاطف

قد تكون أهم خاصيَّة من خصائص الذكاء العاطفي، إنها القدرة على الوقوف في مكان الآخر، كما لو أنك في مكانه؛ تقدير وجهة نَظَره، ورغْبته، وإدراك احتياجاتِه.

إذا حصلت على هذه القدرة سوف تكون بارعًا في فهم شعور الآخرين حتى لو كانت مشاعره غير واضحة، لن تلقي الأحكام بسرعة على الشخص الواقف أمامك، ويمكنك أيضًا أن تكون متواضعًا ومنفتحًا للغاية.

الذكاء الاجتماعي

يمكنك بسهولة بناء أي علاقة أو رابطة، والحفاظ عليها طويلًا، أنت مصدر للتحفيز، يمكن لأي شخص التحدث معك بأريحية، بإمكانك الاندماج أو العمل مع فريق ببراعة، لديك مهارات تواصل متميزة.

اقرأ أيضًا كيف تؤثر مهارات الذكاء العاطفي على زيادة نجاح العلاقة الزوجية

تاريخ بداية المعرفة بالذكاء العاطفي

يعود أول عمل على الذكاء العاطفي إلى تشارلز داروين، حينما تحدث عن أهمية الجانب العاطفي لبقاء الإنسان، على الرغم من أن أغلب التعريفات لهذا الذكاء ركَّزت في البداية على الجانب المعرفي مثل الذاكرة وحل المشكلات، ثم بدأ كثير من الباحثين في هذا المجال بالاعتراف بأهمية الجوانب العاطفية دون الجوانب المعرفية.

على سبيل المثال، ابتكر ثورندايك في عشرينييات القرن الماضي مصطلح "الذكاء الاجتماعي" من أجل وصف مهارة فهم وإدارة الآخرين، وفي الأربعينيات تناول ديفيد كسلر المهارات غير الفكرية بالمتعلقة بالسلوك الذكي.

ثم أشار إلى أن نموذجنا للذكاء سيكون ناقصًا ما لم نأخذ كل هذه الأمور بعين الاعتبار، أتى هاورد جاردنر في عام 1983 لتقديم نظرية حول الذكاء المتعدد، ووضح أهمية التنوع في القدرات الذهنية.

اقرأ أيضًا ملخص كتاب الذكاء العاطفي.. تعرف إليه الآن

تأثيرات وارتباطات إيجابية عامة

تشير مراجعة سنوية عام 2008 لعلم النفس Annual Review of Psychology إلى أن الذكاء العاطفي العالي يرتبط ارتباطًا إيجابيًا بعدة جوانب مهمة:

علاقات اجتماعية أفضل للأطفال

يُظهر الذكاء العاطفي بين الأطفال والمراهقين ارتباطًا إيجابيًا بالتفاعلات الاجتماعية والعلاقات الجيدة، ويظهر ارتباطًا سلبيًا بالسلوكيات المنحرفة عن الأعراف الاجتماعية والمشكلات السلوكية، كما أشار الأطفال وأسرهم ومعلموهم.

علاقات اجتماعية أفضل للبالغين

يُلاحظ أن الأفراد البالغين ذوي الذكاء العاطفي العالي يتمتعون بإدراك أفضل لقدراتهم الاجتماعية، وعلاقات شخصية أكثر نجاحًا، مع عدوان قليل ومشكلات أقل.

تحصيل أكاديمي أفضل

يرتبط الذكاء العاطفي بتحصيل أكاديمي أعلى وفقًا لتقارير المعلمين.

رفاهية نفسية أفضل

يظهر الذكاء العاطفي ارتباطًا إيجابيًا بزيادة الرضا عن الحياة، وتعزيز احترام الذات، وانخفاض مستويات القلق والاكتئاب.

اقرأ أيضًا الذكاء العاطفى

الذكاء العاطفي ونجاح الحياة الزوجية

الذكاء العاطفي لا يقتصر فقط على الحياة المهنية أو الاجتماعية، بل يشمل أيضًا الطريقة التي نتعامل بها مع العواطف والمشاعر في العلاقات بين الشريكين، سواء قبل الزواج أو بعده.

لقد أظهرت الدراسات أن الأزواج السعداء ليسوا بالضرورة أذكى أو أغنى أو أكثر ثقافة من الأزواج التعساء، ولا يحتاجون إلى أن يكونوا متخصصين في علم النفس أو مهارات التواصل أو تقنيات التفاوض.

بل هم يواجهون النقاشات والخلافات مثل أي زوجين آخرين، ولكن ما يميزهم هو امتلاكهم لذكاء عاطفي يساعدهم في بناء بيئة إيجابية في علاقتهم، حيث يتمكنون من السيطرة على المشاعر السلبية، ولا يسمحون لها بالتأثير في علاقتهم، ما يعزز قدرتهم على الاستمتاع باللحظات المشتركة، ويحفزهم على البقاء معًا.

من الضروري أن نكون صادقين في التعبير عن رغباتنا واحتياجاتنا أمام الشريك، وأن نقدم له أفضل ما لدينا من مشاعر وأفكار وأعمال إيجابية.

ويجب أيضًا أن نعطي العلاقة ما تستحقه من انتباه واهتمام مستمر، سواء في الأوقات الجيدة أو الصعبة، وأن نتذكر دائمًا المواقف المميزة التي تعزز الروابط بيننا. 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

استمري اختي عذبه
لاجف قلمك
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة